نحن على أعقاب رفع سعر فائدة جديد يتخذه البنك الاحتياطي الفيدرالي للسيطرة على التضخم الاقتصادي في البلاد، فما العلاقة بين كل من المفهومين، وما التأثيرات التي تحدث على المستهلكين والمستثمرين وتباعاً أسواق الأوراق المالية؟ هذا ما سوف نعرفه خلال هذا المقال.
لماذا يلجأ الفيدرالي لرفع سعر الفائدة؟
يلجأ البنك المركزي الاقتصادي الأول في أميركا إلى رفع سعر الفائدة لمواجهة ظاهرة التضخم التي تحدث في البلاد لذا كانت القرارات بشأن الزيادات الأخيرة إبان هذا العام، والسبب محاولة السيطرة على الاقتصاد وعدم حدوث الركود ومنح المستهلكين الفرصة للاحتفاظ بأموالهم بداخل حسابات التوفير وتوفير أكبر قدر من المدخرات.
ويؤثر هذا بالطبع على الشركات والمستثمرين وما يحققونه سنوياً من أرباح وايضا على بطاقات الائتمان والرهون العقارية والحسابات المصرفية حيث أن إجراء التغييرات في أسعار الفائدة يؤدي حتماً إلى التأثير في الوضع الاقتصادي ليس فقط في الولايات المتحدة وإنما في جميع أنحاء العالم.
اقرأ أيضاً
تأثير رفع سعر الفائدة على الشركات
تُصاب الشركات برفع سعر الفائدة حيث انخفاض الطلب على الائتمان وتحول المستهلكين إلى سياسة الإدخار بدلاً من الإنفاق وبالتالي الاستغناء عن السلع والخدمات غير الضرورية بالنسبة لهم لذا تتبع الشركات استراتيجيات لهيكلة خطة الصرف وتوفير النفقات محاولة تحقيق المزيد من الإيرادات، ليكن أول ما تفكر به هو تسريح العمال والموظفين أو التخلص من العمالة غير الضرورية بالنسبة لها، وبالتالي يتضرر قطاع كبير من الأسر المعتمد دخلهم على عوائلهم.
وقد تؤثر أسعار الفائدة وارتفاعها في رغبة المستثمرين لبدء أنشطة تجارية جديدة أو زيادة عدد أفرع شركاتهم، فإي قرار استثماري في هذه الفترة يتم دراسته بعناية فائقة وفيما يخص الشركات التي تسعى إلى تمويل فقد ينتهي بها الأمر بالحصول على قروض إضافية مرتفعة الفائدة وبالتالي تزيد أعبائها من الديون.
ولمواكبة هذه الظروف تطرح الشركات والمؤسسات التجارية سياسات الخصومات والتخفيضات والهدايا المجانية لجذب المزيد من المستهلكين لشراء سلعهم حيث أن تخفيض السعر يمثل علامة لافتة للراغب وغير الراغب في شراء السلعة.
ويؤثر هذا على الأسواق المالية والأسهم والسندات الخاصة بالشركات، ولكن رفع الفائدة ربما يكون مفيداً في السندات عن الأسهم لطرح الجديد منها ومن ثم جذب انتباه البعض لشراء الجديد والتخلي عن القديم المنخفض سعره بعكس الأسهم التي ربما تنخفض قيمتها مع رفع سعر الفائدة.
تأثير رفع سعر الفائدة على المواطنين
ربما يكون التأثير الأكبر في اتخاذ البنوك حول العالم إجراءاتها الخاصة برفع سعر الفائدة على مدخرات المواطنين كي تواكب ما قرره الفيدرالي الأمريكي، وبالتالي يكون لوضع الأموال في البنوك قيمة استثمارية نسبية تُحدث فرقاً على المُدخرات.
ولكن الفائدة الأكبر في الوعي الاقتصادي الذي يتبعه بعض الأشخاص عند شراء السلع أو الحصول على الخدمات، فتكون الأولوية في الشراء لما يحتاجونه فقط وليس ما يشعرون بالسعادة عند الحصول عليه، وبالتالي تقل النفقات ويستطيعون التعامل طبقاً لخطة مالية واضحة ومن ثم التعامل بقوة مع الظروف الطارئة عالمياً مثل الارتفاع في أسعار الفائدة.
حلول للتغلب على رفع سعر الفائدة
ثمة مجموعة من الحلول والطرق للتغلب على ارتفاع سعر الفائدة ومنها:
- النظر إلى الدخل بترقب: فمن الجيد أن ينظر الشخص إلى كل مدخراته ومصروفاته ويعلم جيداً كيفية إدارتها تحسباً للظروف التي من الممكن أن تشكل عقبات مالية في المستقبل، لذا فعليه وضع خطة تناسب إنفاقه والأولويات من هذه الإنفاقات وعدم المبالغة في الصرف على الأشياء غير الضرورية.
- اختيار التوقيت: لأن دراسة الموارد المالية أمراً ضرورياً سواء كان هذا في الإدخار أو الاستثمار أو في الإنفاق لذا فإن مساعدة المستشار المالي أمراً يساعد على وضع خطة صحيحة وتوقيت محدد لكل أمر سواء كان استثمار أو إنفاق.
- تقييم العروض: فعلى مستوى الأفراد لا يلزم زيادة المتجر غالي الثمن الذي يبيع السلع بأسعار مرتفعة وإنما شراء السلع بأسعارها المعقولة يجعل من السهل التوفير في النفقات، وعلى مستوى الشركات فإن تقييم العروض الاستثمارية أمراً هاماً قبل البدء في أي قرار يخص العمل التجاري.
- عدم الحصول على قروض إضافية: تكبل القروض الإضافية الفرد المزيد من الديون وقد يأخذ الفرد قرضاً لشراء سلع غير أساسية أو لا يحتاج لها لذا فمن الضروري التأكد من الخطة المالية الصحيحة في محاولة لسداد الديون السابقة.
سنشرح في الجزء الثاني من المقال تعريف التضخم وتأثيره على قطاع المستهلكين وايضا المستثمرين ونصائح للتعامل مع هذه الظاهرة التي ربما تصيب الاقتصاد من فترة إلى أخرى.
ما هو تعريف التضخم؟
يشمل المفهوم الفرق بين الطلب والعرض وتغيرات تحدث في إنتاج السلع وتوزيعها أو قد يكون في شكل ضرائب زائدة على المنتجات وقد يؤدي التضخم إلى ارتفاع أسعار السلع إلى الحد الذي لا يستطيع فيه المستهلك شرائها لتصبح النقود بلا قيمة وما يشتريه المستهلك من عام قد لا يتمكن من شرائه العام التالي أو عدد السلع التي يحصل عليها قد لا تكون بنفس العدد في فترة أخرى.
وعند ذلك، قد يكون الحل في مطالبة الموظف لأجر أعلى من أجره الحالي لذا تحاول الحكومة السيطرة عليها ويوكل البنك المركزي في كل دولة بهذه المسؤولية حتى يحدث الاستقرار المالي ومن ثم السيطرة على ارتفاع الأسعار.
وقد يؤدي التضخم إلى فترات كبيرة من عدم الاستقرار لذا يحافظ مسؤولي البنك المركزي في دول العالم على اتباع السياسات لخفض هذه الظاهرة من خلال رفع سعر الفائدة للسيطرة على السوق التجاري.
الفترات الأشد تضخماً لدول العالم في 2022
تشتد فترات التضخم خلال هذا العام في العديد من دول العالم وربما كان لجائحة كورونا تأثيراً واضحاً على زيادة المعدل ومن ثم تأثر العديد من البلدان اقتصادياً فمن هذه الدول:
- فنزويلا - بنسبة 1198.0٪
- السويد بنسبة 340.0٪
- لبنان بنسبة 201.0٪
- سوريا بنسبة 139.0٪
- سورينام بنسبة 63.3٪
- زيمبابوي بنسبة 60.7٪
- الأرجنتين بنسبة 51.2٪
- تركيا بنسبة 36.1٪
- إيران بنسبة 35.2٪
- إثيوبيا بنسبة 33.0٪
تأثير التضخم على المواطنين
يعد التأثير الأكبر في ضعف القوة الشرائية للمستهلكين مع زيادة التضخم مع حدوث الارتفاع السعري في السلع بمرور الوقت أو قد يصل الأمر إلى معدلات إنفاق أعلى لذوي الدخل المنخفض ليكون إنفاقهم أكبر من دخلهم ومن ثم تتثاقل الديون ليصبحوا في حاجة إلى أخذ قروض ومن ثم زيادة هذه الديون.
وقد ينتج عن التضخم التقلب في الأسعار فيما يخص الأوراق المالية أو في سوق العملات المشفرة وقد يصل الأمر إلى تقلب أسعار السلع التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل أسعار الغذاء والطاقة أو أسعار الإيجار والعقارات.
وأما عن فرص العمل فقد يصيبها التأثر بظاهرة التضخم فلا تستطيع الشركات دفع رواتب موظفيها ومن ثم يتم الاستغناء عن بعضهم فلن يتمكن هؤلاء الموظفين من الاستغناء عن تلبية احتياجاتهم أو التخطيط للمستقبل.
وتصبح الأوراق النقدية بلا قيمة عند شراء السلع، إضافة إلى دوامة من التزامات الأفراد وأسرهم فلا يستطيعوا سداد مبالغ هذه الالتزامات.
تأثير التضخم على المستثمرين والشركات
لا تقتصر أي ظاهرة في تأثيرها على المستهلكين فقط بينما على الشركات ايضا، وبالطبع يسير التضخم على نفس الطريق، فعادة ما يشترى المستثمرون الأوراق المالية الثابتة مثل السندات إبان هذه الفترة حيث طرح الجديد منها بمعدل فائدة مرتفع بدلاً من السندات القديمة والتي أصبحت بلا جدوى.
وقد تقدم السندات فائدة ثابتة لذا يكون المستثمر في مأمن لشرائها بدلاً من الأسهم التي حتماً تتأثر بقرارات الفيدرالي والتي تكون مخاطرتها أعلى وقد يؤثر هذا على أسواق السلع وبخاصة الأسواق الناشئة لذا فلا تعتبر الأسهم أداة فعالة للاستثمار وسط هذه الظروف.
وقد تتأثر أسواق العقارات عند ارتفاع السلع والخدمات التي تتدفق من خلال توزيعات الأرباح والمستثمرين.
نصائح للتعامل مع التضخم
تعد فترة رفع سعر الفائدة هي نفس الفترة التي يتم فيها اتخاذ سياسات لمواجهة التضخم ولهذا قد تكمل هذه النصائح ما تم ذكره سابقاً للتعامل مع رفع سعر الفائدة.
- التقليل من مشتريات بعينها: فمن الضروي تأجيل السلع التي لا ترغب في شرائها أو الحصول عليها وبخاصة إذا شهدت ارتفاعاً في الأسعار مثل السيارات أو العقارات فلابد من تقليل الاستهلاك وشراء الأولويات التي لا يمكن الاستغناء عنها.
- عدم شراء السلع الترفيهية: فلا يلزم التغيير من أثاث المنزل أو ترتيب رحلات السفر الفاخرة أو شراء الساعات والماركات التجارية فكل هذا سيؤدي في النهاية إلى تقلص الميزانية والقضاء على الخطة المالية المحددة.
- ترتيب خطة استثمارية: وقد ينتج ذلك من التركيز على الاحتياجات الأساسية والتخلي عن الفرعية ومن ثم إتاحة فرصة لترتيب أولويات ووضع خطة استثمار مربحة تزيد من الدخل.
ما العلاقة بين التضخم ورفع سعر الفائدة؟
ومن هذا المقال، يتضح أن رفع سعر الفائدة الذي اتخذه البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ما هو إلا مجرد إجراء لتحقيق الاستقرار المالي حينما تعم البلاد ظاهرة التضخم والارتفاع السعري.
ويتخذ الفيدرالي هذا المسار لتسير عليه جميع البنوك في كل أنحاء العالم وبالتالي يحدث تأثير ربما مكمل أو مضاد لهذه الظاهرة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.