يشهد سوق العملات الرقمية المشفرة حالة من الترقب الحذر، حيث يتداول سعر عملة البيتكوين (BTC) حول مستوى 100 ألف دولار. وبعد سلسلة من الارتفاعات التدريجية منذ بداية عام 2023، يواجه البيتكوين فترة من التماسك السعري و التداول العرضي.
ورغم التفاؤل السائد بإمكانية تحقيق اختراق صعودي، إلا أن ثلاثة تطورات رئيسية تثير مخاوف المستثمرين وتلقي بظلالها على مستقبل العملة الرقمية.
شح السيولة بالدولار الأمريكي يثير القلق
يعتبر شح السيولة النقدية بالدولار الأمريكي، العملة الاحتياطية العالمية، من أبرز التحديات التي تواجه الأصول المالية بشكل عام، والعملات المشفرة على وجه الخصوص.
فقد ارتفع الرصيد النقدي للدولار الأمريكي المحتفظ به في حساب الخزانة العام (TGA) من 623 مليار دولار إلى 800 مليار دولار خلال أربعة أسابيع فقط، وفقًا لمصدر البيانات MacroMicro.
هذا الارتفاع في TGA، الذي يعكس سحب السيولة من الأسواق، يأتي في وقت كان يأمل فيه المستثمرون أن تقوم الخزانة بتخفيض هذا الرصيد كجزء من إجراءات استثنائية للحفاظ على استقرار الحكومة بعد بلوغ سقف الدين.
هذا الحساب هو أشبه بالحساب المصرفي للحكومة الأمريكية، وعندما تزيد الأموال فيه، يعني ذلك أن الحكومة تسحب السيولة من الأسواق المالية، مما يقلل من الأموال المتاحة للاستثمار أو الإقراض.
شح السيولة بالدولار الأمريكي يؤثر سلبًا على الأسواق المالية من خلال رفع تكاليف الاقتراض وتقليل الاستثمار في الأصول الخطرة، وله ارتباط غير مباشر بأسعار الفائدة، حيث يمكن أن يؤدي إلى ارتفاعها بسبب نقص المعروض النقدي.
والمقصود بشح السيولة هنا هو انخفاض كمية الدولارات المتاحة للتداول والاستثمار في الأسواق، مما يؤدي إلى ضغوط على الأصول المختلفة.
ويشير الخبير في تكنولوجيا البلوك تشين، آندي ليان، إلى أن هذا الوضع قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يخلق بيئة أكثر صعوبة بالنسبة للأصول الخطرة، بما في ذلك العملات الرقمية المشفرة.
إدارة الرئيس ترامب تتردد في إنشاء احتياطي استراتيجي للبيتكوين
منذ توليه منصبه، عمل الرئيس ترامب على تنفيذ العديد من وعوده الانتخابية، لكن إنشاء احتياطي استراتيجي للبيتكوين لا يزال غير واضح المعالم. وكان هذا المقترح وراء ارتفاع سعر البيتكوين من 70 ألف دولار إلى أكثر من 100 ألف دولار.
إلا أن الإدارة الحالية تبدو أكثر حذرًا، حيث تفضل "تقييم" جدوى إنشاء مثل هذا الاحتياطي. هذا التوجه أثار خيبة أمل المستثمرين الذين كانوا يتوقعون تحركًا سريعًا، على غرار استجابات ترامب السريعة للقضايا الأخرى.
وقد انخفض سعر البيتكوين من أكثر من 100 ألف دولار إلى 96 ألف دولار خلال التداول بعد تصريح لمسؤول في إدارة ترامب لشبكة CNBC، أشار فيه إلى أن تقييم جدوى احتياطي للبيتكوين يمثل إحدى أولويات فريق العمل الجديد.
ظهور الدايفرجنس السلبي على الرسم البياني الأسبوعي مثل عام 2021
إلى جانب العوامل السياسية والاقتصادية، تشير التحليلات الفنية إلى إشارات سلبية على الرسم البياني لبيتكوين. حيث يظهر مؤشر القوة النسبية (RSI) دايفرجنس أو تباعد هابط على الرسم البياني الأسبوعي مشابه لما حدث عند قمة عام 2021، وهو ما قد يشير إلى تباطؤ الزخم الصاعد.
الدايفرجنس (Divergence) في التحليل الفني هو التباعد بين حركة السعر ومؤشرات التحليل الفني مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) أو مؤشر الماكد (MACD). يشير إلى عدم توافق الاتجاه بين السعر والمؤشر، مما قد يكون إشارة مبكرة لانعكاس الاتجاه.
التباعد الإيجابي: يحدث عندما يسجل السعر قيعانًا منخفضة بينما يسجل المؤشر قيعانًا أعلى، مما يشير إلى احتمال ارتفاع السعر.
التباعد السلبي: يحدث عندما يسجل السعر قممًا أعلى بينما يسجل المؤشر قممًا أدنى، مما يشير إلى احتمال انخفاض السعر.
على الرغم من تسجيل بيتكوين لقمم سعرية أعلى، إلا أن مؤشر القوة النسبية RSI يشير إلى قمة أدنى مقارنةً بذروة ديسمبر، مما يتناقض مع استمرار الاتجاه الصاعد. وإذا لم يتمكن المؤشر من كسر خط الاتجاه الهابط، فقد يزداد ضغط الهبوط على الأسعار.
في ظل هذه العوامل المتعددة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سيناريو معقد. فمن جهة، لا تزال السوق في اتجاه صاعد مدعومًا بالزخم السابق.
لكن من جهة أخرى، يشكل تشديد السيولة، والتطورات السياسية غير المؤكدة، والمؤشرات الفنية السلبية، عوامل ضغط قد تؤثر على المسار المستقبلي للعملة الرقمية الأكبر في السوق.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
