تحدث وزير المالية السعودي محمد عبد الله الجدعان في مقابلة مع "bloomberg" على خلفية منتدى الاقتصادي العالمي بدافوس السويسرية يوم 17 يناير 2023 وتطرق الوزير خلال حديثه إلى انفتاح المملكة على كل نقاش من شأنه أن يرتقي بالتجارة والاستثمار في بلده و العالم. بما في ذلك كيفية تسوية التبادلات التجارية والعملة المستخدمة لاتمام المعاملات.
محمد الجدعان : أحضاننا مفتوحة لكل من يسعى إلى العمل معنا لتحسين التجارة
بعد علاقة استمرت ما يقارب نصف قرن مع الدولار الأمريكي فقط. قال وزير المالية السعودي، محمد عبد الله الجدعان، إن المملكة منفتحة على التداول بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب حث الرئيس الصيني شي جين بينغ ملوك الخليج على قبول اليوان مقابل النفط. بينما جاء على لسان مسؤولون في الرياض في مارس / آذار 2022 إن المملكة ستدرس بالفعل قبول العملة الصينية.
اجتمعت النخبة العالمية هذا الأسبوع في مدينة دافوس بالقرب من جبال الألب السويسرية لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023. وأثناء ذلك كشف محمد الجدعان، أن المملكة العربية السعودية منفتحة على المناقشات بشأن التجارة واتمام المعاملات باستخدام عملات أخرى إلى جانب الدولار الأميركي. مثل اليوان الصيني،الريال السعودي أو اليورو الأوروبي. و ذلك بهدف تسهيل المعاملات عبر الحدود. وقال الجدعان:
"لا توجد مشاكل في مناقشة كيفية تسوية اتفاقاتنا التجارية سواء كانت بالدولار الأميركي أو اليورو أو الريال السعودي. فنحن نتمتع بعلاقة استراتيجية للغاية مع الصين، وبنفس العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ونريد تطويرها مع أوروبا أيضًا والدول الأخرى التي لديها استعداد وقدرة على العمل معنا ولا أعتقد أننا نتجاهل أو نستبعد أي نقاش من شأنه أن يساعد في تحسين التجارة في جميع أنحاء العالم".
تصريح وزير المالية السعودي محمد عبد الله الجدعان مع بلومبيرج
هل تقلب السعودية الطاولة على الدولار الأمريكي؟
فُسرت تصريحات وزير المالية السعودي على أنها خطوة أخرى نحو الحد من قيمة الدولار في تجارة المملكة. ويمكن أن ترتبط تصريحات الوزير السعودي بتاريخ علاقة الدولار و النفط.
فعندما ألغت حكومة الولايات المتحدة ارتباط الدولار باحتياط الذهب في عام 1971. ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير لثلاث سنوات. في عامي 1973 و 1974، اضطر وزير خزانة الولايات المتحدة آنذاك وليام سايمون إلى التفاوض مع الرياض لبيع النفط فقط بالدولار. و نجح الأمريكيون بالفعل من إقناع السعودية.
عندها فقط أصبح الدولار مرتبطًا بالبترول. بالإضافة إلى السعودية، قامت كل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بتسعير نفطها بالدولار الأمريكي. ويعتقد الكثيرون أن هذا منح الولايات المتحدة ميزة غير عادلة. وأنه كان السبب الجذري للعديد من الحروب التي شاركت فيها أمريكا بعد ذلك التاريخ.
لكن في الآونة الأخيرة، أصبحت هيمنة الدولار الأمريكي مهددة على ما يبدو. فهاهي المملكة العربية السعودية تتحرك بعيدًا عن الدولار الأمريكي. مما يشير إلى تغير المشهد الاقتصادي العالمي خاصة أن النفط السعودي يشكل الفارق للدولار الأمريكي.
وقد فاجأ الوزير السعودي الحضور عندما صرح أن بلاده منفتحة على التداول بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي. وشدد على عدم وجود مشاكل في مناقشة كيفية تسوية المعاملات التجارية الدولية. سواء كان ذلك بالدولار الأمريكي أو اليورو أو الريال السعودي.
وقال محمد الجدعان في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: "هدفنا حقًا هو سد الفجوة، وأيضًا هو أن نكون قوة اتصال ونشجع التواصل، سواء كانت الصين أو الولايات المتحدة أو غيرها".
بذلك يهدف أكبر مصدر للنفط في العالم إلى تطوير علاقات استراتيجية مع شركاء تجاريين محوريين في الاقتصاد العالمي مثل الصين.مع العلم أن رئيس جمهورية الصين شي جين بينغ قد زار الرياض سابقًا لبحث اتفاقية تعزيز التنسيق بشأن سياسة الطاقة والاستكشاف.
وكان الرئيس الصيني قد كشف أثناء ذلك على استعداد بلاده لبذل مزيد من الجهود لشراء المزيد من النفط من الشرق الأوسط. وعن رغبة بلاده و حاجتها أيضا إلى تسوية هذه المعاملات باليوان الصيني.
هل ستشكل تصريحات الجدعان توترا في العلاقات السعودية-الأمريكية
عندما أشار الجدعان إلى أن المملكة تتمتع بعلاقة إستراتيجية للغاية مع الصين و بنفس الجودة في العلاقة الإستراتيجية مع الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وأن بلاده تسعى إلى تطوير علاقاتها مع أوروبا والدول الأخرى الراغبة والقادرة على العمل مع المملكة. تم تحليل تصريحاته بطرق مختلفة و تناقضت تفسيرات بعض المحللين رغم بساطة خطاب الجدعان.
لكن بشكل عام يمكن اعتبار تصريحات وزير المالية السعودي بلاغية. و تدل على الديبلوماسية الي تتعامل بها بلاده مع شركائها و الشركاء المحتملين. لكن لحد الآن، لم يتم استخدام ليوان الصيني مقابل النفط السعودي ولم تنضم المملكة أيضا إلى دول البريكس BRICS.
حيث في وقت سابق قالت المملكة العربية السعودية أنها تفكر في الانضمام إلى دول البريكس BRICS. والتي تشمل البرازيل B وروسيا R والهند I والصين C وجنوب إفريقيا S. ثم في مارس الماضي، قالت السعودية أيضًا إنها تفكر في قبول اليوان الصيني مقابل النفط.
ذلك حدث بعد القمة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، أين حث الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة العربية السعودية على البدء في قبول اليوان مقابل براميل النفط. كما ذكرنا في أول هذا المقال.
في أكتوبر 2022، زعمت تقارير لم نتأكد من صحتها أن بعض القادة السعوديين، بما فيهم ولي العهد محمد بن سلمان، سخروا بشكل خاص من حدة بايدن العقلية. وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن السعوديين غير راضين عن تعامل الرئيس الأمريكي بايدن مع إيران بشأن البرنامج النووي للبلاد.
للإجابة على السؤالين المطروحين (هل تقلب السعودية الطاولة على الدولار الأمريكي؟ و هل ستشكل تصريحات الجدعان توترا في العلاقات السعودية-الأمريكية)، يبدو أن المملكة العربية السعودية تركز على تطوير تجارتها مع الشركاء الاستراتيجيين في التجارة العالمية بالدرجة الأولى. و لا يبدو أن قرارات المملكة ترتبط بسياسة الولايات المتحدة و لا تهدف منها للحد من استخدام الدولار. بل تسعى إلى تنويع تجارتها و مواردها و شركائها على أساس مبدأ المنفعة المشتركة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.