في تقرير جديد يشبه جرس إنذار للأسواق العالمية، حذّرت بنك التسويات الدولية (BRI) – المعروف بأنه "البنك المركزي للبنوك المركزية" – من أن الدولار الأمريكي يواجه ما وصفه بـ "اختبار تحمّل تاريخي"، على خلفية تحولات اقتصادية وجيوسياسية كبرى تعيد تشكيل ملامح النظام المالي العالمي.
دولارٌ على مفترق طرق
في خطاب ألقاه نهاية الأسبوع، أشار "أوغستين كارستنز"، الرئيس المنتهية ولايته لبنك التسويات الدولية، إلى أن العالم يشهد نهاية عهد الاستقرار النقدي كما عرفناه لعقود، حيث بات الدولار الأمريكي يواجه خطراً منهجياً يهدد مكانته العالمية.
وأوضح كارستنز أن الاضطرابات الجيوسياسية العالمية، مضافةً إلى السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثل فرض الرسوم الجمركية الواسعة، قد بعثرت الثقة في الأسواق وأشعلت الشكوك حول استمرارية هيمنة الدولار.
👈 اقرأ المزيد: هيمنة البيتكوين تزداد بينما يتقلص إجمالي القيمة السوقية ماذا يعني هذا لموسم العملات البديلة؟
هل يفقد الدولار مكانته كملاذ آمن؟
اللافت في خطاب كارستنز هو الإشارة إلى أن الكثير من الاقتصاديين وصناع القرار بدأوا بالفعل بإعادة التفكير في الدور التقليدي للدولار كعملة احتياط عالمية:
"هذه الديناميكيات غير المعتادة أثارت تساؤلات في بعض الأوساط حول ما إذا كان الدولار لا يزال هو الملاذ الآمن الموثوق عالميًا."
وأضاف أن التحولات التقنية مثل الذكاء الاصطناعي، دخول شركات التكنولوجيا الكبرى في عالم المال، والعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية – كلها باتت تهدد هيمنة العملات التقليدية وتعيد رسم قواعد اللعبة المالية.
👈 اقرأ المزيد: ما رأي رئيس الاحتياطي الأمريكي في انتهاء هيمنة الدولار؟
تراجع قياسي وتحول عالمي نحو بدائل
منذ بداية عام 2025، تراجع الدولار بنسبة 10%، وهو أكبر انخفاض له خلال نصف عام منذ سبعينيات القرن الماضي، حين بدأت أسعار الصرف في التقلب.
هذا التراجع يتزامن مع صعود لافت لحركة "نزع الدولرة" بقيادة تحالف BRICS+، الذي أصبح يعتمد بشكل متزايد على العملات المحلية في تجارته البينية، متجاهلًا الدولار.
وقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا أن التبادلات التجارية بين دول البريكس تجاوزت 1000 مليار دولار، وهو رقم رمزي يدل على نمو الثقة ببدائل الدولار.
👈 اقرأ المزيد: احتياطيات العالم تتحوّل: صعود الذهب والعملات الرقمية وتراجع الدولار واليورو
التحديات كبيرة... لكن ليست مستحيلة
رغم الصورة القاتمة، لم يفت كارستنز أن يختم بنبرة تفاؤلية:
"التحديات التي نواجهها اليوم هائلة، لكنها ليست مستعصية. من خلال معالجة الهشاشة الهيكلية، والحفاظ على ثقة الناس في مؤسساتنا، واحتضان الابتكار، يمكن لصناع السياسات أن يبنوا اقتصادًا عالميًا أكثر مرونة وشمولًا."
وفي ذلك إشارة إلى أن المرحلة المقبلة لن تكون مواجهة بين القديم والجديد، بل قد تكون مرحلة تكيّف وتكامل بين العملات التقليدية والابتكارات التقنية.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
