في خضم تصحيحٍ حاد أعقب ذروته القياسية في فبراير، يواجه سوق البيتكوين (BTC) موجة من التقلص في السيولة، وسط مؤشرات متزايدة على انحسار تدفقات رأس المال وانخفاض النشاط الاستثماري، ما يضع العملة الرقمية الأولى في اختبار جديد لقدرتها على استعادة الزخم.
وبحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن منصة "غلاسنود" (Glassnode)، فقد تدهورت السيولة في كل من السوق الفورية وسوق العقود الآجلة، حيث انخفضت تدفقات البيتكوين إلى البورصات بأكثر من 54% مقارنة بذروتها السابقة، ما يعكس فتورًا في مشاركة المتداولين.
بالتزامن، هبطت قيمة العقود الآجلة المفتوحة بنسبة 35%، من 57 مليار دولار إلى 37 مليارًا، في إشارة إلى انخفاض في استخدام الرافعة المالية وتراجع وتيرة المضاربة.

من أبرز الأسباب وراء هذا التراجع، ضعف الإقبال على استراتيجية "الشراء الفوري والبيع الآجل" (Cash-and-Carry Trade)، التي اعتاد المتداولون توظيفها لجني الأرباح من الفروق السعرية بين الأسواق الفورية والعقود المستقبلية.
أثر التغيرات الاقتصادية العامة على البيتكوين
وفقًا لما ذكرته شركة QCP Capital، فقد طغت التوترات الجيوسياسية، ولا سيما تجدد الهجمات الإسرائيلية على غزة، على أثر التصريحات الجمركية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مما دفع الذهب إلى تجاوز حاجز 3,000 دولار، في حين واصلت البيتكوين هبوطها الحاد.
ومع ميل السوق إلى تجنّب المخاطر، بدأت المؤسسات في تقليص مراكزها، ما تسبب في خروج أموال من صناديق ETF البيتكوين الفورية، وزاد الضغط على الأسعار في السوق الفوري.
وقد انعكس هذا التوجه في سوق الخيارات، إذ ارتفعت كلفة خيارات البيع مقارنة بخيارات الشراء، في دلالة على تزايد الإقبال على أدوات التحوّط ضد الخسائر.
ردود فعل المتداولين وتحركاتهم
رغم هذه التراجعات، لا يزال المستثمرون طويلو الأمد يحتفظون بحصة كبيرة من ثروة شبكة البيتكوين، ما يدل على تمسكهم بقناعتهم حول مستقبل العملة على المدى الطويل.
في المقابل، فإن المتداولين قصيري الأجل يتكبدون حاليًا خسائر غير محققة، دفعت ببعضهم إلى الانسحاب من السوق، بحسب ما أشار إليه تقرير "غلاسنود".
كما تكشف بيانات سوق الخيارات عن تزايد الطلب على أدوات التحوّط، إذ باتت خيارات البيع (Put Options) تحمل علاوات تقلب ضمني أعلى من خيارات الشراء (Call Options)، وهو ما يعكس توقعات المتداولين باستمرار التقلبات في الأجل القصير.
مستقبل البيتكوين: تحديات وفرص
تعيش البيتكوين الآن مرحلة من التوازن الهش بين تراجع السيولة وانخفاض وتيرة المضاربة، مما يرجّح استمرار التقلبات في المدى القريب.
غير أن السؤال الجوهري الذي يلوح في الأفق هو: هل ستعود التدفقات الجديدة من رؤوس الأموال لدفع الأسعار نحو الصعود؟
تعتمد الإجابة على هذا السؤال بشكل كبير على تطورات المشهد الاقتصادي العالمي واستقرار بيئة المخاطر.
وفي خضم هذا الوضع، تبقى الثقة في البيتكوين على المدى الطويل قائمة، خاصة في ظل تمسّك المستثمرين القدامى بجزء كبير من ثروة الشبكة، وهو ما يُعد إشارة إيجابية في هذه المرحلة من الدورة السوقية.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
