ما الذي يفرق بين المستثمر الناجح والفاشل؟ هناك الكثير من الأشخاص الذين يبدأون في تداول العملات الرقمية. فما الذي يجعل بعضهم ناجح أكثر من الآخر؟ الإجابة هنا تكمن في العقلية أو سيكولوجية المستثمر الناجح. فما الذي يعنيه هذا؟ ببساطة هذا هو الفارق ما بين المستثمر الذي لديه العقلية الصحيحة المناسبة من أجل النجاح في هذا السوق الصعب. فقد يكون عند الجميع مهارات تحليل عالية أو مهارات حسابية قوية. ولكن العقلية تلعب دور أكبر بكثير جدا في نجاح أو فشل الإستثمارات. فهيا بنا نتعرف أكثر على سيكولوجية المستثمر الناجح.
سيكولوجية المستثمر الناجح
إذا بحثنا في العالم المالي وخاصة عالم العملات الرقمية سنجد أن الكثير من المتداولين والمستثمرين يتمتعون بمهرات كثيرة. من هذه المهارات مهارات التحليل الفني والتحليل الأساسي وقراءة الشموع اليابانية وغيرها.
ولكن مع ذلك نجد أن هؤلاء المتداولين والمستثمرين يفشلون. وهذا نظرا لأنهم لا يملكون سيكولوجية المستثمر الناجح. فمن المعروف دائما أنه فقط من يمتلك العقلية القوية ويستطيع ان يسيطر على مشاعره هو من يفوز في الأسواق. أما البقية فيعتبرون كما يقال مجرد سيولة لهذا الشخص أو exit liquidity.
فالأسواق المالية مليئة بالإشاعات والمشاعر المختلفة منها الجشع والطمع مثلا. حتى أن هناك مؤشر مخصوص لقياس حجم الجشع والطمع والخوف في السوق. كما أن الإشاعات حتى وإن كانت غير صحيحة تكون كفيلة بإنهيار السوق. وهذا نظرا لإنتشار الخوف والذعر دائما ما بين الناس. فالكل خائف أن يخسر رأس ماله.
ولهذا السبب فإن سيكولوجية المستثمر الناجح هي دائما الفيصل ما بين مستثمر وآخر.
المستثمر الناجح لا يجري وراء الشموع الخضراء
من أهم ما يميز سيكولوجية المستثمر الناجح هو عدم مطاردة الشموع الخضراء. وهذا المصطلح chasing green candles منتشر جدا في عالم الاستثمار. وهو يعني ببساطة أن الكثير من المتداولين يدخلون في صفقات تداول بمجرد أن يرو الكثير من الشموع الخضراء أمامهم.
فهذا يعطيهم إحساس بالأمان وبأن هذا السهم أو هذه العملة الرقمية في صعود مستمر. وبالتالي يمكنهم بسهولة أن يدخلو في هذه الصفقة لتحقيق بعض الربح المضمون.
وهنا يجب أن نفرق جيدا بين ما يعرف ب trading the breakout وبين مطاردة الشموع الخضراء. فاستراتيجية تداول trading the breakout هي عبارة عن استراتيجية تداول قائمة على الدخول في صفقة بمجرد كسر السعر لحاجز مقاومة قوي. ولكن هذا لا ينطبق على أي شموع خضراء نراها. فيمكن أن تكون كل هذه الشموع تحت حاجز المقاومة القوي. وعادة ما تحدث الزيادات الجنونية بعدما يتم كسر حاجز المقاومة الحساس هذا. ويمكن أن يكون حاجز المقاومة هذا هو أعلى سعر مثلا في دورة السوق الماضية. ويمكن أيضا أن يكون أعلى سعر وصلت له العملة أو السهم في المطلق.
ولهذا السبب فإن ما يميز سيكولوجية المستثمر الناجح هو أنه يعرف جيدا الفرق ما بين الإثنين. فهو لن يدخل في عملية تداول بها الكثير من الشموع الخضراء إلا عندما يتم كسر حاجز مقاومة مهم فقط.
أما في المطلق فإن المستثمر الناجح دائما ما يقوم بمطاردة الشموع الحمراء الكثيرة. وهذا يعني أنه يشتري وقتما يهبط السعر بشدة وليس العكس.
المستثمر الناجح لا يتزوج حقائبه!
لا تتزوج حقائبك Don't marry your bags. هل سمعت هذا المصطلح من قبل في سوق العملات الرقمية؟ هذا المصطلح منتشر جدا في السوق وله أهمية كبيرة. فعادة عندما يعثر الكثير من المتداولين على عملة رقمية جديدة ذات مستقبل يتحمسون جدا وهذا أمر جيد. ولكن المشكلة تكمن في أنهم يحبون العملة ومشروعها بدرجة قوية جدا. لدرجة أنهم لا يخرجون من الصفقة أبدا سواء ارتفعت العملة أو انخفضت.
وهذا يترتب عليه أمر من إثنين:
- إما ارتفاع السعر بطريقة جنونية وضياع فرصة جني الارباح عليهم فيسقط السعر مرة أخرى.
- أو تموت العملة تماما بعدما يهبط سعرها ويقترب من صفر.
ولهذا السبب فمن المعروف دائما ان ما يميز سيكولوجية المستثمر الناجح هو أنه لا يتزوج حقائبه. أي لا يحتفظ بالعملات طالما ليس هناك سبب قوي وراء هذا. فإذا فشلت عملية الاستثمار سوف يخرج منها عند حد معين لكي يحافظ على ما تبقى من رأس ماله. وحتى إذا خسر رأس ماله فسوف يخرج للحفاظ على طاقته من أجل العمليات المستقبلية.
أما إذا زادت العملة وارتفع سعرها فسيكون لديه أهداف معينة وواضحة من أجل جني الأرباح والخروج تماما من الصفقة. فمهما حدث هو لن يظل يحتفظ بعملاته بدون سبب مقنع حتى وإذا كان مؤمن بالمشروع!
وبالتالي تعلم دائما أنك مهما تعجب بمشروع وبفريق المشروع وأهدافه أن لا تتعلق بهذا المشروع عاطفيا. فأنت عندما تستثمر في مشروع يكون هذا بسبب سعيك لتحقيق ربح منه. وليس من أجل أن تحتفظ بحزمة من العملات للأبد بدون أن تفعل شيء بها.
سيكولوجية المستثمر الناجح لن تسيطر عليها الفومو FOMO
الفومو FOMO Fear of missing out هي ظاهرة منتشرة في سوق الاستثمار وبورصة العملات الرقمية. ولدينا مقال يتحدث عن الفومو FOMO يمكنك أن تطلع عليه. وهي ببساطة الرغبة في عدم ضياع الفرصة من أجل تحقيق الأرباح. فهي شعور ينبع من الطمع والجشع.
والسوق الصاعدة تكون أكبر مثال للفومو. ففي هذه السوق يسعى الجميع إلى الدخول في الكثير من العملات الرقمية والاستثمار بها من أجل تحقيق الربح. يترتب على هذا زيادة رهيبة في الأسعار. ويدخل الكثير من الأشخاص من أجل مطاردة الشموع الخضراء كما وضحنا بالأعلى.
وعادة ما يرتكب المتداولين والمستثمرين أخطاء في هذه الفترة. من أهم هذه الأخطاء هي بيع أصولهم في مشاريع قوية ذات مستقبل من أجل مطاردة هذه الشموع الخضراء. وهذا من مميزات سيكولوجية المستثمر الناجح. فهو لن يخرج من إستثمار قوي ذو مستقبل في عملة مثل إيثيريوم أو بيتكوين من أجل مطاردة شموع خضراء لعملة ميم مثلا.
وهذا لأنه يعرف جيدا أن عملة الميم يمكن أن تنهار وتصل إلى صفر في أي وقت. وبالتالي حتى وإن دخل في استثمارات من أجل ملاحقة الشموع الخضراء فلن يدخل إلا بكمية هو يتقبل خسراتها كلها.
وهذا لأن المستثمر الناجح دائما ما يبحث عن الربح المستدام. اي الربح الذي يمكن أن يعتمد عليه أكثر من مرة. وليس فقط الربح القادم من العملات التي يحدث حولها ضجيج يتبع بضخ قوي للعملة ثم تفريخ السيولة منها وهو ما يعرف ب pump & dump scheme.
وهنا يجب أن تحذر دائما من العملات التي يحيط بها الضجيج. فبعض هذه العملات لديها مستقبل قوي مثلا مثل عملة INJ وعملة FET وعملة RNDR. ولكن هناك عملات أخرى قد لا يكون لها مستقبل قوي مثل عملة PEPE التي تزداد بجنون في ربيع 2023.
سيكولوجية المستثمر الناجح تتقبل الخسارة ومتواضعة
من أهم ما يميز المستثمر الناجح أنه ليس مغرور. فهو يعرف جيدا أن بمجرد دخوله في الأسواق المالية هو معرض للخسارة وخاصة بورصة العملات الرقمية. فهذه البورصة أشد أنواع الأسواق المالية خطورة بسبب تذبذبها الشديد.
وبالتالي فإن سيكولوجية المستثمر الناجح قائمة بالأساس على التجربة والخطأ. فهو لا يمانع تماما أن يكون على خطأ. بل يتوقع حدوث هذا الخطأ ويتعايش معه ويتقبله من قبل حتى أن يحدث. فهو يعرف أن الأسواق المالية ليس هناك شيء مؤكد بها. فيمكن أن تكون جميع تحليلاتك صحيحة وصائبة. ولكن تحدث الخسارة بسبب كارثة كونية مثلا مثلما حدث في 2020 مع جائحة كورونا. أو تاتي أزمة سياسية تفشل جميع استثماراتك مثلما حدث مع غزو أوكرانيا.
ولهذا السبب فإن المستثمر الناجح دائما لديه خطط بديلة ونادر ما يضع كل البيض الخاص به في سلة واحدة. فهو دائما يقوم بتنويع محفظة الاستثمار الرقمية الخاصة به. لأنه يعرف أن هذا يزيد من فرص نجاحه بشدة. فإذا فشل مشروع من مشاريعه فلازال لديه مشاريع أخرى يستثمر بها ويتابعها.
وبالتالي تأكد دائما من أنك تتقبل الخطأ وأنك لست مغرور.
مثال من سوق العملات الرقمية
الكثير من مستثمري العملات الرقمية كانو يتوقعون سقوط سعر بيتكوين تحت 15 ألف دولار. وخاصة بعد حدوث أزمة سقوط منصة FTX المركزية في نوفمبر 2022. ولكن ما حدث هو إنعكاس للتريند بمجرد إقتراب السعر من 15.5 ألف دولار. وسرعان ما إنعكس التريند وبدأ القاع في التشكيل ولم يقترب السعر من هذا الحد مرة أخرى حتى مايو 2023.
ونتيجة لهذا خسر الكثير من المستثمرين أموالهم في محاولات لبيع بيتكوين على المكشوف. وهذا لأنهم يتوقعون هبوط سعرها. ونتج عن هذا حدوث صعود جنوني نتج عنه زيادة سعر بيتكوين بنسبة 90%.
وهنا نستطيع أن نلاحظ ما يمكن أن يفعله الغرور في رأس المال. فالكثير من المشاهير المستثمرين في العملات الرقمية خسرو أموالهم نتيجة لأنهم قررو أن السوق هو الخطأ وليس تحليلاتهم!
عليك دائما أن تتعلم من أخطاء هؤلاء الناس ولا تكررها. فالسوق دائما ما يكون على صواب. ونحن يجب علينا أن نكون رد فعل لإتجاه السوق. فإذا وجدنا السوق يمشي في اتجاه معاكس لما كنا نتوقعه فهذا يعني أن علينا أن نحدث من تحليلاتنا لتناسب الوضع الجديد.
وحتى إذا سقط سعر بيتكوين في الأشهر القادمة دون 15 ألف دولار فقد خسر هؤلاء الكثير من رأس مالهم, فبالتالي لن يكونو مستعدين من أجل الإستفادة من فرصة السقوط. ولهذا السبب فإن سيكولوجية المستثمر الناجح دائما تتسم بالتواضع وتفادي الغرور.
وإذا أردت أن تعرف أكثر عن العملات الرقمية فلا تنسى أن تطلع على موقعنا!
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.