دائما ما يحاول المستثمرون البحث عن علاقة بين الأسواق المالية المختلفة. ومنذ ظهور بيتكوين في عام 2008 والعالم المالي يحاول فهم العملة الرقمية وتطوراتها من أجل التنبؤ بحركاتها المستقبلية. وفي فترة ما عند بداية ظهورها كانت علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية واضحة. وبالتالي فكانت تزيد العملة وقتما تزيد البورصة الأمريكية وتهبط وقتما تهبط. ولكن هل لازالت هذه العلاقة مستمرة؟ وهل تم كسرها من قبل؟ هيا بنا نعرف أكثر!
تاريخ علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية
أول ما علينا أن نعرفة عن تاريخ علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية هو أي الأسهم بالضبط هي التي تتبعها بيتكوين. وهنا نلاحظ أن بيتكوين عادة ما يكون سعرها مقترن بصندوق استثمار S&P 500 و Nasdaq. وهذه الصناديق أغلبية الشركات بها عبارة عن شركات تكنولوجية. وبالتالي نلاحظ هنا أن الاقتران الفعلي هو ما بين أسهم شركات التكنولوجيا والعملات الرقمية. وهذا أمر طبيعي نظرا لأن تكنولوجيا البلوك تشين تعتبر جزءًا من العالم التكنولوجي ولكن مختلف قليلًا في طريقة تكوينة وإدارته نظرا للامركزية.
ومن المعروف أيضا أن عملة بيتكوين تحدد اتجاه سوق العملات الرقمية ككل. فبالتالي يزيد السوق كله عندما تزيد ويهبط عندما تهبط.
ونلاحظ أنه في بداية ظهور عملة بيتكوين لم تكن هناك علاقة حقيقية بينها وبين الأسهم الأمريكية. فقد كانت العملة تنمو وحيدة وحتى لم تكن مثل الذهب. لقد كانت أصلًا استثماريًا جديدًا غريبًا لم يتعرض له أحد من قبل. وبالتالي لم تظهر علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية قبل عام 2017 تقريبا.
بداية علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية
وهذا لأنه في الفترات السابقة لهذه السنة لم تكن بيتكوين مأخوذة على محمل الجد. فالكل كان يتوقع سقوط ونهاية هذه العملة الرقمية في أي لحظة وخاصة في السنوات الأولى. ولكن بدأ شعور المستثمرين يتغير عندما كسرت بيتكوين حاجز الألف دولار لأول مرة في عام 2013 ثم حاجز ال 10 آلاف دولار في عام 2017. وفي عام 2017 بدأ العالم المالي يأخذ العملة محمل الجد. وبالتالي ظهرت العلاقة بين بيتكوين و البورصة الأمريكية. وكما نلاحظ بالصورة بالأسفل بدأت هذه العلاقة منذ 2017 تقريبا.
ولكن بالطبع هناك فرق في النمو. وهذا لأن صناديق الاستثمار المعروفة مثل S&P 500 و NASDAQ هي مؤشرات موجودة منذ عشرات السنين. وتعتبر أصول مالية بالغة أو mature assets. بينما بيتكوين عمرها لا يتجاوز العشر سنوات أو بضع سنوات حين ذاك. وبالتالي تعتبر أصلًا ماليًا حديث العهد وصغير.
ولهذا نلاحظ مدى الفرق بالصورة بين نمو بيتكوين والبورصة الأمريكية. فبينما تحدث زيادة سعرية للإثنين ففي البورصة تكون الزيادة مثلا 10% بينما في بيتكوين تكون هذه الزيادة 400% على الأقل.
فبيتكوين قيمتها السوقية منذ 2017 حتى الآن لم تتعدى حتى قيمة شركة عملاقة واحدة من شركات التكنولودجيا في أمريكا مثل مايكروسوفت أو أبل. ولهذا فعندما تزيد قيمتها السوقية ب200 مليار فهذا قد يؤدي إلى زيادة كبيرة جدًا بها. وهذا على عكس البورصة الأمريكية الضخمة.
ولكن الواضح هو حدوث صعود لبيتكوين عندما تصعد الأسهم وحدوث هبوط عندما تهبط الأسهم.
لماذا أصبح هناك علاقة بين بيتكوين والبورصة الأمريكية؟
السبب الرئيسي في ظهور علاقة واضحة بين بيتكوين والبورصة الأمريكية هو نوع المستثمرين. فمن المعروف أن أشهر وأكبر الهيئات الاستثمارية في العالم التي تمتلك رأس مال موجودة في وول سترييت بأمريكا. وبالتالي هؤلاء هم كبار المستثمرين في العالم.
وكبار المستثمرين في العالم لن يضعو أموالهم إلا فيما يتأكدون أنه سوف يدر ربحًا عليهم. وبالتالي عندما بدأت بيتكوين تجذب أنظارهم كان من الطبيعي أن تبدأ علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية في الظهور. فكبار المستثمرين لن يستثمرو في بيتكوين إلا عندما تكون ظروف الاستثمار ملائمة. وبالتالي سيتزامن هذا في وقت استثمارهم في البورصة الأمريكية.
ومن هنا بدأت العلاقة بين بيتكوين والبورصة الأمريكية تصبح واضحة جدًا. وحتى أن هناك مؤشر يقوم بقياس العلاقة دائمًا. فإذا كان هذا المؤشر 1 فهذا يعني أن العلاقة مثالية ومتوافقة تمامًا. أما إذا كان فوق 0.7 فهذا يعني وجود اقتران قوي ولكن ليس متطابقًا. وفوق 0.5 هناك اتقران ولكن ليس بالقوي. وتحت 0.3 يبدأ هذا الاقتران في الضعف.
وأهم نقطة هنا هي أنه طالما هناك علاقة بين بيتكوين والبورصة الأمريكية فبيتكوين تعتبر جزءًا من عالم التمويل التقليدي tradfi traditional finance.
وهذا يعتبر أمرًا سيئًا بالنسبة لمستثمري العملات الرقمية. وهذا نظرًا لأن بيتكوين قد تم إنشائها في الأصل من أجل محاربة عالم التمويل التقليدي وإنشاء عالم تمويل جديد لا مركزي. ويعرف هذا العالم باسم التمويل اللامركزي DeFi decentralized finance.
وهناك سعي مستمر من كبار مستثمري العملات الرقمية في الغاء الاقتران ما بين العملة والبورصة الأمريكية.
عام 2020 والاقتران الصريح
إذا نظرنا للسوق الصاعدة لعام 2020 وعام 2021 سنلاحظ مدى التوافق بين عملة بيتكوين والأسواق الأمريكية. فقد بدأت جميع هذه الأسواق في الهبوط عندما تم الإعلان عن جائحة كورونا كوباء عالمي.
ثم بعد هذا بمجرد إعلان الفيدرالي الأمريكي عن قرارات خفض الفائدة بوتيرة عنيفة ونشر السيولة الدولارية في الأسواق بدأت جميع الأسواق في الزيادة بطريقة جنونية. وقد بدأت زيادة بيتكوين في نفس وقت زيادة S&P 500 على الأخص. ولكن بالطبع بوجود فارق في الزيادة بسبب اختلاف حجم القيمة السوقية.
وقد زاد S&P 500 بما يقارب 80% في نوفمبر 2021. وبيتكوين زادت بما يقارب 33 ضعف ووصلت إلى 69 ألف دولار. وهنا كانت العلاقة واضحة وصريحة ما بين الأسواق المالية المختلفة. فحتى الذهب أيضا واصل في الزيادة معهم حتى كسر حاجز 2000 دولار.
فما كان يحدث حينها هو وجود سيولة دولارية عالية في الأسواق نتيجة لقرارات الفيدرالي. وبالتالي سعت جميع الهيئات الاستثمارية للاستفادة من هذه الأموال في الأسواق المالية المختلفة.
وعندما أعلن الفيدرالي عن رفع الفائدة لمحاربة التضخم في 2022 بدأت جميع الأسواق في الانهيار في نفس الوقت.
ولكن وتيرة تساقط العملات الرقمية في 2022 كانت أعلى بكثير من البورصة الأمريكية. وبالتالي حدث كسر في العلاقة بينهم. وهذا بسبب الكوراث المختلفة التي حدثت عام 2022 في مايو. فما بين سقوط عملة لونا ودولارها الرقمية وسقوط هيئات الإقراض والاقتراض مثل celsuis و voyager كان نصيب العملات الرقمية من الهبوط أعنف بكثير. وبالتالي ترتب على هذا حدوث هبوط للعملات في وقت كانت فيه البورصة مستقرة إلى حد ما.
سرعان ما تجدد نفس السيناريو مرة أخرى في نهاية عام 2022 مع سقوط منصة FTX المركزية. فقد هبطت الأسواق المشفرة بطريقة جنونية مرة أخرى. ويعتبر الكثير من الأشخاص هذا بداية عهد جديد للعملات الرقمية.
هل أصبحت نهاية علاقة بيتكوين بالعملات الرقمية متوقعة في عام 2023؟
في عام 2023 حدث ما لم يكن يتوقعه أحد. فبينما كانت أقل نقطة سعرية أو القاع لـ S&P 500 في أغسطس. كان قاع بيتكوين والعملات الرقمية في نوفمبر 2022. وقد كان الجميع يتوقع هبوط العملات الرقمية أكثر من هذا بسبب أزمة FTX.
ولكن في الفترة التالية حدث تعافي قوي جدًا للأسواق المشفرة وخاصة بيتكوين. فقد تعافت العملة وبدأت في الزيادة بطريقة قوية جدًا. بينما ظلت الأسهم الأمريكية و S&P 500 في تخبط واضح.
لاحظ في الصورتين السابقتين الرسم البياني الشهري لبيتكوين و S&P 500. هناك اختلاف كبير في بداية سنة 2023.
وأكبر اختلاف هنا ظهر في مارس 2023. وهذا عندما بدأت البنوك الأمريكية المختلفة تنهار نتيجة لسياسات الفيدرالي من رفع مستمر للفائدة.
فقد لجأ الكثير من الأشخاص بعد هذه الحوادث إلى بيتكوين كملجأ آمن. ويعتبر هذا أول اختبار حقيقي لبيتكوين في تاريخها. فقد ظهرت العملة الرقمية في الأساس من أجل تقديم بديلًا للبنوك المركزية. وبالتالي كان دائمًا من المتوقع حدوث زيادة سعرية لها عندما تبدأ البنوك في الهبوط مثلما حدث في أزمة 2008.
وقد حدث هذا بالفعل. فقد زاد سعر بيتكوين من 19 ألف إلى 31 ألف دولار في غضون أسابيع قليلة جدًا. وحاليا العملة الرقمية في مايو 2023 سعرها 28500 تقريبا.
المختلف في عام 2023
الفرق ما بين 2023 وما قبلها من السنوات هو أن الآن بيتكوين لم تعد أصل استثماري صغير العهد. فقد أصبحت من أكبر وأشهر الأصول الاستثمارية في العالم والكل يعرف عنها.
إضافة إلى هذا فقد سقط حتى الآن أربعة بنوك أمريكية كبيرة بجانب كريديت سويس المشهور في سويسرا. آخر هذه البنوك كان first republic bank الذي سقط رسميا في نهاية ابريل 2023. ومن المتوقع أن لا يكون هذا البنك آخر بنك يسقط. فمن المتوقع حدوث انهيارات أخرى في البنوك.
وهذه العوامل هي التي تحدث الفارق في 2023. فلا شك سيكون هناك تأثير سلبي على علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية في الفترة القادمة. وهذا نتيجة لما يحدث الآن. فإذا استمرت البنوك في الانهيار ستزيد عملة بيتكوين مع الذهب وستجذب العملة أثناء الزيادة الكثير من العملات البديلة معها. وبالتالي سيترتب على هذا نهاية العلاقة ما بين بيتكوين والنظام المالي التقليدي.
حتى الآن لازالت الصورة غير واضحة حيث أن الأسواق المالية مليئة بالتخبط. فزيادات الفيدرالي العنيفة للفائدة قد ضرت بالنظام المالي كثيرًا. ولكن بيتكوين حتى الآن لازالت قوية ومتماسكة. كما أن الكثير من الأشخاص لا يتوقعون هبوط بيتكوين دون ال15 ألف دولار. وبالتالي هذا يعني أن القاع قد تشكل في نوفمبر 2022.
متى تنتهي علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية؟
سوف تنتهي علاقة بيتكوين بالبورصة الأمريكية تمامًا عندما ينمو سوق العملات الرقمية بما فيه الكفاية. ويعني هذا أن تصبح بورصة العملات المشفرة كبيرة بما فيه الكفاية لتتخلص من التذبذبات الشديدة بها. وبالتالي تصبح جميع الأصول بها Mature assets او أصول بالغة. وبالتالي يبدأ الاستقرار يسيطر عليها وتبدأ القوانين تكون واضحة حولها ويستثمر بها كبار الهيئات الاستثمارية.
ولكن حتى يحدث هذا فأغلب الظن أن هناك نوع من الاقتران سيكون موجودًا ما بين العملات الرقمية والبورصة الأمريكية. فلقد ظهرت العملات الرقمية كي تحل محل العملات النقدية التقليدية fiat currencies. ولكن حتى الآن لازال الطريق طويل جدًا أمام هذه العملات من أجل أن تحل محل العملات التقليدية.
فلا زالت شبكات البلوك تشين أحيانًا تكون بطيئة. ولازالت رسوم الغاز مرتفعة جدًا في وقت الذروة. كما أن القرصنة الإلكترونية تمثل تهديدًا كبيرًا جدًا على عالم التمويل اللامركزي. وعلاوة على هذا فإن العملات الرقمية تتأثر كثيرًا بقرارات الفيدرالي.
فحتى يتم كسر كل هذه الحواجز ستظل هناك علاقة قوية بين بيتكوين والبورصة الأمريكية.
وإذا أردت أن تعرف أكثر عن العملات الرقمية فاطلع على موقعنا!
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.