سوق العملات الرقمية و البيتكوين يواجه أزمة كبيرة في نقص سيولة المالية. ومن المعروف أن عدم وجود السيولة المالية في السوق قد يؤدي إلى تراجع حاد في أسعار البيتكوين عند تنفيذ الأوامر بأحجام كبيرة. ما يؤدي إلى تقلبات حادة في الأسعار التي تصعب حتى على أكثر المتداولين خبرة التعامل معها.
صعدت أسعار العملة الرقمية الأكثر شهرة في العالم "البيتكوين" بنسبة 40٪ إلى حوالي 27،700 دولار منذ 10 مارس، عندما تعرض بنك "سيليكون فالي" للفشل وأثر ذلك على الأسواق الرئيسية. ومع ذلك، تشهد العملة نقصًا في السيولة، والذي يشكل عقبة للمستثمرين الذين يرغبون في زيادة رهاناتهم.
سعر بيتكوين يدخل في مرحلة التعزيز
وعلى الرغم من عدم قدرة البيتكوين على الوصول إلى مستوى 30000 دولار حتى الآن. إلا أن الدلائل الفنية و الأساسية تشير إلى أن العملة الرقمية قد تكون على استعداد لمرحلة من الاستقرار و التداول الجانبي.باللغة الإنجليزية تسمى هذه مرحلة Consolidation Phase ، أو مرحلة التعزيز .
و هي مرحلة معروفة في أسواق المال .تتميز فيها الأسعار بالتذبذب الضيق داخل نطاق محدد لفترة زمنية معينة. وغالبًا ما تكون هذه المدة قصيرة الأمد وتستمر لعدة أسابيع.
وتحدث هذه المرحلة عادة بعد فترة طويلة من الصعود أو الانخفاض القوي في الأسعار، وتكون عبارة عن فترة استقرار قبل استمرار الاتجاه السابق للسوق. ويعتبر هذا النوع من التذبذب شائع في الأسواق المالية، وغالبًا ما ينتظر المتداولون تجاوز هذه المرحلة قبل اتخاذ قرارات الشراء أو البيع على المدى الطويل. طبعا يمكن أن تخلق عدة فرص للتداولات اليومية، باستخدام استراتيجية التداول المناسبة.
في حالة البيتكوين، فإن فترة التعزير قد تعكس حالة من عدم اليقين في السوق، ولكنها قد تكون أيضًا علامة إيجابية للمستثمرين. حيث قد تؤدي إلى تشكيل قاعدة للاستمرار في الارتفاع المستقبلي.
ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن مرحلة التعزيز لا يمكن أن تكون ضمانًا لمزيد من الصعود في سعر البيتكوين على المدى الطويل. حيث يمكن أن تتغير ظروف السوق بسرعة، ويمكن أن تعطل الأحداث غير المتوقعة حتى أكثر الأصول استقرارًا.
أزمة سيولة في أسواق العملات الرقمية
أظهرت بيانات Kaiko أن عمق سوق (السيولة المتوفرة) البيتكوين بلغ أدنى مستوى له خلال 10 أشهر. حتى أقل من ما كان عليه بعد انهيار FTX في نوفمبر الماضي.
ويبلغ عمق السوق للزوجين الرائدين السوق البيتكوين مقابل الدولار الأمريكي BTCUSD و البيتكوين مقابل ايثيريوم BTCETH إلى 5,600 بيتكوين. ما يعادل حوالي 155 مليون دولار بحسب أرقام Kaiko.
وصرح كيفين دي باتول، الرئيس التنفيذي لشركة Keyrock: " كصانعي سوق، نحاول توفير السيولة حيثما نستطيع، ولكننا نواجه وضعاً صعباً. هناك تأثير شبكي كبير هنا. في المدى القصير على الأقل، ستظل السيولة تحديا كبيرا."
الانزلاق السعري Slippage وهو مصطلح يستخدم في الأسواق المالية والاقتصادية لوصف الفرق بين السعر الطلب والسعر التنفيذ في صفقة معينة.
أفاد كونور رايدر، محلل الأبحاث في شركة كايكو، بأن نسبة الانزلاق السعري عند شراء البيتكوين بالدولار الأميركي على منصة كوين بيس ازدادت 2.5 مرة مقارنة بما كانت عليه في بداية شهر مارس.
و أن نسبة الانزلاق في أمر بيع محاكاة بقيمة 100 ألف دولار ازدادت مضاعفة في الشهر الماضي، ما يعني أن السعر المتوسط الذي تحصل عليه لكل بيتكوين أسوأ من ما كان عليه قبل شهر.
تترجم السيولة المنخفضة عادةً إلى أسواق أكثر تقلبًا، خاصة في عالم العملات الرقمية. وأفاد رايدر من "كايكو" أن هذا الأمر ربما يعد واحدًا من العوامل وراء قفزة البيتكوين هذا الشهر.
وشهد مؤشر تقلب البيتكوين لدى CryptoCompare قفزة إلى 96 الأسبوع الماضي. متجاوزًا بكثير النطاق من 52 إلى 65 الذي شهده الشهر الماضي، ويبلغ المؤشر حاليا حول 68.
السوق خسر الكثير من مزودي السيولة
أزمة السيولة التي يعاني منها سوق العملات الرقمية في الوقت الحالي .هي نتيجة إغلاق شبكتي "SEN" التابعة بنك سيلفرغيت "Silvergate" وشبكة "Signet" التابعة لبنك "Signature" في بداية شهر مارس.
SEN و Signet هما شبكتان للدفع، حيث تم تصميمهما لتسهيل نقل القيمة بشكل سريع وآمن بين المؤسسات المالية وعملائها.
شبكة SEN كانت شبكة دفع مملوكة لبنك سيلفرغيت Silvergate المنهار. و صمّمت الشبكة خصيصا لتمكين المستثمرين المؤسسيين والشركات من نقل الأموال بين حساباتهم في Silvergate وبين بورصات العملات الرقمية الأخرى بطريقة سريعة وآمنة.
أما شبكة Signet ، فهي شبكة دفع مبنية على تقنية البلوكشين. والتي تم إنشاؤها من قبل بنك Signature Bank. تم تصميم Signet لتمكين نقل الأموال بسرعة وأمان بين المؤسسات المالية وعملائها. و كانت تسمح Signet بالتحويلات الفورية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وتتيح للمستخدمين إرسال واستلام الأموال في ثوانٍ.
استهدفت كل من SEN و Signet العملاء المؤسسيين و كانتا توفران طريقة موثوقة و سريعة لنقل الأموال بين المنصات والمحافظ المختلفة.
و لكن الآن، ومع انهيار البنكين و توقف الشبكتين عن العمل. وجد الكثير من الشركات و أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة صعوبة كبيرة في نقل أموالهم من و إلى سوق العملات الرقمية المشفرة.
ويمكن تتبع انخفاض السيولة أيضا إلى انهيار منصة "أف تي إكس" التابعة لـ "سام بانكمان فريد" وشركة صندوق الاستثمار "ألاميدا". حيث كانت هذه الشركات من أكبر مزودي السيولة في صناعة العملات الرقمية. ولم يتمكن المتداولون بعد ذلك من الحصول على سيولة كافية.
بينما يتوقع معظم المشاركين في السوق ظهور منافسين جدد لأداء وظائف الشبكة السابقة لـ "سيلفرغيت كابيتال" و "سيجناتشر بنك"، فإنهم يقولون إنه من غير المرجح ظهور بدائل كاملة بين ليلة و ضحاها.
وبالتالي، "سيستمر نقص السيولة في الأجل القصير على الأقل" وفقًا لـ "كيفن دي باتول" الرئيس التنفيذي لشركة "كيروك" المتخصصة في صناعة الأسواق.
المستثمرون في السوق حالة ترقب و انتظار
ومع أن البيتكوين حقق أداءً مميزًا هذا العام. فإن المستثمرين قد يشعرون بالقلق إزاء نقص السيولة في أسواق العملات الرقمية. فمن المهم عدم تجاهل أهمية السيولة في هذه الأصول. حيث أنها تمثل العنصر الأساسي الذي يؤثر على استقرار السوق ويسمح بتنفيذ الصفقات بكل سلاسة.
وبالإضافة إلى مشكلة مزودي السيولة، يتداول العديد من المستثمرين بحذر في أعقاب الأزمات المصرفية وارتفاع أسعار الفائدة. ويعتقد بعض المتخصصين أن اللاعبين في هذا المجال لم يتركوا المجال بالكامل، ولكنهم يجلسون على الأرصفة في الوقت الراهن بسبب ما يحدث في مجال الأزمات المصرفية.
وبالنظر إلى الأحداث الحالية في سوق البيتكوين، فإنه يبدو أن العملة الرقمية تواجه تحديات كبيرة. ومع ذلك، فإن السوق الرقمي هو مجال غير مستقر ويمكن للأحداث الطارئة تغيير الأوضاع بشكل كبير في غضون فترة قصيرة.
ولذلك، يجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين ويتابعوا تطورات الأسواق بعناية، ويتخذوا القرارات المناسبة بناءً على التحليل الشامل للوضع الحالي والآفاق المستقبلية. فقط بالحذر والتدبر يمكن للمستثمرين الحفاظ على مكاسبهم وتحقيق عوائد جيدة في السوق الرقمي.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
