تتطور العملات الرقمية إلى أصول جديدة لتلعب دوراً في التمويل العالمي، وهو الأمر الذي لا تتجاهله الحكومات.
ولكن ساهم انهيار بورصات التشفير خلال العام الماضي، إلى ضرورة وجود قبضة تنظيمية في ظل خضوع العملات لضرائب وتصنيفات مختلفة.
فقد تعتبرها بعض الحكومات مثل السلع والخدمات لذا تعمل بعضها في وجود ضوابط ايضا تخص اللامركزية.
نحاول في هذا المقال رصد إيجابيات وسلبيات تنظيم التشفير من خلال استعراض تجارب بعض دول العالم.
في هذا الدليل الإرشادي
- الاختلاف في التعامل بين النقود الورقية والعملات الرقمية
- أين تعتبر العملة الرقمية قانونية؟
- المناقصة القانونية للعملة الرقمية
- القوانين الأمريكية للتشفير
- كندا تعتبر العملات الرقمية سلعة
- قوانين التشفير الأوروبي
الاختلاف في التعامل بين النقود الورقية والعملات الرقمية
بالنظر إلى العملة الرقمية فهي ليست حقيقية كالأموال، حيث لا تصدرها البنوك المركزية.
وثمة اختلافات بين العملة الورقية والرقمية، حيث تتمتع الأولى بدعم حكومي بينما يتم التحديد لسعر الثانية بناءّ على قوة السوق.
كما تخضع العملة الرقمية إلى اللامركزية بواسطة ملايين من أجهزة الكمبيوتر تتحقق من صحة المعاملات عبر تقنية البلوك تشين.
وتتم هذه المعاملات عبر الحدود، حيث يمكن الحصول على العملات عبر محافظ التشفير وهذا الأمر مختلف عن العملة الورقية.
كما تتمتع العملة الرقمية بالشفافية، حيث يمكن معرفة اسم المستخدم في ظل إخفاء هوية المحفظة.
وتتسم المعاملات الرقمية بالثبات، حيث أن أي معاملة على بلوك تشين لا يتم التراجع عنها.
التمويل اللامركزي DeFi يشمل العديد من تحديات التشفير
لا يتوافق سوق العملات الرقمية عادة مع الشركات المركزية CeFi وهذا بخلاف التمويل اللامركزي DeFi.
ليختلف الثاني عن الأول في سرعة النمو ووجود عقود قابلة إلى التنفيذ مع معاملات محكومة بالعملة.
وتضع الحكومة قوانين غير مناسبة للتعامل مع هذا القطاع الهام الذي أصبح محل اهتمام العديد من الشركات.
وذلك على الرغم من وصول إيراداتها إلى 4.4 مليار دولار خلال العام الماضي.
أين تعتبر العملة الرقمية قانونية؟
أصدرت 100 دولة لوائح تجعل العملة الرقمية قانونية في ظل حظر ضمني فرضته 42 دولة.
وإضافة إلى 9 دول فرضت الحظر الكامل، وهم؛ الجزائر، وبنغلاديش، والصين، ومصر، والعراق، والمغرب، ونيبال، وقطر، وتونس.
لماذا ترى الدول الأخيرة أن الحظر هو الحل؟
تجد هذه الدول مخاطر في العملات الرقمية مثل تمويل الإرهاب وغسيل الأموال والتهرب الضريبي، لذا تحظرها الحكومات بدلاً من تنظيمها.
وإضافة إلى المخاطر السابقة، ثمة مخاطر على صحة البشر.
وفقًا لجامعة كامبريدج، أصدر معدني بيتكوين Bitcoin ما يقترب من 200 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول سبتمبر 2022.
التجربة الصينية مع العملات الرقمية
قبل حظر العملات الرقمية، كانت الصين تمثل ثلثي قوة التجزئة العالمية لعملة بيتكوين Bitcoin.
ولكن رأت الحكومة أن ثمة أضرار جسيمة من نتائج الكربون بحلول عام 2060.
إضافة إلى حدوث العديد من الجرائم المالية في عام 2021.
لذا حظرت الصين تعدين بيتكوين في مايو 2021، ليحظر بعد ذلك بنك الصين الشعبي جميع الأنشطة المتعلقة بالعملات المشفرة.
وعلل ذلك بتهديدها للاستقرار الاقتصادي، بما خنق صناعة التشفير الواعدة.
السلبيات أكثر من الإيجابيات
تدفقت أكثر من 50 مليار دولار من العملات المشفرة إلى الخارج من حسابات شرق آسيا بين عامي 2019 و 2020.
ولكن الحظر أدى إلى عدم إمكانية هيكلة الديون الخاصة بكبرى شركات التطوير العقاري، إضافة إلى ما صنعه الوباء.
وتشكل أسواق العملات الرقمية جزء من السوق المالي التقليدي فما السلبيات التي يمكن أن تحدث.
حقيقة، شكل الحظر عدم استخدام معدني العملة للإنترنت وعدم دفعهم للضرائب.
ولم يحبط الحظر من التحايل على القانون باستمرار الأنشطة الغير مشروعة واستمرار بعض العمال في التعدين.
المناقصة القانونية للعملة الرقمية
في المقابل تلجأ بعض الدول إلى دعم العملة الرقمية عن طريق إجراء المناقصة القانونية لتكون مثل النقود الورقية.
وذلك لسداد الديون والوفاء بالالتزامات المالية ولتقديم عملات رقمية مثل الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي.
تجربة السلفادور مع العملة الرقمية
أضحت السلفادور أول دولة منظمة للعملات الرقمية في سبتمبر 2021 ليتحدث رئيسها عن ضرورة تحقيق الشمول المالي.
وترغب السلفادور في فصل الاقتصاد الوطني عن الدولار الأمريكي عن طريق دعم بيتكوين Bitcoin.
حيث لا يتم الاعتماد على قرارات الفيدرالي والسياسات النقدية المتشددة.
وقد نتج عن ذلك انخفاض التحويلات الدولية عن طريق الدفع بالعملة الرقمية بيتكوين.
ووفقًا للبنك الاحتياطي المركزي في السلفادور، اقترب الحجم الذي تمت معالجته بين يناير ومايو 2022 من 52 مليون دولار.
ولكن بالرغم من كل هذا، مازالت السلفادور تعتمد على الدولار، ولم تنجح بيتكوين في أن تكون وسيلة للتحوط ضد التضخم.
وقد نتجت خسائر لتقلب أسواق العملات الرقمية، إضافة إلى خسارة بعض المتداولين من سرقة عملاتهم أو مكافآتهم.
القوانين الأمريكية للتشفير
لا تزال الحكومة الأمريكية مختلفة تشريعياً بشأن التعامل مع العملة الرقمية.
وذلك في جدال قوانين المملكة المتحدة التي لا تصنف الأصول الرقمية ضمن الممتلكات.
ولايزال المشرعون داخل أميركا يناقشون قوانين التشفير والأصول الرقمية التي من الضروري إدراجها ضمن الضرائب.
تحديات خضوع العملة الرقمية للضرائب
إذا كانت العملة الرقمية ملكية فلابد من خضوعها إلى الضرائب، وتنقسم لضريبة على الربح أو ضريبة على النشاط.
ولكن قطاع مثل التمويل اللامركزي لا يمكن رصده بدقة إضافة إلى زراعة العملات المشفرة.
لتبقى قوانين التشفير عامة، مثل التسجيل في برامج أعرف عميلك أو الالتزام بقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويبقى جانب آخر، وهو اعتبار بعض الجهات الحكومية مثل لجنة البورصات الأمريكية الأصول الرقمية أموالاً لذا لابد من خضوعها إلى قانون الأوراق المالية.
وتتعامل لجنة تداول السلع الآجلة مع بيتكوين كسلعة، بما يسمح بتداول المشتقات.
ويشكل الإقراض للعملة تحدياً فقد تعتبره بعض القوانين مثل إقراض الأسهم.
ما مستقبل لوائح التشفير داخل الولايات المتحدة
تركز إدارة بايدن في الفترة الحالية على مكافحة المعاملات الغير مشروعة، خاصة مع انهيار بورصات التشفير خلال العام الماضي.
وأن تكون لوائح التشفير التي تقرها الحكومة مناسبة مع طبيعة الأصول الرقمية.
وأن تقيم الإدارة الأمريكية المخاطر الخاصة بالتشفير إضافة إلى خطتها لإصدار العملة الرقمية للبنك المركزي CBDC.
بلدان أخرى تعترف بالعملة الرقمية
تعترف اليابان بالعملة الرقمية حيث سن قوانين تحافظ على مدى شرعية العملة وتكافح المعاملات غير الشريفة.
وتفرض الدولة ضرائب على التشفير بمعدل تصاعدي من 5% إلى 45%.
أما عن أستراليا، فعملات التشفير مثلها مثل التعامل مع النقود من حيث القوانين، حيث خضوعها إلى الضرائب على أنشطة التشفير.
وتتعامل المملكة المتحدة مع أرباح التداول لتفرض الضرائب عليها، إضافة إلى حظرها الخاص ببيع المشتقات على الرغم من اعترافها بالعملات المشفرة.
كندا تعتبر العملات الرقمية سلعة
تتساوى العملة الرقمية مع السلعة في فرض الضرائب داخل كندا، ويتم التداول للعديد من الصناديق الاستثمارية داخل الدولة.
وتنظر إلى بيتكوين باعتبارها مخزناً للقيمة، وتلقي النظر على المضاربة التي يقوم بها بعض المتداولين لذا تعتبرها سلعة.
وتوفر شفافية الأسعار رقابة أقل بما يرفع معنويات المستثمرين وبالتالي زيادة الوعي والتبني للعملات المشفرة.
قوانين التشفير الأوروبي
لدول الاتحاد الأوروبي نهج مختلف للتعامل مع التشفير، حيث أن البعض يطبق عملية أعرف عميلك ويطبق الضرائب بين النسبة الصفرية إلى نسبة 50%.
وقد اهتمت المفوضية الأوروبية بإصدار القوانين والتشريعات المنظمة وتصنيف الأصول الرقمية مع إعطاء تعريفات مفصلة لكل نوع.
ويوفر هذا حماية للمستهلك ويقلل من العمليات الاحتيالية إضافة إلى الحماية من عمليات غسيل الأموال، والتعامل مع المخاطر التي يمكن أن تضر صحة البشر.
ولكن لم ينجح المنظمون في التعامل مع قطاع التمويل اللامركزي وصناعة NFTs والعملات المستقرة.
لذا تعالج الحكومات المزايا والمخاطر الخاصة بالعملة الرقمية عبر الاستعانة بخبراء الصناعة.
فقد قدمت إستونيا قانوناً خاصاً بمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال خاص بمقدمي خدمات الأصول الافتراضية.
وأخيراً، تسعى بعض الحكومات إلى إجراء مساوة بين الأصول الرقمية، والأموال في ظل خوف البعض الآخر من الصناعة بأكمالها ورؤية أن المخاطر أكثر من المزايا.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.