تمثل العملات الرقمية في الفترة الحالية وخاصة البتكوين BTC جزء من الاقتصاد الكلي، في الوقت الذي تزداد فيه معدلات التضخم داخل الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من بلدان العالم، مما يشجع على الاستثمار في عملات التشفير نظراً لمطاردة شبح الركود والارتفاع في أسعار المستهلكين وفقدان القوة الشرائية للنقد بما يدفع المستثمرين للهرب من التضخم.
ولسنوات، ناقش الخبراء إمكانية البتكوين في أن تكون وسيلة للتحوط ضد التضخم حيث أدى الارتفاع السعري للعملات المشفرة إلى زيادة القوة الشرائية الخاصة بهذه العملات، ولكن بدأت هذه الأقاويل في التذبذب والتغيير خاصة فيما شهده سوق التشفير من هبوط على مدار العام الماضي.
ويبقى السؤال، هل تمثل البتكوين BTC وسيلة للتحوط ضد التضخم في عام 2022؟ بالنظر إلى الأسواق التقنية والتقليدية فإن الأصل المشفر يتعرض إلى العديد من المخاطر، فهل تظل سردية أن البتكوين ذهب رقمي وملاذ آمن عبر تكنولوجيا البلوك تشين؟
لماذا يعد الخبراء عملة البتكوين BTC كوسيلة للتغلب على التضخم؟
ثمة مجموعة من التفسيرات التي تبرر هذه النظرية، منها خصائص البتكوين فبعكس العملات الورقية فإن الأصل المشفر يتسم بالشفافية وعدم الاعتماد على مؤسسة أو كيان فردي أو بنك مركزي كما لا يمكن طباعة الأصل المشفر حيث أن إجمالي المعروض يمثل 21 مليون بتكوين.
وأصل البتكوين لا يتسم بكونه عند المستويات الثابتة أو المنخفضة فهو أصل لا يتسم بالانكماش، وتبلغ نسبته 1.8% سنوياً وهذه المستويات محددة مسبقاً ولا يمكن إجراء تغيير لها، وإضافة إلى ذلك ينخفض معدل التضخم الخاص بالعملة كل 4 سنوات أو كل نصف متتالي وعلى مدار تاريخ العملة ثمة 3 مرات لحدث التقسيم الخاص بالعملة حيث انخفاض مستوى التضخم إلى النصف.
ويستطيع تداول المستثمرين التغيير من سياسة العملة المشفرة ولكن ثمة حماية فائقة تشكل البتكوين من خلال أمان التشفير عبر تقنية البلوك تشين والطاقة عبر بروتوكول إثبات العمل.
وثمة فرضيات متعلقة بتداول البتكوين على المدى الطويل، وبالتالي تمثيل لفرضية التحوط ضد التضخم وثمة بيانات ترصد عدم خسارة أي شخص اشترى العملة منذ ثلاثة سنوات أو 4 أشهر.
وعند النظر إلى تاريخ تداول البتكوين يمثل الاتجاه طويل الأجل اتجاه تصاعدي، فعلى الرغم من تعرض أسواق التشفير إلى الهبوط وبالتالي خفض القيمة السعرية لبتكوين بنسبة 86% في عام 2014، و 84% في عام 2018، و 75% في عام 2022 إلا أن العملة تتسم بطبيعتها المرنة التي تمكنها من أن تولد من جديد لتكون أفضل وأقوى وبالتالي انتعاش الأسواق ووصولها إلى مرحلة صعودية.
هل عملة البتكوين BTC ضعيفة؟
ويظل خبراء صناعة التشفير وخبراء الاقتصاد في نقاش يدحض فرضية وجود البتكوين كوسيلة للتحوط ضد التضخم بسبب السوق الهابط الذي استمر منذ نهاية عام 2021 وطوال عام 2022 حيث انخفاض سعر العملة بنسبة 75% من 69000 دولار إلى 17600 دولار في يونيو 2022.
ويختار بعض المستثمرين ممن اشتروا العملات المشفرة بنهاية السوق الصاعدة في العام الماضي إتباع سياسات التضخم الذي بلغ 8.2% في الولايات المتحدة و 10.7% في أوروبا، لأن هذه الأرقام المرتفعة ليست مثل رقم انخفاض البتكوين (74%).
وعلى الجانب الآخر، تنال فرضية التحوط ضد التضخم سخرية مستخدمي تويتر الذين يربطون العملة بمختلف الأصول والسلع، حيث يقارنها البعض بثمرة الافوكادو التي يظنون أنها أقوى من الأصل المشفر.
ربط التشفير بالأسواق التقليدية
ومثل أي شيء، ثمة مزايا وعيوب للأصل المشفر، حيث خسرت البتكوين BTC في العديد من الأشهر الماضية بسبب الربط القوي بينها وبين الأسواق التقليدية وبخاصة مؤشرات التكنولوجيا وهو ما أثار قلق داعمي العملة وخاصة بعد محاولات لعرض البتكوين كأصل غير مرتبط ببورصة ناسداك أو مؤشر SPX.
وفي نفس السياق، فقد تسبب عام 2022 في إحداث بعض التغييرات فخلال العام الماضي تشكلت علاقة قوية بين العملات وسوق الأسهم ولم يحدث هذا الدمج من قبل.
وبحسب هذا الرسم البياني، فثمة ارتباط بين الأسعار اليومية للبتكوين ومؤشر SPX وناسداك لتوجد علاقة إيجابية منذ بداية هذا العام، وظل الارتباط مع مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا عند 80-90% لمعظم العام ومع مؤشر SPX بنسبة 70-80%.
وتتضح العلاقة مع الأسواق التقليدية وبخاصة خلال فترات إصدار بيانات الاقتصاد الكلي، والتي ترصد مستوى التضخم والبطالة أو مؤتمرات خاصة بالبنك الاحتياطي الفيدرالي التي تنتهي برفع أسعار الفائدة.
وأشار المستخدم VetleLunde إلى هذا الأمر في الفترة الأخيرة الذي غرّد ببيانات في شهر أكتوبر ترصد العلاقة بين البتكوين ومؤشر SPX وناسداك والذهب ونتج عن هذه البيانات أن الأسواق أكثر ارتباطاً خلال ساعات التداول في الولايات المتحدة إضافة إلى الارتباط بالتضخم، لذا ينظر المستثمرين في أميركا إلى البتكوين كأصل مشفر لا يحتوي على مخاطر أكثر من كونه وسيلة للتحوط ضد التضخم.
علاقة سلبية بين البتكوين والدولار
وثمة علاقة سلبية بين أسهم التكنولوجيا ومؤشر الدولار الأمريكي نتيجة للعلاقة العكسية بينهما، وترتبط جميع الأسواق الصاعدة للأصل المشفر بالانخفاضات في مؤشر الدولار كما يتزامن هبوط البتكوين مع الزيادات في مؤشر الدولار بما يؤكد وجود علاقة عكسية قوية من خلال معامل الارتباط في الجزء السفلي من الرسم البياني، وخلال فترات الاتجاهات القوية ثمة ارتباط سلبي يمثل مناطق رمادية.
هل التضخم تحوط ضد بتكوين؟
وبالنظر إلى العديد من مؤشرات السلسلة فثمة قوة للبتكوين مثلما كانت تبدو دائماً، كما أن التبني للعملات الرقمية يسير بوتيرة سريعة حتى أصبح المستثمرون فاعلون وبالتالي يزيد هذا من سعر العملة.
ولدخول كبرى الشركات في تقنية البلوك تشين أثر لأن تصبح البتكوين جزء من التمويل العالمي، تماماً مثلما دعا ساتوشي ناكاموتو في البداية، لذا فإن الارتباط بالسوق التقليدي أو اعتبار البتكوين أصل عالي المخاطر ربما أصبح أمراً غير مقبول.
وتدخل العملات المشفرة مرحلة النضج، والتي ستؤدي إلى ضعف مستويات التقلب التي تشهدها هذه العملات، وبالتالي تشجيع المتداولون على الاستثمار في الصناعة فلن تكون القيعان منخفضة ولن يعد الوصول إلى القمم الغرض الأوحد لتجار التجزئة.
وثمة ميزة أخرى للبتكوين وهي قدرتها على التكيف والتوافق مع سرديات مختلفة، فهي ليست فقط ذهب رقمي أو وسيلة للتحوط ضد التضخم أو أصل يتسم بالمخاطرة، بل اشعلت البتكوين فكرة جديدة عن مدى الاستفادة من الأصول الرقمية.
ويكون الهدف الأصلي هو مدى الاستفادة من التطور الرقمي السريع وتحسين آليات العملات الورقية والذي يجب النظر إليه إذا كنت تود النظر إلى المستقبل.
للتعرف على أسعار العملات الرقمية اضغط هنا.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
