أصبحت العملات المشفرة واقعاً لا فرار منه، الأمر الذي وضعها على رأس أجندة أعمال قمة المناخ لهذا العام، حيث من المتوقع مناقشة أهم تأثيراتها على البيئة والطاقة.
لا صوت يعلوا فوق صوت الاستعداد لانعقاد قمة الأمم المتحدة للمناخ Cop27 التي تستضيفها هذا العام مدينة شرم الشيخ المصرية بجنوب سيناء في الفترة من 6 نوفمبر ولمدة 12 يوم. تستمر فيها فاعليات المؤتمر حتي 18 نوفمبر.
سيجتمع 40 ألف مشارك في مؤتمر قمة المناخ COP 27، من رؤساء الدول والوزراء والمفاوضون. جنبًا إلى جنب مع نشطاء في مجال المناخ وممثلي المجتمع المدني، في مدينة شرم الشيخ المصرية في أكبر تجمع سنوي حول العمل المناخي.
ما هو مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي
هو مؤتمر يعقد بشكل سنوي. وتستضيفه أحد الدول التي تتقدم لاستضافته. وقد عقد العام الماضي في مدينة غلاسكو أكبر مدن إسكتلندا، ويعقد هذا العام بمدينة شرم الشيخ في مصر، في حين يعقد العام القادم 2023 بالعاصمة الإمارتية أبو ظبي.
كما هو واضح من توزيع المدن المضيفة، يخضع اختيار الدول المضيفة لنظام التناوب بين القارات. وهو النظام المعمول به في الأمم المتحدة منذ انعقاد أول مؤتمر في عام 1995 بالعاصمة برلين في المانيا.
المؤتمر هو جزء من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التغير المناخي الذي وقعت أغلب الدول عليها في عام 1992. ويهدف بشكل أساسي إلى الوصول إلى مستويات منخفضة من انبعاثات ثاني أكسيد الكاربون، الناتج عن زيادة معدلات استخدام الطاقة غير النظيفة مثل الفحم والنفط والغاز.
تلك الانبعاثات تزيد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل عام. حيث ان التغييرات في منطقة واحدة قد تؤدي إلى تغييرات في جميع المناطق الأخرى من العالم. تشمل عواقب تغير المناخ، الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الشديدة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيولوجي.
ما العلاقة بين تغير المناخ وتعدين العملات المشفرة؟
شهد البرلمان الأوروبي في مارس الماضي حالة من الجدل ليست الأولي من نوعها. حول كميات الطاقة المستهلكة في تعدين العملات المشفرة. الجدل نفسه يدور في الولايات المتحدة الأمريكية، التي يدعوا الديمقراطيون فيها إلي مراجعة شاملة للشركات التي تقوم بتعدين العملات المشفرة. نتيجة لكميات الطاقة التي تستخدمها عمليات التعدين.
يستهلك تعدين البيتكوين BTC حوالي 204.50 تيرا واط في الساعة من الكهرباء سنوياً، وهو ما يعادل باستهلاك الطاقة السنوي في دولة كاملة مثل تايلاند، وبحسب بعض الاحصائيات يتسبب ذلك في أكثر من 22 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
تقف حجج المناصرين لمنع تعدين العملات المشفرة مستندة إلى أن الشركات تستهلك كميات عالية من الطاقة، التي تتسبب في مزيد من غازات ثاني أكسيد الكربون. مما يؤدي بدوره إلى زيادة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة، والحاق أضرار بالبيئة.
خصوصُا في ظل الحظر المفروض من الصين علي عمليات تعدين العملات المشفرة. وهو الأمر الذي قد يدفع بالشركات نحو القارة الأوروبية والولايات المتحدة، وبالتالي زيادة الضغط علي الطاقة.
في ظل ظروف دولية صعبة تمر بها الدول الغربية بعد ارتفاع أسعار الطاقة علي أثر الحرب الروسية الأوكرانية. وهو ما دفع بنيويورك الي تجميد عمليات التعدين الخاصة بالعملات المشفرة في وقت سابق.
الدول النامية وتعدين العملات المشفرة
المجتمعات المتقدمة والحرة لا تمثل سوى 20% من سكان العالم، أغلبهم يعيشون في نصف الكرة الغربي. ذلك في حين أن 80% من سكان العالم يعيشون في الدول النامية والأقل نمو.
وهي الدول الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية، والأقل مساهمة في إنتاج انبعاثات الغازات الكربونية. العامل الأساسي في ارتفاع درجات حرارة الأرض.
تنظر الدول النامية إلى نفسها كضحية للتغيرات المناخية المتعلقة بالجفاف والفيضانات والكوارث الطبيعية. في حين أن الدول المتقدمة هي الدول التي تنتج أعلي كميات من الغازات وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
في ظل الجدل الدائر حول تأثير الطاقة وتعدين العملات المشفرة، قد تدخل الدول النامية علي خط الأزمة من بوابة قمة المناخ في مصر. حيث تري مصر نفسها ممثلة عن مصالح الدول النامية في هذا المؤتمر، الذي يحظى باهتمام عالمي رفيع المستوي.
تبدو الفرصة سانحة للدول النامية في قمة المناخ وجميعها تقريبًا حاضرة. لألقاء مزيد من الضوء علي عمليات تعدين العملات المشفرة التي تتزايد ويتزايد معها استهلاك الطاقة، ومزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ماذا عن المساومة؟
في مؤتمر باريس عام 2015 وضعت الدول المتقدمة 100 مليار دولار أمريكي. كمساعدات للدول النامية بشكل سنوي، علي أن يتم أعادة النظر في هذا المبلغ في 2025 على أقصى تقدير.
لم تفِ الدول المتقدمة بالتزاماتها تجاه الدول النامية. ولم تقدم الـ 100 مليار التي وعدت بها، في حين تتزايد الأعباء علي الدول النامية. مع نمو صناعة جديدة مثل الكريبتو تزيد نسب استهلاك الطاقة. ولكن من يتحمل العبئ الحقيقي هو الدول النامية. والتي يمكن أن تفتح المجال للمساومة بين الحصول علي المساعدات المالية التي وعدت بها الدول المتقدمة. أو وضع الدول النامية العراقيل أمام العملات المشفرة وعدم الاعتراف بها.
شركات الكريبتو له وجهة نظر أيضًا
الشركات التي تقوم بالتعدين وتتلقي انتقادات واسعة من نشطاء التغير المناخي في العالم. يمكن هي الأخرى أن تتدخل وتطيح بالطاولة في وجه الجميع. بحيث تقدم مساعدات مالية وتقنية كبيرة يمكن أن تغري بها الدول النامية. في مقابل قبول تلك الدول بالعملات المشفرة وتجاهل مسألة التعدين والطاقة النظيفة.
ماذا عن أوجه الاستفادة؟
عند الحديث عن العملات المشفرة بالنسبة للدول النامية لا تبدو الصورة ضبابية تمامًا. فهذه الدول يمكن أن تحقق منافع ومكاسب أكثر حتي من الدول المتقدمة ذاتها. العملات المشفرة يمكن أن تكون وسيلة في معالجة نقص الحرية الاقتصادية التي تغلب علي الدول النامية. فالحكومات تحتكر كل شيء. أو مجموعة قليلة هي التي تسيطر علي الأموال وتمنع الأخرين من الوصول إليها من خلال القوانين والتشريعات.
في دول مثل كينيا وفيتنام وفنزويلا والبرازيل، على سبيل المثال، وبسبب تكلفة وبيروقراطية النظم المالية القديمة غير المستقرة، وانخفاض قيمة العملة. بدء العديد من الأشخاص بالتوجه نحو تبني العملات المشفرة من أجل الحفاظ على مدخراتهم، والالتفاف علي قرارات الحكومة.
ربما الحكومات تتشدد ولكن الناس لهم رأى أخر
في البرازيل الرائدة في أمريكا اللاتينية. قرر أكثر من 10.4 مليون شخص من مستخدمي العملات المشفرة، التعامل بها كبديل للعملات الورقية. ومع بنائها لأكبر سد علي مجري نهر النيل لتوليد الطاقة في القارة الإفريقية، قد تتجه إثيوبيا هى الأخري إلى دعوة شركات تعدين العملات المشفرة لضخم استثمارات يمكن أن تأسس لنهضة البلاد.
توفر العملات المشفرة خيار بديل للذين يعيشون في بلدان نامية، حيث تسيطر البيروقراطية وتزيد الاحتكارات. من خلال العملات المشفرة بإمكان الأفراد كسر الاحتكار من خلال الانخراط في نظام اقتصادي بديل. يكون لدي الأشخاص فرصة للنمو والثراء. ليس فقط الأفراد وأنما الحكومات أيضًأ، أذا ما قررت التخلي عن الاعتبارات المناخية لصالح النهضة الاقتصادية التي يمكن أن تجلبها صناعة الكريبتو.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.