مع دخولنا في آخر شهر من النصف الأول من العام 2023. فإن الوضع في سوق العملات الرقمية هادئ جدًا على غير العادة. و التقلبات فيه ضعيفة جدًا وقد انخفضت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. تقلّص نطاق تذبذب سعر عملة البيتكوين (BTC) خلال الأسبوعين الماضيين إلى 6.3٪. أما سعر عملة الإيثر (ETH) محاصر في نطاق ضيق بنسبة 7.1٪.
جاءت هذه التداولات المحدودة بعد أن توّصل الحزبين الديمقراطي و الجمهوري إلى اتفاق بشأن رفع حد سقف الدين الأمريكي. ما يجنب تخلف الحكومة الأمريكية عن سداد ديونها و هو ما كان قد يؤدي إلى موجة كبيرة جدًا من الاضطرابات في جميع الأسواق المالية.
صحيح أننا رأينا بعض الارتفاعات في الأسعار . و لكن لم تكن بالقوة التي تخرجها من نطاقاتها الضيقة.
عندما ظهرت أزمة القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر مارس الماضي. اندفع الكثير من المستثمرين إلى شراء بيتكوين بصفتها ملاذًا آمنًا. وارتفعت أسعارها بقوة بنسبة بلغت 22.96%.
حالة الاقتصاد الكلي تشغل المستثمرين
ولكن بعد ذلك، دخل سعر البيتكوين ومعه أغلب سوق العملات الرقمية في تداولات جانبية تميل إلى الهبوط.
منذ ذلك الوقت تركزت النقاشات في أسواق المال حول الصورة الاقتصادية الكبرى. حول السياسية النقدية ورفع أسعار الفائدة والمخاوف من حدوث ركود اقتصادي. بالدرجة الأولى في الولايات المتحدة وأيضًا أوروبا وبقية العالم.
ويبدو أن المتداولين في الأسواق المالية، ومنها سوق العملات الرقمية قد تجاهلوا تقريبًا كل الأخبار والعوامل الأخرى. فقدت بشكل واضح الاهتمام بجميع السرديات التقليدية التي تعكس عادة ردود فعل المستثمرين.
التطورات في مؤشرات الاقتصاد الكلي بطيئة ولا تظهر بسرعة. فمعدلات البطالة والتضخم تصدر شهريًا. ولذلك من الطبيعي أن نشهد مدة زمنية طويلة من الترقب والانتظار ما سوف تسفره عليه هذه الأرقام. ومعها ردة فعل البنك الاحتياطي الفيديرالي.
ضعف السيولة في أسواق العملات الرقمية
ولكن هناك عامل آخر ساهم في الخفاء في تراجع حدة التقلبات في أسواق العملات الرقمية. و هو نقص وانخفاض أحجام السيولة. كنتيجة مباشرة لأزمة المصارف في الولايات المتحدة الامريكية. و السياسة المتشددة التي انتهجتها الهيئات الرقابية في البلاد في عام 2023.
في نهاية فبراير، أصدر البنك الاحتياطي الفدرالي ومكتب ضمان الودائع المصرفية ومكتب المراقب المالي بيانًا مشتركًا حذروا فيه البنوك من مخاطر السيولة المرتبطة بتعاملها مع شركات العملات الرقمية المشفرة.
السيولة في الغالب تساعد على استقرارا الأسعار وتقليص التذبذبات الحادة. ولكن في أسواق العملات الرقمية. التحركات الكبيرة في الأسعار، عادة ما تكون مصحوبة بأحجام كبيرة من السيولة.
فمنذ انهيار بنكي سيلفرغيت Silvergate و سيجنتشر بانك Signature Bank الذان كانا يعدان صديقان لشركات العملات الرقمية ويوفران أغلب خدماتها المصرفية والتحويلات المالية.
فالكثير من الشركات و المستثمرين يجدون صعوبة في إيجاد من يقدم لهم الخدمات المصرفية لإجراء التحويلات المالية من وإلى سوق العملات الرقمية. و بالتالي الكثير من السيولة لا تدخل إلى السوق.
ولقد امتدت هذه الظاهرة حتى خارج الولايات المتحدة. وكان آخر خبر حول هذه النقطة هو توقف البنوك في أستراليا عن تقديم خدماتها لمنصة بينانس.
كما أن شركات موفري السيولة الأمريكية. والتي تسمى أيضًا صانع السوق Markets Maker إما توقفت عن النشاط، أو أعلنت تقليص حجم أعمالها.
في بداية شهر مايو أفادت وكالة بلومبرغ بأن شركتي جين ستريت Jane Street وجمب كريبتو Jump Crypto. وهما من أكبر صناّع سوق العملات المشفرة. سيخفضان نشاطهما في تداول العملات المشفرة في الولايات المتحدة نظرًا للاستمرار في حملة الرقابة التنظيمية من قبل الجهات الرقابية في البلاد.
البيع في مايو والخروج من سوق العملات الرقمية
السؤال الذي يشغل بال الكثيرين متى سوف تكون الحركة القوية القادمة؟
لا أحد يعرف الإجابة الدقيقة على هذا السؤال. ولكن من المؤكد أن لديها علاقة قوية بتحركات البنك الاحتياطي الفيديرالي المقبلة.
هناك مقولة مشهورة في أسواق المقال تقول "بع في مايو و اخرج من السوق Sell in May and Go Away". و فكرتها ببساطة ترتكز على فرضية أن أداء الأسواق في أشهر الصيف عادة ما يكون أسوء من بقية الأشهر. و تقترح بيع الأصول في مايو و الخروج من السوق حتى شهر أكتوبر أو نوفمبر.
لو نظرنا، إلى أداء سعر بيتكوين حسب بيانات منصة coinglass في أشهر الصيف في السنوات الخمس الماضية. نلاحظ أن هناك جزء من الصحة في هذه الفرضية. فالغالب هو الأداء السلبي في أشهر مايو، و يونيو و أغسطس و سبتمبر، أما يوليو فقد كان الأداء إيجابي في 4 سنوات .
الآن بالعودة على السعر في العام الحالي. في شهر مايو المنتهي انخفض سعر بيتكوين بنسبة 6.98% ليسجّل بذلك أسوء أداء له منذ شهر نوفمبر الماضي.
وهذا ما جعل بعض المحللين يشيرون إلى بداية تشكل النمط و إمكانية استمرا ر تراجع الأسعار في أشهر الصيف القادمة.
من الجدير بالذكر أن هذه الاستراتيجية قد لا تكون دائمًا فعالة. ولا تنطبق على جميع الأسواق أو جميع السنوات. وأيضًا هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على أداء السوق في أي وقت من السنة.
كما أن العملات الرقمية ليست معرضة لنفس الدورات الموسمية التي تشهدها الأسواق التقليدية. حيث يمكن أن يحدث التقلب في أي وقت بسبب مجموعة من العوامل مثل القرارات التنظيمية. الاختراقات، والفضائح في الشركات وبورصات تداول العملات الرقمية.
التوقعات الفنية لسعر بيتكوين
بيتكوين هي العملة الرائدة في سوق العملات الرقمية، وتحركات سعرها غالبا ما يقود الاتجاه العام لسوق. لذك سوف نركز على تحليل اتجاهه القادم لأخد فكرة عامة عن التوقعات المستقبلية في كامل أسواق العملات الرقمية.
على الرسم البياني اليومي نلاحظ أن سعر البيتكوين BTC يتحرك في قناة سعرية صاعدة رئيسية منذ بداية العام الجاري.
ولكن منذ بداية شهر أبريل الماضي تشكلت قناة سعرية هابطة ثانوية . داخل القناة السعرية الرئيسية.
السعر يختبر الحد السفلي للقناة الصاعدة. ولكن حتى في حالة كسره فليس من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى موجة هابطة قوية.
المستويات الفنية التي قد يحترمها و يجب مراقباتها هي مستوى الدعم 26000 دولار ثم المستوى 25000 دولار. في حالة كسر هذا الأخير فأن ذلك يمكن أن يشكّل إشارة قوية على تغيّر اتجاه السعر نحو الهبوط إلى مستويات بداية العام، في حدود مستوى 20000 دولار.
في ناحية الصعود اختراق مستوى المقاومة النفسي 30000 – 30500 دولار هو الإشارة الفنية الرئيسية لاستمرار الموجة الصاعدة نحو المستوى 35000 دولار.
عموما، سعر بيتكوين BTC كما قلنا في بداية المقال يتحرك في اتجاه جانبي محصور بين 26000 -30000 دولار. و هذه الظروف مناسبة بالنسبة للتداول اليومي و الفرص قصيرة الأجل يمكن استغلال التراجعات و تحديد مستويات الدعم للدخول في صفقات الشراء لتحقيق أرباح السريعة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.