في خطوة أثارت الكثير من الجدل، قررت آبل تعديل سياسات الأمان الخاصة بخدمة iCloud في المملكة المتحدة، دون تقديم تفسير واضح للأسباب وراء هذا التغيير. هذه الخطوة قد تشكل نقطة تحول كبرى في معايير حماية الخصوصية على مستوى العالم.
تراجع أمني في iCloud: آبل تلغي التشفير المتقدم
أعلنت آبل عن إيقاف دعم التشفير من طرف إلى طرف لميزة الحماية المتقدمة للبيانات (ADP) لمستخدمي iCloud في المملكة المتحدة. هذا القرار يعني أن بعض البيانات المخزنة، مثل النسخ الاحتياطية، والصور، والملاحظات، والمذكرات الصوتية، ستكون متاحة للسلطات في حال صدور أمر قضائي بذلك. ومع ذلك، سيظل التشفير الكامل مفعلًا لحماية كلمات المرور، والبيانات الصحية، والمعلومات المالية، وسجلات iMessage.
جاء تعليق الشركة على هذا التغيير محمّلًا بخيبة الأمل، إذ صرح جوليان تروسدورف، المتحدث باسم آبل:
"نشعر بخيبة أمل لأن الحماية التي توفرها ADP لن تكون متاحة لعملائنا في المملكة المتحدة، خاصة في ظل تزايد الانتهاكات الأمنية وتهديدات الخصوصية."
قرار آبل جاء استجابة لضغوط الحكومة البريطانية، حيث طالب وزارة الداخلية بقيادة إيفيت كوبر بفتح ثغرة أمنية تتيح الوصول إلى الملفات المشفرة، مستندة إلى قانون صلاحيات التحقيق لعام 2016، المعروف باسم "ميثاق المتلصصين".
آبل بين الامتثال والمقاومة
بدلًا من الامتثال المباشر للمطالب الحكومية، فضّلت آبل تعطيل التشفير المتقدم لمستخدميها في المملكة المتحدة، إلا أن هذه الخطوة قد لا تكون كافية لإرضاء السلطات، التي لا تزال تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى البيانات المخزنة خارج البلاد.
من جانبها، لم تُدلِ آبل بأي تعليق رسمي حول الأمر، إذ إن أي إفصاح عن هذه الطلبات الحكومية يعتبر مخالفًا للقانون البريطاني. ومع ذلك، أكدت الشركة على التزامها بضمان "أعلى مستوى من الأمان" لمستخدميها، مشددة على أنه لن يتم إدراج أي ثغرات أمنية أو "مفتاح رئيسي" يمنحها أو أي جهة أخرى وصولًا غير مصرح به إلى البيانات.
كما أوضحت أن المستخدمين الذين قاموا بالفعل بتفعيل الحماية المتقدمة للبيانات (ADP) لن يتأثروا، إذ لا تمتلك الشركة مفاتيح فك تشفير بياناتهم. ومع ذلك، ستوفر آبل قريبًا تعليمات لمستخدميها بشأن كيفية تعطيل هذه الميزة لضمان استمرار الوصول إلى خدمات iCloud.
تهديد جديد لخصوصية المستخدمين؟
هذا التراجع المفاجئ من آبل يثير مخاوف واسعة بين الخبراء، إذ يعتبرونه سابقة خطيرة يمكن أن تستغلها حكومات أخرى للمطالبة بالوصول إلى بيانات المستخدمين.
أولي باكلي، أستاذ الأمن السيبراني في جامعة لوفبورو، علّق على القرار قائلًا:
"بمجرد أن توجد ثغرة، فالأمر مجرد وقت قبل أن يتم استغلالها لأغراض خبيثة. إزالة ADP ليس مجرد تنازل رمزي، بل هو إضعاف فعلي لأمان iCloud في المملكة المتحدة."
هذه الخطوة تفتح الباب أمام تساؤلات أكثر خطورة: إذا نجحت المملكة المتحدة في الضغط على آبل، فما الذي يمنع دولًا أخرى من المطالبة بالشيء نفسه؟
حتى الآن، لا يؤثر القرار إلا على بيانات iCloud، لكن البعض يخشى أن يمتد ليشمل خدمات أخرى مستقبلًا. لهذا السبب، ماثيو غرين، خبير التشفير وأستاذ في جامعة جونز هوبكنز، ينصح المستخدمين بتفعيل ميزة الحماية المتقدمة في أسرع وقت:
"كلما زاد عدد المستخدمين الذين يعتمدون عليها، أصبح من الصعب على الشركات والحكومات إغلاق هذه الثغرة الأمنية."
بين الأمن والخصوصية: هل يجب التضحية بأحدهما؟
هذه القضية تعيد إحياء النقاش الأزلي حول أمن البيانات: هل يجب التضحية بالتشفير من أجل تحقيق الأمن العام، أم أن حماية الخصوصية هي الضمان الحقيقي للأمان؟ على ما يبدو، قد تكون الأيام القادمة حاسمة في تحديد مستقبل أمن البيانات في العصر الرقمي.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
