تترقب أسواق العملات الرقمية و المستثمرون في البيتكوين باهتمام بالغ نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية وقرار الفائدة المرتقب هذا الأسبوع. وسط تقلباتٍ حادةٍ هزّت البيتكوين مؤخرًا ودفعته للتراجع دون مستوى 70 ألف دولا. ويتوقع خبراءٌ تأثيراً كبيراً لنتائج الانتخابات على السوق، لا سيما مع تباين مواقف المرشحين ترامب وهاريس تجاه العملات الرقمية.
المتداولون مع موعد أيضا يوم الخميس مع قرار الفائدة الأمريكية، الذي و إن تراجع إلى المرتبة الثانية في قائمة الاهتمام. إلاّ أنه ذو أهمية كبيرة في رسم الاتجاه الأسعار البيتكوين و سوق العملات الرقمية عموما في الأشهر القليلة القادمة.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالغموض، ينصح الكثير من المحللين بتوخي الحذر واعتماد استراتيجياتٍ صارمة و متوازنةٍ لإدارة المخاطر و عدم التهور و اتباع العواطف.
حاليًا، يتداول البيتكوين عند مستوى 69,145 دولار، بعد فترة من التذبذب الحاد بين مستويات 67,700 دولار و73,300 دولار في أواخر أكتوبر. هذه التقلبات تأتي في ظل تضييق الفجوة في استطلاعات الرأي بين المرشحين ترامب وهاريس. حيث بلغ احتمال فوز ترامب 67% في الثلاثين من أكتوبر عبر منصة سبر الآراء اللامركزية، إلا أنه شهد تصحيحًا حادًا ليصل إلى 56% بعد ذلك.
مواقف المرشحين وتأثيرها على السوق
دونالد ترامب: يُعتبر ترامب الخيار المفضل لدى العديد من المستثمرين في مجال العملات الرقمية. تعهّد بإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات غاري غينسلر في حال فوزه، وبتحويل الولايات المتحدة إلى "عاصمة العالم للعملات الرقمية". هذا التحول في موقفه يعكس تغييرًا استراتيجيًا في خطابه السياسي؛ ففي عام 2019، وصف البيتكوين بـ"الخدعة". لكنه اليوم يظهر دعمًا قويًا للأصول الرقمية ويستفيد من دعم المجتمع الرقمي في حملته الانتخابية.
كامالا هاريس: تتبنى هاريس نهجًا أكثر حذرًا، حيث تدعم إطارًا تنظيميًا واضحًا لصناعة العملات الرقمية دون إعاقة تطورها. رغم موقف الحزب الديمقراطي المتشدد تجاه الأصول الرقمية، إلا أن هاريس لم تستهدف البيتكوين بشكل خاص. ما يشير إلى إمكانية استمرار سياسات إدارة بايدن التي تهدف إلى حماية المستثمرين دون فرض قيود مشددة على البيتكوين.
دور التعيينات في الهيئات التنظيمية والسياسات المالية
تلعب التعيينات التنظيمية والسياسات المالية دورًا حيويًا في تشكيل مستقبل صناعة العملات الرقمية. يعكس اختيار الأشخاص المناسبين للمناصب القيادية في الهيئات التنظيمية كيفية تعامل الحكومات مع الأصول الرقمية، سواء من خلال التيسير والابتكار أو من خلال التشديد والضبط.
تعتمد صناعة العملات الرقمية بشكل كبير على السياسات المالية والتنظيمية، والتي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على نموها وشرعيتها بين المستثمرين والمؤسسات.
يتوقع أن يكون لتعيينات المناصب التنظيمية تأثير كبير على صناعة العملات الرقمية بعد الانتخابات.
رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات SEC الحالي، غاري غينسلر، تبنى نهجًا صارمًا في مراقبة وتنظيم الأصول الرقمية، وهو معروف بتركيزه على حماية المستثمرين وضمان الامتثال للقوانين المالية. يراه العديد من المستثمرين كعائق أمام تبني العملات الرقمية بشكل أوسع، بسبب سياساته التنظيمية المشددة التي تضع قيودًا على الابتكار في هذا القطاع.
دونالد ترامب يعتبر غينسلر عقبة رئيسية أمام تطور صناعة العملات الرقمية، ويعد بإقالته في حال فوزه بالانتخابات. يعتقد ترامب أن تغيير القيادة في اللجنة سيساهم في خلق بيئة أكثر دعمًا للعملات الرقمية وتشجيع الابتكار في هذا المجال.
بينما ترى كامالا هاريس أن غينسلر يؤدي دوره بفعالية في حماية المستثمرين، وتدعم استمرار سياساته لضمان تنظيم متوازن للأصول الرقمية.
بحسب "جاكوب ويلسون", الخبير الاقتصادي في "Morgan Stanley", فإن تعيين رئيس جديد للجنة الأوراق المالية من قبل ترامب قد يفتح الباب أمام تسهيل إدراج صناديق ETF بيتكوين الفوري، مما يعزز من شرعية الأصول الرقمية في أعين المؤسسات المالية الكبرى
التوقعات المحتملة لأسعار البيتكوين بعد الانتخابات
توقع بعض المتداولين أن يصل سعر البيتكوين إلى 100,000 دولار في حال فوز ترامب. بينما يشير محللو بنك بيرنشتاين إلى أن فوز هاريس قد يؤدي إلى تراجع كبير في السعر بنهاية العام. المحلل "Daan Crypto Trades" توقع أن يشهد البيتكوين تحركًا بنسبة 10% على الأقل في أي اتجاه، بناءً على نتائج الانتخابات.
يرى الخبراء أن فوز ترامب سيخلق تفاؤلًا أكبر في الأسواق الرقمية على المدى القصير، خاصةً مع وعوده بإزالة العقبات التنظيمية. في المقابل، قد يؤدي فوز هاريس إلى استقرار السوق على المدى الطويل مع سياسات تنظيمية متوازنة. يعتقد محللو شركة "Standard Chartered" أن سعر البيتكوين قد يصل إلى 125,000 دولار في حال فوز ترامب. بينما يتوقع محللو "Deribit" أن يصل السعر إلى 80,000 دولار بنهاية نوفمبر.
وفقًا للمحلل "مايكل فان دي بوب"، فإن فوز ترامب قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في السيولة في الأسواق الرقمية. مما يعزز من استثمارات المؤسسات الكبرى في البيتكوين. كما أشار "ناثان باتريك"، المحلل في شركة "ARK Invest", إلى أن الدعم المتوقع من إدارة ترامب قد يشجع الشركات الأمريكية على اعتماد البيتكوين كجزء من احتياطاتها المالية.
في المقابل، يرى "كريس دان"، محلل الأسواق المالية، أن فوز هاريس قد يدفع البيتكوين نحو الاستقرار على المدى الطويل. لكنه يتوقع أن تتسم الفترة الانتقالية بالتذبذب نتيجة لعدم وضوح السياسات التنظيمية المستقبلية. أما "تيموثي بيترز" من "بلومبرغ", فقد أشار إلى أن السوق قد يتفاعل بشكل إيجابي مع فوز هاريس إذا تضمنت سياساتها إطارًا تنظيميًا متوازنًا يطمئن المستثمرين.
قرار الفائدة وتأثيره المتوقع
بالإضافة إلى الانتخابات، يترقب المستثمرون قرار الفائدة المتوقع صدوره في السابع من نوفمبر. من المتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وذلك استنادًا إلى توقعات المحللين. عادةً ما تستفيد الأصول المالية عالية المخاطر، مثل الأسهم والعملات الرقمية، من انخفاض أسعار الفائدة، حيث يزداد الطلب عليها مع تراجع تكاليف الاقتراض.
في سبتمبر الماضي، قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، مع توقع خفض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس في نوفمبر. هذه السياسة النقدية التوسعية توفر بيئة ملائمة لنمو كل من البيتكوين والأسهم، بغض النظر عن نتائج الانتخابات.
وأشار "توم لي", الشريك المؤسس لشركة "Fundstrat Global Advisors", إلى أن خفض الفائدة المستمر قد يكون الداعم الأكبر لنمو البيتكوين في عام 2025، بغض النظر عن الفائز في الانتخابات. وأضاف أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي ستظل العامل الأهم الذي يؤثر على معنويات المستثمرين في الأسواق المالية.
نصائح المتداولين وتوقعات تحركات الأسعار البيتكوين هذا الأسبوع
في ظل التقلبات الحالية، ينصح المحللون المتداولين بتوخي الحذر واعتماد استراتيجيات تداول متوازنة. يشير "جوناثان سميث", المحلل في "Crypto Insights", إلى أهمية مراقبة مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية للبيتكوين، مع التركيز على مستوى 70,000 دولار كمقاومة حاسمة. كما يوصي "أليكس جونز", المتداول في "Blockchain Capital", بالابتعاد عن التداول اليومي والتركيز على التداول المتأرجح خلال هذه الفترة، نظرًا للتقلبات العالية المتوقعة.
ينصح الخبراء بضرورة توزيع المخاطر والاستثمار في أصول متنوعة لتجنب التأثيرات السلبية للتقلبات الكبيرة في الأسعار. يشير "مايكل روجرز", من "Digital Asset Research", إلى أن الفترة الحالية تتطلب استخدام استراتيجيات التحوط مثل الصفقات القصيرة لتقليل المخاطر. ويرى أيضًا أن المتداولين يمكنهم الاستفادة من التحركات السعرية الكبيرة من خلال استخدام أوامر وقف الخسارة لضمان تقليل الخسائر المحتملة.
كما يؤكد "إليوت ويلسون", المتداول المخضرم في "CryptoTraders Pro", على أهمية عدم الانجرار وراء العواطف في هذه الأوقات الحرجة. مشيرًا إلى أن السوق قد يشهد تحركات غير متوقعة بسبب عوامل سياسية واقتصادية مختلفة، بما في ذلك نتائج الانتخابات وقرار الفائدة. ويوصي المستثمرين بالبقاء على اطلاع دائم بالأخبار الاقتصادية وتحديثات السوق، واستخدام أدوات تحليل البيانات لتعزيز قراراتهم.
من جهة أخرى، يشير "سام هاريس", المحلل في "Bitwise Asset Management", إلى أن التحركات السعرية هذا الأسبوع قد تكون متأثرة بشكل كبير بالأنباء السياسية والاقتصادية. ولذلك يفضل تجنب الصفقات ذات الرافعة المالية العالية لتقليل المخاطر في ظل عدم اليقين السائد. كما ينصح المتداولين بالاستفادة من الفترات الهادئة نسبيًا لإعادة تقييم استراتيجياتهم وضبطها بما يتماشى مع التطورات الجديدة.
في النهاية، ينصح الخبراء بالتروي وعدم الاندفاع في اتخاذ القرارات الاستثمارية، خصوصًا في ظل الأوضاع الحالية التي تتسم بعدم اليقين والتقلبات العالية. يتطلب النجاح في هذه البيئة استراتيجية حذرة و إدارة صارمة و متّزنة تجمع بين التحليل الفني والتحليل الأساسي. مع مرونة في التكيف مع المستجدات الاقتصادية والسياسية.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.