ميتافيرس من أبرز و أكثر المواضيع بحثاً على الانترنت، وحسْبَ مقال لثيو بريستلي، المدير العام والمؤسس الشريك لشركة Metanomic، فإن هذا العالم الافتراضي يحمل في طياته كثير من الإمكانيات والاحتمالات والعوالم التي ستكون فيها مستقبل الإنسانية. لكن لا يزال أيضاً مفهوم هذا العالم يلازمه كثير من الحصر وبعض المغالطات :
الألعاب جزءٌ، والكلُ ميتافيرس
"لا يمكن حصر ميتافيرس في ألعاب الفيديو، ولكنه نظام بيئي يوفر العديد من الإمكانيات. ورغم عدم وجود إجماع على تعريف دقيق لها، لكن يمكن الجزم أنّها ليست لعبة فيديو فقط!.
تتطلع شركات الألعاب إلى الانضمام إلى موضة إدراج كلمة "metaverse" حتى في أصغر الفرص. و عندما تتاح الفرصة في المجال، تتسابق تلك الشركات للانضمام لها حتى ننظرَ إليها على أنها مبتكِرة. أو أنّ قادتها يسعون لعهد جديد، فيبحثون في إنشاء صورة للعلامة التجارية الجديدة ويجمعون الأموال من العملاء للانطلاق في استثمارها.
يُحدِث وسم "metaverse" على لعبة عبر الإنترنت تأثيراً عكسيًا على القطاع، فيختزلُه في لعبة! ويخاطر بباقي الإمكانات التي لا حصر لها للعالم الافتراضي. كما أنّ الخطر الرئيسي يكمن في حقيقة أن المستخدمين يبدأون في الاعتقاد بأن عالم الألعاب هو كل ما يقدمه ميتافيرس و Web3.
MMOtaverse، تعبير عن الألعاب في ميتافيرس
إذا أخذنا أي تجربة تسمى "metaverse" اليوم، فإن تلك التجربة لا تتضمن أكثر من مجرد لعبة فردية أو متعددة اللاعبين (MMORPG) على الانترنت. و إذا رأيت الكثير من ألعاب MMORPG تحمل رموز Web3 وميتافيرس، فذلك لأن فريق التسويق رآها كفرصة لكسب المال من خلال استخدام تلك العبارات.
يجدر الذكر أنّهُ تم استثمار 120 مليار دولار في "metaverse" في عام 2022، بينما تقدر شركة McKinsey أن قيمة هذا العالم قد تصل إلى 5000 مليار دولار في عام 2030.
في سياق متصل، اتخذت مجموعة ثلاثية من الألعاب عبر الإنترنت (Fortnite و Roblox و Rec Room) أيضًا خطواتها الأولى نحو هذا العالم الرقمي الجديد لكن دون الإشارة الى ذلك في إعلاناتها ودون ادراج تسمية metaverse أو أحد رموزها في بيان مهمتها، و هو ما يمنح الثلاثي مصداقية اكثر من غيرهم.
- "Fortnite هي لعبة حرب ملوك مجانية للعب بها العديد من طرق اللعب لكل أنواع اللاعبين."
- "Roblox عبارة عن منصة عالمية تجمع اللاعبين معًا في الألعاب".
- "Rec Room هي مساحة للبناء واللعب معًا".
هذه الألعاب تشترك في عنصر اجتماعي ثلاثي الأبعاد بارز إلى حد ما عبر الإنترنت. ولا يزال يتم تعريف التجربة الأساسية على أنها لعبة. وهذا لم يمنع المؤثرين والصحفيين والمدونين في جميع أنحاء العالم من الترويج لتلك الألعاب على أنها ميتافيرس. و يمكن تفسير ذلك بأنّ مواقع الويب تحتاج إلى جمع النقرات. و metaverse هي كلمة رئيسية ذائعة الصيت في الوقت الحالي. لذلك تتم الاشارة إلى الألعاب الاجتماعية عبر الإنترنت على أنها "metaverse" ويُتوقع أن تكون زيارات الإحالة رائعة.
ميتافيرس: قالب اللعب ليس ضروريًا
البحث في سبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان اليوم ليس لتقليد المنصات الموجودة. طبعا لا ! لكن لفهم ما يجمع الناس معًا في بيئة رقمية. وتكمن الإجابة في التفاعلات بين الأشخاص - وليس اللاعبين - سواء فرديًا أو بين عدة أشخاص. وكنظرةٍ مستقبلية، ستكون metaverse عبارة عن تجربة مشتركة عبر الإنترنت.
اعتبار الألعاب كأساس طبيعي للميتافيرس هو بسبب أنها مألوفة بالفعل كبيئات تفاعلية ثلاثية الأبعاد -نتوقع أنه يتعين علينا "القيام" بشيء ما في هذه العوالم الافتراضية بخلاف مجرد الاسترخاء وقضاء الوقت معًا-. لكن ماذا لو كان هذا سببًا كافيًا؟.
ميتافيرس قبل أن يُعرَف بتسميته الحالية
في عام 2008، تم إطلاق PlayStation Home، وقبل كل شيء كان مكانًا للقاء لاعبين آخرين. وبالطبع كانت هناك ألعاب مصغرة، لكن الهدف الأساسي كان السماح لشعب PlayStation بالالتقاء والدردشة وأن تكون بكل بساطة "حاضر" فقط. وبهذا يصبح PlayStation Home احد سوابق الميتافيرس كمفهومها لعبة.
انتهى الدعم التقني لبلاي ستيشن في عام 2015، لكن قوة المعجبين أعادته إلى الحياة بشكل غير رسمي في 2021، بفضل جهود Destination Home وبالتعاون مع مجموعة معجبين لبلاي ستيشن PlayStation Online Network Emulated (PSONE) ، أصبح الآن مجانيًا لأي شخص لديه PS3 أو مماثل. ويوضح حقيقة الجاذبية المستمرة لمشاركة المساحة عبر الإنترنت مع الأشخاص ذوي التفكير المماثل و يبدو أنّه أكثر "metaverse" من أي شيء منتشر اليوم.
ميتافيرس و Second Life
كما ذكرت آنفاً، الجانب الاجتماعي من العالم الافتراضي ميتافيرس يتعلق بالناس والتفاعل. لهذا السبب ، تظل Second Life ، في رأيي ، متفوقة على Decentraland و The Sandbox وغيرها من المنصات التي ظهرت مؤخرًا. فمنذ إنشائها قبل 20 عامًا أتاح نظام الأفاتار الخاص بها جميع أشكال التعبير الشخصي، ويقدم سوقها فعليًا مليارات الخيارات. و تتيح استخدامها للأغراض التعليمية، الاجتماعية والترفيهية. إنها تُمكِّن مستخدميها وعلاماتها التجارية من الابتكار بلا حدود. تتم معالجة 345 مليون معاملة سنويًا، وتحقق ما لا يقل عن 650 مليون دولار! .
ولكن إذا تمكنت شركات Web3 مثل Fortnite من جني 800 مليون دولار من الاستثمارات لمنصة NFT للألعاب والاقتصاد. فإن Second Life تستحق نفس مستويات الاستثمار لإثبات مستقبل التكنولوجيا والبنية التحتية، وبالتالي تجاوز كل ما هو موجود حاليًا في السوق.
المظاهر أحياناً خادعة!
حتى في الوقت الذي تكون فيه الصحة العقلية على رأس الأولويات ويتم تذكيرنا باستمرار بأخذ الوقت لأنفسنا، لا يزال الكثيرون ينظرون إلى الهروب الى العالم الافتراضي على أنه مضيعة للوقت. في بعض الأحيان، لدينا انطباع أن حتى هواياتنا يجب أن تُقاس بأشياء مثل تجاوز المستويات أو الحصول على درجة عالية. يمكن أن يكون الأمر ممتعًا، لكن يبدو كما لو أن منشئي metaverse -العلامات التجارية الكبرى - لا يمكنهم التحكم في مفهوم المكان الذي يمكن للمستخدمين فيه فعل ما يريدون.
تحتاج هذه الشركات إلى قياس أشياء مثل تفاعل او التزام الجمهور، و الوقت الذي يتم قضاؤه في جلسة. ولا يعد جمع هذه البيانات قابل للتنفيذ. مجرد الهروب إلى واقع افتراضي آخر - سواء كانت شاشة الكترونية أو في المخيلة الانسانية - يعتبر بلا فائدة وبالتالي يحتاج ميتافيرس أن يكون مليئًا بالأشياء التي يجب القيام بها. وبالتالي ، فإن هروبنا مليء بالعمل أو المهام أو الأنشطة غير الهادفة للربح.
الألعاب ستكون دائما جزءً من ميتافيرس
نحن نعلم كيف تبدو اللعبة في عام 2022. وإذا كانت ميثافيرس في الصورة ثلاثية الأبعاد تبدو وكأنها لعبة ، فلا داعي إذاً لأن تندهش بهذا العالم. ثم إنّ الألعاب تعتبر نقطة انطلاق رائعة للمحادثة حول تطور metaverse، لكنها في الوقت الحالي تخاطر بالسيطرة على النقاش. سيكون هناك دائمًا لاعبون متعطشون وستكون هناك دائمًا ألعاب في العالم الافتراضي لكن هذا العالم لا يمكن اختزاله في تلك الالعاب.
يمثل العالم الافتراضي تفردًا حقيقيًا، ليس فقط على مستوى التقنيات المختلفة التي تسمح ببنائه، ولكن أيضًا على مستوى حاجة الإنسانية إلى أن تكون جزءًا منه. فدعونا لا نصنع منه مجرد لعبة فيديو أخرى. "
عن المؤلف
ثيو بريستلي هو الرئيس المدير العام والمؤسس المشارك لشركة Metanomic ، وهي شركة متخصصة في اقتصاد الألعاب وتحليلات اللاعبين. رائد فكري مشهور عالميًا في التقنيات الناشئة، أسس شركته Metanomic في نوفمبر 2021، بينما كان يطور لعبة MMO الخاصة به. استعان بمساعدة كبار الاقتصاديين وخبراء الذكاء الاصطناعي لبناء منصة تحليلات الاعبين ومحرك Thunderstruck الاقتصادي لشركة Metanomic.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.