عودة

ليبيا والكريبتو: من فوضى التعدين إلى فرص المستقبل

sameAuthor avatar

كتابة وتحرير
Najma Noui

27 سبتمبر 2025 21:54 AST
موثوق
  • ليبيا تتصدر عربياً في تعدين البيتكوين رغم غياب التشريعات الواضحة.
  • المستقبل يتأرجح بين تنظيم السوق أو استمرار الفوضى والتهديدات الاقتصادية.
Promo

لم تكن ليبيا يومًا على خارطة الاقتصادات الرقمية المتقدمة، لكن المفاجأة جاءت في عام 2022 حين تصدرت قائمة الدول العربية في تعدين البيتكوين، وفقًا لمؤشر كامبردج لاستهلاك الكهرباء.

هذا التفوق لم يأتِ نتيجة خطط وطنية أو استراتيجيات رقمية، بل بفعل تكلفة الطاقة المنخفضة التي جذبت شبكات غير نظامية للاستثمار في التعدين بعيدًا عن الإطار القانوني والمؤسسي.

ورغم هذا النشاط، يعيش السوق الليبي تناقضًا صارخًا: حظر رسمي منذ عام 2018 أصدره مصرف ليبيا المركزي، يقابله غياب تشريعات واضحة تُجرّم أو تنظم التعدين والتداول، مما جعل السوق في حالة رمادية تسمح بالنشاط ولكن دون حماية أو رقابة.

Sponsored
Sponsored

آثار اقتصادية وأمنية متشابكة

تُشير تقديرات دراسات دولية – مثل مركز السياسات من أجل الجنوب – إلى أن نحو 1.3% من الليبيين امتلكوا عملات مشفرة في 2022، أي ما يعادل حوالي 54 ألف مستخدم. ورغم أن النسبة تبدو محدودة، فإن آثارها على الاقتصاد ليست هامشية.

أيضا، تشير بيانات رسمية إلى أن عمليات التعدين غير القانونية تستهلك ما بين 1000 و1500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، أي ما يعادل استهلاك مدينة كاملة متوسطة الحجم.

إدخال أداة غير خاضعة للرقابة مثل البيتكوين يضيف متغيرًا يصعب على السلطات النقدية التحكم فيه، ما قد يؤثر على استقرار الدينار الليبي ويزيد التضخم.

أما غياب الإطار القانوني فقد فتح الباب أمام استغلال الكريبتو في أنشطة غير مشروعة مثل تهريب الوقود أو التحويلات غير الرسمية، وهو ما أفضى إلى حملات واسعة لمصادرة معدات التعدين خلال الأعوام الأخيرة.

👈 اقرأ المزيد: أكاديمية بينانس تدخل الجامعات السعودية عبر برنامج معتمد بكلية الخليج

Sponsored
Sponsored

ليبيا والركب العالمي

الواقع الليبي ليس استثناءً؛ دول مثل المغرب ومصر والإمارات تبنّت مقاربات متباينة تجاه العملات الرقمية. المغرب، مثلًا، أعدّ قانونًا شاملاً للأصول الرقمية بالشراكة مع البنك الدولي وينتظر المصادقة، بينما الإمارات بنت إطارًا تنظيميًا متكاملًا في مركز دبي المالي العالمي وهيئة أبوظبي للأسواق العالمية.

في المقابل، يبقى الموقف الليبي عالقًا بين الفراغ القانوني والطلب الشعبي المتزايد. فالشباب الليبي – في ظل القيود المصرفية وصعوبة التحويلات – وجد في العملات الرقمية وسيلة بديلة للادخار والاستثمار والتحويل، حتى ولو كان ذلك عبر قنوات غير رسمية.

👈 اقرأ المزيد: بنك المغرب يطالب بالإسراع في سن قانون للعملات الرقمية

السيناريوهات المستقبلية

Sponsored
Sponsored

إذا استمرت ليبيا في سياسة "المنطقة الرمادية" تجاه العملات الرقمية، فمن المرجح أن يظل النشاط الموازي قائمًا ويزداد مع مرور الوقت، بما يحمله ذلك من مخاطر أمنية واقتصادية.

لكن في حال تحركت السلطات نحو وضع تشريع واضح، يمكن أن تتحول الأزمة إلى فرصة حقيقية تعزز الاقتصاد الوطني.

أول ملامح هذه الفرصة قد تبدأ من تنظيم التعدين بشكل رسمي، عبر ترخيص الشركات ومراقبة استهلاك الطاقة. بهذه الطريقة، يتحول التعدين من نزيف كهربائي عشوائي إلى نشاط اقتصادي يخضع للضرائب والرسوم، بما يساهم في رفد خزينة الدولة.

وفي جانب آخر، يمكن أن يفتح اعتماد منصات تداول محلية مرخصة الباب أمام استثمارات رسمية وشفافية أكبر في السوق. هذا التوجه قد يشجع المستثمرين المحليين والدوليين على التعامل مع ليبيا كوجهة آمنة نسبيًا لتجارب الكريبتو في المنطقة.

كما أن تطوير نسخة رقمية من الدينار الليبي على شكل عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC) قد يشكل نقطة تحول محورية.

Sponsored
Sponsored

فهذه الخطوة يمكن أن تسهل المدفوعات المحلية والدولية، وتساعد في دمج الاقتصاد غير الرسمي ضمن الإطار المالي الوطني، مما يحد من الفجوة بين السوق الموازي والسياسات النقدية.

👈 اقرأ المزيد: كل ما ينبغي معرفته عن لقاء الشبكات الاجتماعية بالتمويل اللامركزي

وأخيرًا، يمكن أن يشكل الاستثمار في تقنيات البلوكتشين فرصة لتوظيف الطاقات الشابة الليبية في مجالات الابتكار الرقمي.

فبدلًا من أن تبقى ليبيا مجرد سوق استهلاكي، يمكن أن تصبح لاعبًا ناشئًا في تطوير تطبيقات تعتمد على هذه التكنولوجيا، ما يعزز مكانتها في الاقتصاد الرقمي الإقليمي.

العملات الرقمية في ليبيا اليوم تقف على خط رفيع بين الخطر والفرصة. غياب القانون يعني خسارة سيطرة الدولة وتعريض الاقتصاد لمخاطر أكبر، لكن سنّ تشريع حديث ومدروس يمكن أن يحوّل هذه الظاهرة من تهديد عشوائي إلى أداة تنمية حقيقية تدعم التحول الرقمي وتخلق اقتصادًا موازيًا أكثر شفافية واستدامة.

تنبيه

جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.