في الآونة الأخيرة، انتشر في أوساط نشطاء سوق العملات الرقمية خبر مضارب استطاع تحويل خسارة فادحة قاربت 90% من قيمة محفظته إلى مكسب يتجاوز 2.5 مليون دولار في غضون شهرين فقط.
ورغم جاذبيّة هذه الحكاية وقابليّتها لإلهام الباحثين عن الأرباح السريعة، فإنّها تسلّط الضوء في الوقت ذاته على الجانب شديد التقلّب والخطورة في سوق العملات الرقمية.
حيث يمكن لخسائر بملايين الدولارات أن تتحوّل إلى مكاسب كبيرة أو العكس، وفقًا لتقلّبات الأسعار ومدى صلابة المشروع الاستثماريّ أو هشاشته.
كيف بدأت القصة؟
بدأ الأمر بشراء المضارب عملة ميم رقميّة تُدعى PIPPIN باستخدام 5,441 وحدة من عملة SOL (ما قيمته نحو 1.15 مليون دولار في حينه).
فَرِح المضارب بهذا الاستثمار الجديد الذي يعزّزه الإقبال المتزايد على العملات الرقمية المعتمدة على الذكاء الاصطناعيّ، ظنًّا منه أنّه أمام فرصة استثنائيّة لجني الأرباح.
غير أنّ التقلّبات السريعة سيطرت على السوق، وانخفضت قيمة PIPPIN بنسبة 90% تقريبًا، وهو ما تسبّب في خسارة تجاوزت مليون دولار، فلم يبقَ للمضارب إلّا جزء ضئيل من قيمة رأس المال الأصليّ.
على الرغم من تلك الانتكاسة القاسية، اختار هذا المضارب (مكره أخاك لا بطل) التريّث وعدم التخلّص من المحفظة بخسارةٍ فادحة.
ومع مرور الوقت، عاد سعر عملة PIPPIN إلى الارتفاع مستفيدةً من زخمٍ متنامٍ حول العملات الرقميّة المتّصلة بالذكاء الاصطناعيّ.
فارتفع سعرها بنسبة 130% تقريبًا، وزاد حجم تداولها إلى نحو 116 مليون دولار يوميًّا، ما مكّن المستثمر من تعويض الخسارة وتحقيق أرباح صافية تجاوزت 2.5 مليون دولار.
وهكذا تحوّل مبلغ 1.15 مليون دولار إلى ما يقارب 3.68 ملايين دولار خلال شهرين.
دروسٌ للمضاربين و الباحثين عن الربح السريع في سوق العملات الرقمية
تعكس هذه القصّة حالة من التقلّب الشديد الذي يُعدّ سمة بارزة في سوق العملات الرقمية ؛ إذ يمكن أن تهبط الأسعار فجأة، لتغدو الخسارة واقعًا ملموسًا، ثم تعود لتقفز صعودًا دون سابق إنذار.
بيد أنّ هذه الحكاية، رغم دراميّتها، ليست القاعدة السائدة في السوق، بل استثناءٌ محدود الحدوث.
فالاعتماد على قصص الأرباح الهائلة دون وعيٍ وإدراكٍ للمخاطر قد يعرّض المستثمرين لمآلات خطيرة، إذ ليست كلّ المشاريع الرقمية ذات جدوى حقيقيّة أو مستقبل واعد، وهناك مشاريع أخرى لا ترتكز إلّا على ضجيج وسائل التواصل الاجتماعيّ وعمليّات المضاربة.
إنّ قصص الأرباح السريعة والمفاجئة في سوق العملات الرقمية ، شأنها شأن هذه الحادثة، تظلّ استثنائيّة. وعلى الرغم من جاذبيّة سرديّات الثراء السريع، فإنّ التسرّع في استثمار مبالغ كبيرة دون إجراء دراسة وافية للمخاطر والمشاريع قد يؤدّي إلى خسائر فادحة.
لذا، ينبغي على المستثمرين توخّي الحذر والاستعانة بنصائح أهل الاختصاص والاطّلاع على معلومات موثوقة قبل خوض غمار أيّ استثمار في العملات الرقميّة، سواء كانت مشاريع ذات أسس صلبة أو مشاريع لا تتعدّى كونها مجرّد رهاناتٍ شديدة المجازفة.
الاستثمار في العملات الرقمية يتطلّب حكمةً ودراسةً معمّقة وحذرًا شديدًا. وأنّ قصص النجاح ليست إلّا جانبًا واحدًا من الصورة الكاملة لهذا السوق المثير بتقنيّاته ووعوده. ولكنّه قد يكون قاسيًا ومتقلّبًا في كثيرٍ من الأحيان.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.