منذ اللحظة التي أعاد فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض سياسة الرسوم الجمركية كأداة ضغط اقتصادي، وجد كثير من دول العالم نفسها أمام كلفة إضافية تُثقل تجارتها وصناعاتها.
وبالنسبة للعالم العربي، حيث ترتبط اقتصادات عدة بشكل مباشر بالأسواق الأمريكية في مجالات الطاقة، المعادن، والمنتجات الصناعية، أصبحت هذه الرسوم بمثابة عبء مضاعف يلتهم هوامش الربح ويحدّ من القدرة التنافسية.
الرسوم الأمريكية في العالم العربي… من 10% إلى 41% ومسرح جانبي لحرب الكبار
الدول العربية التي لا تملك اتفاقيات تجارة حرة مع واشنطن تبقى دومًا عرضة للتعريفات الجمركية الأمريكية، والتي تُفرض في الغالب بقرارات ذات طابع سياسي أكثر من كونها سياسة اقتصادية مستقرة.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دفعة جديدة من الرسوم الجمركية المتبادلة لم تقتصر على الصين أو كبار الشركاء التجاريين، بل امتدت أيضًا إلى العراق والجزائر وليبيا وتونس. هذه الدول، التي تعاني أصلًا من تحديات اقتصادية متشابكة، وجدت نفسها فجأة أمام فاتورة جديدة لا دخل لها بها.
👈 اقرأ المزيد: بلوكتشين إماراتي بأفق عالمي: «ADI Chain» يدخل مرحلة الاختبار
وبحسب آخر تحديث للرسوم، فرضت إدارة ترامب 30% على العراق والجزائر وليبيا، مقابل 25% على تونس. فيما تفاوتت نسب الرسوم المفروضة على باقي الدول العربية خلال ما وصفه ترامب بـ"يوم التحرير":
- كحد أدنى على غالبية الدول العربية، بما في ذلك السعودية ومصر والإمارات.
- 20% على الأردن.
- 41% على سوريا، وهي النسبة الأعلى عربيًا.
وبينما ينتظر المستثمر العربي بيئة تجارية مستقرة ومشجعة، يجد نفسه أمام واقع جديد تُحوِّل فيه الرسوم الأمريكية كلفة الدخول إلى الأسواق إلى ما يشبه "تذكرة سفر درجة أولى" باهظة وغير قابلة للاسترداد.
والمفارقة الساخرة أن ما يُسوَّق باعتباره "حربًا تجارية كبرى" بين واشنطن وبكين، لا يبدو في المنطقة العربية سوى معركة جانبية تُطلق فيها الولايات المتحدة نيران الرسوم في كل اتجاه، بينما تتحول الأسواق العربية إلى مسرح ثانوي يدفع ثمن استعراض القوة بين الكبار.
👈 اقرأ المزيد: مسؤولة في الاحتياطي الفيدرالي: لا بديل عن تجربة الكريبتو لفهمه
من فخ الرسوم إلى بدائل السيادة: كيف يمكن للعرب مواجهة التسلط الأمريكي؟
تُظهر التجربة الأخيرة مع الرسوم الجمركية الأمريكية أن الاعتماد المفرط على قنوات التجارة التقليدية يترك الاقتصادات العربية رهينة لتقلبات القرارات السياسية في واشنطن.
بينما تُستخدم التعريفات الجمركية كأداة ضغط سياسي واقتصادي من قبل الولايات المتحدة، يبقى السؤال الجوهري: كيف يمكن للعالم العربي أن يتحرر من هذه الهيمنة؟
إذا كانت واشنطن تعتقد أن الرسوم الجمركية عصا سحرية تفرض بها هيمنتها، فربما آن الأوان أن نردّ عليها بالعصا الرقمية. لا أحد يجبرنا على أن نظل ندفع فاتورة "مزاج البيت الأبيض"، بينما بإمكاننا بناء اقتصاد جديد يقوم على الكريبتو والعملات المستقرة العربية.
تخيل مثلًا: عقد تصدير بين القاهرة ودبي يُسعَّر بالدرهم الرقمي، ويُسدَّد عبر بلوكشين عربي دون المرور ببنوك نيويورك. أو اتفاقية تجارة بين الجزائر وبغداد تُسوّى فورياً بعملة مستقرة مدعومة بالنفط بدل أن تمر عبر قنوات تفرض عليها رسوم 30%.
👈 اقرأ المزيد: هل يبدأ جنون العملات البديلة في سبتمبر؟ كوين بيس تجيب
الرسالة بسيطة: إذا كانت أمريكا تريدنا أن ندفع تذكرة "درجة أولى" للدخول إلى أسواقها، فلتبقَ أسواقنا الرقمية مفتوحة لنا ولشركائنا بعيدًا عن مقصورة التحكم الغربي.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
