في الرابع من يوليو، وبينما تحتفل الولايات المتحدة بعيد استقلالها، قرر دونالد ترامب أن يترك بصمته بحدث سياسي مثير للجدل: التوقيع على مشروع قانونه المالي الجديد الذي أطلق عليه اسم "One Big Beautiful Bill"، أو "القانون الجميل الكبير"، بكل ثقة وإصرار.
لكن خلف هذا العنوان الرنّان، يخفي القانون مجموعة من الإجراءات التي قد تغيّر ملامح الاقتصاد الأمريكي لسنوات.
قانون يعيد إحياء وعود ترامب... لكن بثمن مرتفع
Sponsoredما يُعرف اليوم بـ "القانون الجميل الكبير" ليس سوى امتداد لسياسات ترامب الضريبية التي بدأها عام 2017، والتي تركز على تخفيف الأعباء الضريبية للأفراد والأثرياء، وتمديد الإعفاءات على التركات والدخل حتى عام 2028.
القانون أُقرّ بصعوبة داخل مجلس الشيوخ عبر آلية "التوفيق المالي"، والتي تسمح بتجاوز شرط الأغلبية المطلقة عبر التصويت بـ51 صوتًا فقط، وهو ما تحقق بفضل الصوت الفاصل لنائب الرئيس الجديد، جي دي فانس.
كما وعد ترامب أيضًا بإعفاء الإكراميات من الضرائب، إلى جانب فرض الدفع الإجباري لساعات العمل الإضافية. وبالفعل، أصبح كل ذلك واقعًا بموجب القانون الجديد، على الأقل حتى نهاية ولايته الرئاسية الحالية.
👈 اخترنا لك من أحدث مقالاتنا التعليمية: تأثير الاضطرابات الجيوسياسية على بيتكوين: هل يبدأ الانهيار الكبير لسوق الكريبتو؟
دعم للدفاع... وتقليص لبرامج الرعاية
لكن الأمور لا تقف عند حدود الضرائب. فبحسب ما كشفته وكالة بلومبرغ، يتضمن مشروع القانون زيادات كبيرة في تمويل وزارتي الدفاع والأمن الداخلي، تحديدًا على صعيد مراقبة الهجرة والحدود، يقابلها تقليص واضح في ميزانيات الرعاية الصحية، والمساعدات الغذائية، والبرامج البيئية.
في المقابل، قدّم ترامب حوافز ضريبية على القروض المخصصة لشراء سيارات أميركية الصنع، في خطوة يبدو أنها موجهة لدعم الصناعة المحلية على حساب الاستيراد، ضمن إطار خطابه الحمائي المتشدد.
👈 اخترنا لك من أحدث مقالاتنا التعليمية: طريقة استخدام وقف الخسارة لحماية رأس المال أثناء حرب ترامب التجارية
الدين القومي إلى أرقام فلكية؟
لكن ربما أكثر ما يثير القلق هو التكلفة الهائلة لهذا القانون. وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، سيؤدي القانون إلى إضافة عجز بقيمة 3.3 تريليون دولار خلال العقد المقبل.
كما أن الدين القومي سيرتفع بمقدار 5 تريليونات دولار إضافية لتغطية النفقات الجديدة، ما يهدد بتجاوز نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حاجز 118% بحلول عام 2035.
Sponsoredفي الوقت نفسه، تعوّل إدارة ترامب على عائدات الرسوم الجمركية كمصدر تمويلي رئيسي، متوقعة جني ما بين 6 و7 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة. لكن خبراء الاقتصاد يرون أن هذه التوقعات مفرطة في التفاؤل، وأنها لا تأخذ بعين الاعتبار تباطؤ التجارة العالمية والمخاطر الجيوسياسية.
👈 اقرأ المزيد: سلسلة قصص الاحتيال | ما هي حيلة Honeypot وكيف أوقعت بالآلاف؟
البيت الأبيض يعد بـ "عصر ذهبي"... والاقتصاديون يحذّرون
وفي لحظة توقيعه على القانون، أعلن دونالد ترامب بكل حماس دخول أميركا في "عصر ذهبي جديد". لكن هذا التفاؤل لم يُقابل بالإجماع، إذ يخشى كثير من المحللين أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تعميق الفجوة الاجتماعية، وزيادة اعتماد الدولة على الديون، وزيادة هشاشة الاقتصاد الأميركي في حال حدوث أزمة مالية جديدة.
ما إذا كان "القانون الجميل الكبير" سيمثل نقلة حقيقية أم عبئًا تاريخيًا على الاقتصاد الأمريكي، يبقى سؤالًا مفتوحًا... لكن الأكيد أن أثره سيتردد لعقود.