في أروقة السلطة التنفيذية، يتهيأ مشروع قانون طالما ظلّ قيد التحضير أن يرى نور التشريع. فبعد نحو ثلاثة أعوام من العمل والتحاور، رفع مجلس إدارة بنك المغرب طلبًا إلى الأمانة العامة للحكومة بأن يُمنح هذا المشروع أولوية على جدول الأعمال، تمهيدًا لمناقشته في البرلمان وتصويبه ليصبح قانونًا نافذًا.
قانون لتأطير السوق… ليس حظرًا
المحافظ عبد اللطيف الجواهري أكد أن الهدف من القانون ليس مجرد تشريع شكلي، بل تأسيس إطار قانوني واضح وآمن للعملات الرقمية داخل المغرب.
Sponsoredوقال إن المشروع، المُعدّ بالشراكة مع البنك الدولي، يهدف إلى منح التراخيص وتنظيم نشاط مزوّدي الخدمات الرقمية، ورصد المعاملات، ووضع آليات رقابية فعالة.
هدفه أن تُصبح سوق الكريبتو في البلاد نشاطًا مشروعًا تحت مظلة قانونية، لا يسوده الغموض والازدواجية.
وأضاف بأن الإحصائيات المتعلقة بحيازة المغاربة للعملات الرقمية وتداولهم لها دلالة: هذه الظواهر لا تتوقف، وهو ما دفع إلى الإسراع في إخراج القانون من دائرة التحضير إلى التشريع الفعلي.
👈 اقرأ المزيد: باقات Finst الذكية: محفظة كريبتو متوازنة بضغطة زر
يُشار إلى أن المغرب حظر تداول العملات الرقمية عام 2017، لكن الواقع الميداني يُظهر استمرار عمليات الشراء والبيع عبر منصات الندّ للند والطرق غير الرسمية.
في هذا الإطار، صرح الجواهري أمام وسائل الإعلام بأن الأمانة العامة للحكومة مُنحت نسخة مشروع القانون لإبداء الملاحظات، على أن تُعرض بعد ذلك على مجلس الحكومة ثم البرلمان لإقراره وتشريعه رسميًا.
وكما قال: «الأهم هو إخراج المشروع إلى الوجود بعد سنوات من الإعداد، كي نُفعّل التراخيص والرقابة بشكل حقيقي».
Sponsored Sponsoredالسياق المحلي والدولي: المغرب يتماشى مع التوجهات العالمية
لم يأتِ هذا المسار بمحض الصدفة. ففي السنوات الأخيرة، بدأت عدة دول تعترف رسميًا بالأصول الرقمية وتُضفي عليها شرعية قانونية، وسط تسارع في إصدارات القوانين وتنظيم الأطر المؤسسية. وضمن هذا السياق، يُعدّ مشروع قانون المغرب خطوة متأخرة نوعًا ما، لكنها مهمة لإخضاع سوق الكريبتو المحلي إلى الإشراف الرسمي وتنظيمه.
👈 اقرأ المزيد: كل ما تحتاج معرفته عن Pulse: المساعد الجديد لتداول العملات الرقمية من تشات جي بي تي
كما أن المغرب في السنوات الأخيرة لم يغب عن المؤشرات العالمية في التبني. فقد صُنف ضمن الدول الأعلى استخدامًا للعملات الرقمية ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أن نظام المنصات اللامركزية وتداول العملات المستقرة (stablecoins) بدأت تلعب دورًا في تسهيل الحوالات وتقليل تكاليف التحويلات المالية، خاصة مع انتشار مهاجري الداخل والخارج.
في الوقت نفسه، البنك المركزي المغربي لا يكتفي بالقانون فحسب، بل يعمل على مشروع عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC) يُعرف بـ “e-Dirham” كمحاولة لتطوير بنية الدفع الرقمية وتقوية الشفافية والإدماج المالي.
Sponsoredمشاريع تجريبية بدأت بالفعل تجرى، خاصة في مجال الدفع بين الأفراد والعبر الحدود، بالتعاون مع المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد.
تحديات وتوقعات للمستقبل
لكن الطريق لن يكون سهلاً. فالقانون، حتى لو أُقِرّ، سيواجه تحديات عملية كبيرة: الرقابة على المعاملات، مكافحة غسل الأموال، حماية المستثمرين، والتقلبات الشديدة التي تعرفها العملات الرقمية.
👈 اقرأ المزيد: ولاء العملاء في الصدارة: برنامج VIP جديد من بورصة بينج إكس
من المتوقع أن يشهد السوق المحلي خلال السنوات الأولى من التطبيق بطئًا في انضمام المنصات إلى الامتثال القانوني، إذ قد تختار بعض المنصات الأجنبية الاستمرار في العمل عبر آليات خارجية أو عبر تراخيص دولية.
Sponsored Sponsoredكما يُرجّح أن تصدر السلطة المختصة لوائح تنفيذية تفصيلية تستوجب شروطًا تقنية، مالية، وأمنية على مزوّدي خدمات الأصول الرقمية، ربما تباعًا مثل الكفايات المالية، التأمين، أو متطلبات الاحتفاظ بالسيولة.
على المدى المتوسط، إذا نجح القانون في جذب الاستثمار المؤسسي وتوفير بيئة آمنة، فقد يشهد المغرب تحولاً في مكانته كوجهة إقليمية لتطوير تطبيقات البلوكتشين والعملات الرقمية.
وربما نرى في السنوات القادمة مشاريع تمويل جماعي رقمية، منصات تداول جديدة مرخصة، وأدوات استثمارية مثل صناديق الأصول الرقمية أو أدوات دي فاي.
على الصعيد النقدي، إذا تم المضي قدماً في مشروع e-Dirham، فقد يساهم في تقليل الاعتماد على النقد، وتحسين كفاءة التحويلات، ودعم الشمول المالي، لكنها خطوة يجب أن تراعي السيادة النقدية وخصوصيات السوق المغربي.
👈 اقرأ المزيد: أكاديمية بينانس تدخل الجامعات السعودية عبر برنامج معتمد بكلية الخليج