في الوقت الذي يتزايد فيه الاستثمار بين الشباب بالعملات الرقمية في المملكة المغربية، حذر بنك المغرب، في بيان رسمي من استخدامها أو التداول فيها تفادياً للمخاطر غير المتوقعة التي قد يتعرض لها المستهلك.
يأتي هذا البيان، بعد أيام قليلة من تصريحات لوالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، قال فيها إن "تقنين العملات الرقمية مسألة وقت لا أكثر"، ما أعطى أملاً كبيراً لآلاف المتعاملين بها في البلد العربي.
وجدد بيان مشترك للبنك المركزي، ومكتب الصرف الحكومي، ووزارة الاقتصاد، ضرورة الالتزام بقوانين حظر استخدام وتداول العملات المشفرة، وذلك تفادياً "للمخاطر المرتبطة بها".
والمغرب ليست الدولة العربية الأولى التي تحظر استخدام العملات الرقمية، فقد سبقتها دول مثل العراق وقطر وعمان والجزائر وتونس، أما مصر فهي لم تكتف فقط بمنع العملات الرقمية رسمياً، بل أفتى مفتي الديار المصرية بتحريمها.
تداول العملات الرقمية رغم الحظر
وعلى الرغم من ذلك، لم تمنع تلك القوانين شباب تلك الدول من الاسثمار في العملات الرقمية، كونها ملاذاً آمناً لهم في ظل ارتفاع التضخم، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وجاء في بيان البنك المركزي المغربي أنه "رغم التنبيهات السابقة بخصوص المخاطر المرتبطة باستعمال العملات الافتراضية مثل البت كوين، فقد تمت معاينة استمرار بعض الأشخاص الماديين والمعنويين في استخدام هذا النوع من العمليات"، مشيراً إلى أن ذلك "قد يُعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات".
وشدد البيان على ضرورة أن تتم جميع المعاملات المالية الخارجية عبر "البنوك المعتمدة بالمغرب وبواسطة العملات الأجنبية المعتمدة من طرف بنك المغرب".
وفي وقت سابق قالت المسؤولة بوزارة الاقتصاد والمالية المغربي نادية فتاح العلوي، خلال جلسة عامة لمجلس النواب، إن وزارتها تعمل مع بنك المغرب، ومع شركاء دوليين من أجل دراسة الجدوى من تقنين العمل بالعملات المشفرة، مذكرة في الوقت ذاته بالبلاغ المشترك الذي صدر في عام 2017 بين وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل.
واعتبرت المسؤولة المغربية أن البلاغ القديم بمثابة تحذير ضد استخدام هذه العملات المشفرة وذلك بالنظر للمخاطر المحيطة بها والمرتبطة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
مخاطر وتحذيرات
وبحسب المصرف المركزي المغربي، فإن التعامل بالعملات المشفرة يشكل خطراً على المتعاملين بها، كونها أموالاً افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية في البلاد وأصولها مجهولة الهوية.
وحذر البيان أيضاً من أن نشاط العملات المشفرة "غير مقنن ويتسم بنوع كبير من التقلب"، وهو ما يؤدي في الغالب إلى عدم وجود أي عنصر من عناصر حماية المستهلك، بالإضافة إلى مخاوف من "استعمالها لأغراض غير مشروعة مثل تبييض رؤوس الأموال أو تمويل أنشطة إجرامية".
وعلى الرغم من تلك التحذيرات، تعمل الرباط على إنشاء تراخيص خاصة للتعامل بالعملات المشفرة، وذلك بسبب تزايد التعامل والاستثمار بها عالمياً.
فوفقاً لتقرير لشركة "Triple A"، المتخصصة في مجال الدفع بالعملات الرقمية، فإن نحو 900 ألف شخص في المغرب، أو ما يقرب من 2.4% من إجمالي سكان المغرب، يمتلكون عملة مشفرة.
وأشارت بيانات أخرى إلى أن المغرب احتل المرتبة الأولى بين دول شمال إفريقيا في تداولات "بيت كوين" عام 2021.
"مسألة وقت"
ويأتي هذا البيان، رغم أن والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، قال في تصريحات أخيرة إن "تقنين العملات الرقمية مسألة وقت لا أكثر"، مشيراً أنها تمثّل المستقبل، غير أنه لفت أنه إلى جانب إيجابياتها العديدة، ترتبط بها مجموعة من المخاطر.
وأوضح الجواهري خلال لقاء صحافي عقده بمقر بنك المغرب بالرباط، أنّ "بنك المغرب شكّل لجنة، يترأّسُها، لمتابعة هذا الموضوع وتهيئة الإطار المناسب له مع دول صديقة مثل سويسرا والسويد وفرنسا، ومع المؤسسات المالية الدولية من أجل الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم في المجال".
وفي السياق ذاته، قرر البنك المركزي العراقي، نهاية مارس حظر استخدام البطاقات والمحافظ الإلكترونية للتداول بالعملات الرقمية، محذراً من أخطار التعامل بها.
لكنه وعلى النقيض، شهدت دولاً عدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤشرات تظهر اهتماماً متزايداً بالتعامل بالعملات المشفرة مثل دولة الإمارات الرائدة في مجال التكنولوجيا، والسعودية، والبحرين، وغيرها.
وتضم تلك المؤشرات التي أصدرتها الدول لوائح وقوانين تفتح المجال أمام الاستثمار في العملات الرقمية بكافة أنواعها، الأمر الذي سيزيد من انتشارها عربياً وعالمياً.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.