شهد سوق العملات الرقمية ارتفاعًا ملحوظًا اليوم بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إنشاء احتياطي استراتيجي للعملات الرقمية، والذي سيشمل البيتكوين، الإيثريوم، والريبل، بالإضافة إلى عملات أخرى مثل سولانا وكاردانو.
هذا الإعلان، الذي جاء عبر منصة "تروث سوشيال"، أعطى دفعة معنوية قوية للمستثمرين، حيث اعتُبر خطوة رئيسية نحو تبني أوسع للعملات الرقمية على المستوى الفيدرالي. انعكس هذا التفاؤل بشكل مباشر على أسعار العملات الرقمية، مما أدى إلى مكاسب كبيرة في السوق خلال الساعات الأخيرة.
تعافت أسعار البيتكوين (BTC) بشكل ملحوظ، مرتفعة بنسبة 10% لتصل إلى 94,003 دولار في الثاني من مارس، لتخرج بذلك من مرحلة السوق الهابط الفنية.
ارتفاع السوق بعد إعلان ترامب عن الاحتياطي الاستراتيجي
يرى المحللون أن هذه الخطوة تعزز شرعية العملات الرقمية في الولايات المتحدة، مما يشير إلى تحول في السياسة المالية تجاه تبني الأصول الرقمية. كما أن هذه المبادرة تزيد من احتمالية تمرير قوانين داعمة للاستثمار في هذا القطاع، مما حفز موجة شراء واسعة في الأسواق.
ويرى بعض الخبراء أن هذا الإعلان قد يؤدي إلى استثمارات مؤسسية أكبر في العملات الرقمية، حيث من المتوقع أن تقوم الشركات الكبرى بزيادة مخصصاتها من البيتكوين وغيره من الأصول الرقمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحديث عن إنشاء احتياطي استراتيجي قد يدفع الجهات التنظيمية إلى تسهيل التعاملات المالية الرقمية، مما يعزز السيولة ويقلل من المخاطر التنظيمية التي تواجه المستثمرين.
أسباب تراجع البيتكوين في شهر فبراير الذي كان الأسوأ منذ 2022
رغم التعافي الحالي، إلا أن شهر فبراير كان كارثيًا للبيتكوين، إذ شهد أكبر انخفاض شهري منذ يونيو 2022. هبطت العملة الرقمية من مستوى 101,000 دولار إلى نحو 84,350 دولار، لتصل إلى أدنى مستوى عند 78,867 دولار في 28 فبراير.
هذا الانخفاض الحاد بنسبة 17% خلال الشهر، دفع البيتكوين إلى سوق هابطة وفقًا للتعريف الفني، حيث تراجع السعر بأكثر من 21% عن أعلى مستوى له عند 109,021.48 دولار، والذي سُجّل في 20 يناير، يوم تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
خلال حملته الانتخابية، قدم ترامب وعودًا جريئة لمجتمع العملات الرقمية، متعهدًا بجعل الولايات المتحدة قوة عالمية في تعدين البيتكوين، وزيادة احتياطي البلاد من البيتكوين، وإنشاء احتياطي استراتيجي للعملة الرقمية، بالإضافة إلى تغيير قيادات الهيئات الفيدرالية المناهضة للعملات المشفرة.
وقد حظي ترامب بدعم واسع من الشركات الكبرى في القطاع، التي قدمت تبرعات ضخمة لحملته.
وقبيل تنصيبه، صرّح الرئيس التنفيذي لمنصة بينانس، ريتشارد تينغ، لبلومبرغ أن ترامب قد يكون بداية "العصر الذهبي" للعملات الرقمية.
لكن المزاج العام في الأسواق تغير منذ ذلك الحين.
ويُعزى تراجع سعر البيتكوين في فبراير إلى التقلبات في الأسواق المالية العالمية، وسط مخاوف من نشوب حرب تجارية. فقد شهدت وول ستريت تراجعًا حادًا، كما ضعف أداء الدولار الأمريكي خلال الشهر الماضي.
ومؤخرًا، هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين، مما أثار قلق المستثمرين ودفعهم إلى الابتعاد عن الأصول عالية المخاطر.
كما أن الضغوط التضخمية زادت من حالة عدم اليقين في الأسواق. حيث ارتفاعها يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية، و تدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم استثماراتهم، الذين يتجهون عادة نحو الأصول الآمنة من السندات و يتجنبون الأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين و العملات الرقمية، لكن البعض يرى أن البيتكوين قد يستعيد زخمه كتحوط ضد التضخم إذا استمرت السياسات النقدية التوسعية.
اقرأ أكثر : 4 أسباب وراء انهيار أسعار البيتكوين والعملات الرقمية اليوم
الغموض التنظيمي يزيد من الضغوط ... هل تتحقق وعود ترامب
رغم إعلان ترامب عن أمر تنفيذي لإنشاء احتياطي استراتيجي للعملات الرقمية، يظل تطبيق هذه السياسات غير مؤكد.
لا يزال الغموض حول تنظيم سوق العملات الرقمية في الولايات المتحدة يثير قلق المستثمرين. رغم أن ترامب بدأ بتعيين شخصيات مؤيدة للعملات الرقمية في الوكالات التنظيمية، مثل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، إلا أن الأسواق لا تزال تنتظر خطوات واضحة.
كما أن قرار الهيئة الأخير بإسقاط الدعوى ضد منصة "كوين بيس" (Coinbase) يعكس بعض التغيير في الموقف التنظيمي.
في المقابل، أشار غابي سيلبي، رئيس قسم الأبحاث في "سي إف بنشماركس" (CF Benchmarks)، إلى أن الحماس الأولي تجاه توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة قد تراجع، مؤكدًا أن السوق بحاجة إلى محفزات إضافية، مثل الموافقة على المزيد من صناديق ETF بيتكوين الفوري.
ولإحداث تحول إيجابي في السوق، يرى المحللون أنه سيكون من الضروري إصدار إطار تنظيمي واضح أو محفزات كبرى مثل موافقات إضافية على صناديق ETF بيتكوين الفوري.
و بدون أي إجراءات ملموسة من ترامب لدعم القطاع، يبدو أن حالة القلق ستستمر.
لكن على الرغم من هذه التحديات، لا يزال بعض المحللين متفائلين. جيف كيندريك، المحلل في "ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered)، يرى أن سعر البيتكوين قد يصل إلى 500,000 دولار قبل نهاية ولاية ترامب الثانية، في حال تحقق الاستقرار التنظيمي والسياسي المطلوب.
يظل أداء سوق العملات الرقمية مرهونًا بعدة عوامل، أبرزها السياسات الاقتصادية الأمريكية، والقرارات التنظيمية، واستجابة المستثمرين لمتغيرات السوق.
وبينما يُظهر التعافي الأخير بعض الإيجابية، فإن التقلبات الحادة والتطورات السياسية ستبقى مؤثرًا رئيسيًا في مسار البيتكوين وباقي العملات الرقمية خلال الفترة المقبلة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
