في خضم الجدل الدائر حول العملات الرقمية، وتحديدًا البتكوين، تنشغل الأطراف السياسية الفرنسية بتبادل الاتهامات: اليسار متهم بالجمود، واليمين المتطرف يوصف بالاستغلال السياسي.
لكن وسط هذا الضجيج، يغيب الفاعل الحقيقي عن دائرة الضوء: الحكومة الفرنسية ذاتها، التي تمتلك أدوات القرار لكنها تبدو وكأنها قررت ببساطة تجاهل الموضوع.
اليمين المتطرف يتحرك... والسلطة صامتة!
في يوليو الماضي، فجّر حزب "التجمع الوطني" (RN) مفاجأة بتقديمه مشروع قانون لربط فائض الطاقة الكهربائية – وخاصة تلك الناتجة عن مصادر متجددة – بأنشطة تعدين البتكوين في فرنسا.
الاقتراح يهدف إلى تحويل هذا الفائض من عبء إلى فرصة، بل ويستهدف توظيف الحرارة الناتجة عن التعدين لخدمة أغراض صناعية. ومن يظن أن اليمين الفرنسي يتحرك من فراغ، فعليه فقط أن ينظر إلى ما فعله دونالد ترامب في الولايات المتحدة: الرئيس المعاد انتخابه حديثًا أدرج دعم البتكوين في برنامجه الانتخابي بوضوح.
👈 اقرأ المزيد: فرصة أم تهديد؟ الجدل الدائر حول تقنين العملات المشفرة
Faune Radio يكشف المستور: من يقف ضد البتكوين فعلًا؟
في لقاء صريح مع قناة BFM الفرنسية، تحدث المؤثر Faune Radio – المعروف بدفاعه عن البتكوين – عن أجواء التسييس الزائد المحيطة بالموضوع. قالها بصوت عالٍ: "من يضطهد البتكوينيين اليوم ليس اليسار ولا اليمين، بل الحكومة نفسها".
وواصل: "كفى إلقاء اللوم صباح مساء على اليسار، بينما الطرف الذي يملك السلطة فعليًا هو الذي يعرقل مسيرة البتكوين". كلامه لم يكن شعارات، بل وصفًا دقيقًا لحالة سياسية تُفضل التهرب بدلًا من المواجهة، والجمود بدلًا من الانفتاح.
👈 اقرأ المزيد: مركزية أو لا مركزية | كيف تختار منصة العملات الرقمية المناسبة؟
السلطة التنفيذية الفرنسية... من يملك القرار فعليًا؟
في فرنسا، الحكومة الممثلة بتحالف "النهضة" بقيادة ماكرون، تملك مفتاح التشريع، بعكس ما يتصوره البعض. بموجب المادة 39 من الدستور، تملك السلطة التنفيذية أولوية طرح القوانين، وتوجيه النقاش البرلماني حتى دون امتلاك أغلبية مطلقة.
وإن أرادت تمرير تشريع سريعًا، فإن المادة 49.3 تتيح لها ذلك من دون تصويت، كما حصل مرارًا في قضايا اقتصادية سابقة. إذًا، لماذا لم تُحرّك ساكنًا بشأن البتكوين؟ الجواب باختصار: لأن القرار بعدم الفعل... هو فعل سياسي بحد ذاته.
👈 اقرأ المزيد: ZachXBT: المحقق الذي يخشاه محتالي العملات المشفرة.. من هو؟
تشريعات مرهقة وضرائب خانقة... هل هو مقصود؟
رغم وعود الانفتاح على التكنولوجيا والابتكار، لم تتخذ الحكومة الفرنسية أي خطوة جادة لتسهيل تبني البتكوين. الضرائب المفروضة على العملات الرقمية لا تزال خانقة، والإطار القانوني غامض ومعقد، ما يثني الشركات والمبتكرين عن المغامرة في هذا المجال.
وبينما تبادر دول مثل الإمارات وسنغافورة إلى استقطاب رواد الكريبتو، تبدو فرنسا وكأنها تخشى من عالم لا تستطيع التحكم فيه.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
