يشهد سوق العملات الرقمية تحديات متزايدة نتيجة ارتفاع الدولار الأمريكي، الذي وصفه جولين بيتيل Julien Bittel ، رئيس الأبحاث الاقتصادية في شركة Global Macro Investor (GMI)، بـ"كرة الدمار الدولارية Dollar Wrecking Ball ".
هذا الصعود القوي للدولار يفرض قيودًا صارمة على السيولة العالمية ويؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي. في ظل هذه الظروف، يرى المحلل أن ذلك سوف يُجبر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على تعديل سياساته النقدية و تسريع وتيرة خفض الفائدة. ما قد يفتح المجال أمام انتعاش سوق العملات الرقمية.
تأثير ارتفاع الدولار على سوق العملات الرقمية
أوضح بيتيل في تغريدة على تويتر أن ارتفاع الدولار خلال الأشهر الأخيرة أدى إلى تشديد كبير في توفر السيولة المالية. مما تسبب في تأثيرات متتالية بدأت تظهر في البيانات الاقتصادية الأمريكية.
وأشار إلى أن الصعود القوي للدولار خلال 15 أسبوعًا أدى إلى إضعاف ما يسميها بالمفاجآت الاقتصادية ( هي الفجوة بين النتائج الفعلية للبيانات الاقتصادية والتوقعات المسبقة التي يضعها المحللون والخبراء). منذ ذروتها في نوفمبر الماضي، وهو ما يُعتبر رد فعل متأخرًا لنقص السيولة.
وأكد أن هذا التغير في الأوضاع النقدية يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ويرى بيتيل أن هذه الظروف قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتغيير مساره في السياسة النقدية قريبًا. رغم التوقعات السائدة بعدم خفض كبير في أسعار الفائدة خلال عام 2025.
قال بيتل:
"الآن، مع بدء تأثير التأخر، تظهر مفاجآت اقتصادية أضعف، ومع استمرار تدهورها، لن يكون أمام الاحتياطي الفيدرالي خيار سوى الرد. عندما يحدث ذلك، من المرجح أن نرى قوة الدولار محدودة أخيرًا وأن يبدأ الضغط من ارتفاع العوائد في التراجع".
وأضاف أن منحنى العائدات الحالي يتوقع خفضًا بمقدار 28 نقطة أساس فقط طوال العام إلا أن البيانات الاقتصادية الضعيفة قد تجبر الفيدرالي على التدخل وتخفيض أكثر في أسعار الفائدة.
تداعيات السياسات النقدية على سوق العملات الرقمية
التاريخ يُظهر أن الأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين والعملات الرقمية البديلة تتفاعل إيجابيًا مع السياسات النقدية التوسعية وزيادة السيولة عبر تخفيض الفائدة.
ففي بيئة تتسم بتيسير السيولة، غالبًا ما تشهد العملات الرقمية ارتفاعًا في قيمتها. حيث يتوجه المستثمرون نحو الأصول ذات العوائد المرتفعة لتعويض تراجع العائدات التقليدية.
وإذا بدأ الدولار في التراجع، فقد يسهم ذلك في تخفيف الضغط على سوق العملات المشفرة، ما يفتح المجال أمام انتعاش الأسعار.
وقد شهدت الأسواق خلال فترات سابقة، مثل جائحة كوفيد-19، ارتفاعًا حادًا في أسعار البيتكوين والعملات الرقمية البديلة نتيجة السياسات النقدية المرنة. لذلك، فإن أي تحول في سياسة الفيدرالي نحو تخفيف القيود المالية قد يدعم أسواق العملات المشفرة بشكل كبير.
الجانب النفسي وتأثيره على المستثمرين
كما أشار بيتيل إلى الجانب النفسي لهذه التطورات، مؤكدًا أن تراجع السيولة قد ينتهي. مما يمنح الأصول عالية المخاطر الفرصة للارتفاع مجددًا.
وأوضح: "الأخبار السيئة تعني أخبارًا جيدة..."، في إشارة إلى أن البيانات الاقتصادية السلبية قد تكون حافزًا لتدخل الفيدرالي وخفض أسعار الفائدة.
يُدرك المستثمرون أن التغيرات في السياسات النقدية تؤثر بشكل مباشر على شهية المخاطرة في الأسواق. لذلك، فإن أي بوادر لتيسير السياسة النقدية من قبل الفيدرالي قد تُشعل موجة شراء واسعة في سوق العملات الرقمية.
هل يعيد التاريخ نفسه؟
ربط بيتيل الوضع الحالي بما حدث خلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى في عام 2017، حين وصف الدولار بأنه "قوي جدًا". مما أدى إلى انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) بشكل حاد، وأطلق موجة صعود كبيرة في سوق البيتكوين والعملات الرقمية.
وقد استفادت العملات الرقمية بشكل كبير من تلك الفترة التي شهدت تراجعًا في قيمة الدولار وارتفاعًا في السيولة العالمية.
تُشير هذه المقارنات إلى أن التاريخ قد يعيد نفسه إذا استمر الدولار في التراجع واضطر الفيدرالي إلى تخفيف السياسات النقدية.
في ظل هذه المعطيات، يرى المحلل، أن سوق العملات الرقمية قد يكون على أعتاب مرحلة جديدة من الانتعاش. إذا ما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في تخفيف سياساته النقدية وتراجع الدولار الأمريكي عن مستوياته المرتفعة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.