تحدثنا من قبل عن الفيدرالي الأمريكي وأهميته في الولايات المتحدة الأمريكية. وقلنا أن الفيدرالي يهتم دائما بالفائدة الأمريكية وبمعدل البطالة. اليوم سوف نتحدث عن الطريقة التي يستخدمها الفيدرالي من أجل تحديد معدل الفائدة في الولايات المتحدة. فهيا بنا نعرف كيف يحدد الفيدرالي هذه النسبة.
كيت يتم تحديد معدل الفائدة الأمريكية؟
لا يتم تحديد معدل الفائدة في الولايات المتحدة بشكل عشوائي بل يتم إستخدام بعض النظريات من أجل مساعدة الفيدرالي في هذه العملية. سوف نتحدث عن بضع من هذه العمليات اليوم من أجل أن نفهم أكثر كيف يمكن توقع معدل الفائدة في المستقبل. فهذا سوف يساعدك على التعامل مع السوق بشكل أفضل. فمثلا إذا كنت تتوقع أن يخفض الفيدرالي الفائدة في خلال العام القادم فهذا يعني أن هناك فرصة شراء قادمة للعملات الرقمية وبيتكوين والأسهم. أما إذا كنت تتوقع رفع الفيدرالي للفائدة فهذا قد يكون معناه أنه من الأفضل اللجوء للسندات المالية حتى ينتهي الفيدرالي من الرفع مثلما حدث عام 2022.

سوف نناقش عدة وسائل يستخدمها الفيدرالي من أجل تحديد القرار ومنها:
- نظرية تايلور
- نظرية مكالوم
- تأثير معدلي التضخم والبطالة.
سوف نناقش كل من هذه النقاط في فقرة منفردة من أجل أن نفهم أكثر تأثير كل من هذه النظريات على قرارات الفيدرالي. تذكر أن لجنة السوق الفيدرالي FOMC هي التي تحدد معدل الفائدة في إجتماعاتها وهي تتكون من 8 أشخاص يترأسهم حاليا جيروم باول. وهذه اللجنة تجتمع 8 مرات كل سنة أي مرة كل 45 يوم خلال أيام العاد الواحد. وتعلن اللجنة قرار الفائدة إما بالرفع أو التخفيض أو التثبيت. وأحيانا في أوقات الطوارئ الاقتصادية مثل أزمة كورونا تقوم هذه اللجنة بعقد إجتماعات طارئة مثلما حدث وقت كوفيد.
نظرية تايلور ومعدل الفائدة في الولايات المتحدة
هذه النظرية تم تطويرها عام 1994 عن طريق الإقتصادي جون تايلور. وتعمد النظرة إلى تحديد معدل الفائدة في الولايات المتحدة عن طريق عمليات حسابية معينة. اختصارًا، تربط النظرية بين الفائدة ومعدل التضخم بالإضافة إلى الفارق ما بين الناتج القومي الحقيقي والمتوقع من الإقتصاد الأمريكي. عادة لا يعتبر التضخم في أمريكا مرتفعًا إذا كان حول 2% على أساس سنوي وما إن يتجاوزها يصبح مرتفعًا. وبالتالي تقول النظرية بأنه في حالة ارتفاع التضخم عن هذا الحد وأيضًا ارتفاع معدل نمو الناتج القومي بشكل كبير (أكثر من 2-3% بشكل سنوي) فهذا يعني أنه يجب أن يتم رفع الفائدة.
أما إذا إنخفض معدل النمو أو معدل التضخم عن 2% بشكل سنوي فهذا يعني أنه يجب تخفيض الفائدة. وبالطبع إذا إستقر معدل النموي السنوي عند 2% والتضخم أيضا فلا حاجة للتدخل وتعديل معدل الفائدة. تذكر أن الفائدة هنا هي على الإقراض أو الإقتراض.

ومشكلة هذه النظرية هي أنها لا تضع أوقات الكوارث في الاعتبار مثل جائحة كورونا. ففي وقت أزمة كورونا ارتفع التضخم وانخفض النمو نظرًا للحظر الذي تم تطبيقه في جميع الدول تقريبا. وبالتالي فشلت هذه النظرية في التعامل مع التضخم الذي تبع الجائحة نظرا لأنها لا تضع دائما الكوارث في الحسبان.
نظرية مكالوم كبديل للتحكم في معدل الفائدة
على الصعيد الآخر فنظرية مكالوم تُستخدم أيضًا من أجل تحديد معدل الفائدة في الولايات المتحدة ولكنها ليست مشهورة في العالم الإقتصادي. هذه النظرية ترتكز على المعروض النقدي باعتباره شيء يمكن التحكم فيه عن طريق الفائدة وبالتالي التحكم في التضخم والبطالة.
ويتم هذا عن طريق الفائدة على الإقراض والإقتراض. وتستهدف هذه النظرية في حساباتها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي وليس الحقيقي فقط على عكس نظرية تايلور. فإذا كان معدل النمو هذا فوق الطبيعي يتم تقليل حجم معدل نمو المعروض النقدي والعكس صحيح.

والفكرة هنا هي أن المعروض النقدي عندما يزيد بشكل قوي جدًا مثلما حدث وقت كوفيد مثلًا فهذا يؤدي إلى معدلات تضخم مرتفعة جدا. وهذا قد حدث بالفعل بغض النظر عن نسب البعض لهذا النمو في التضخم لمشاكل سلاسل الإمداد، إلا أن البيانات تقول بأن نمو المعروض النقدي كان سببا أيضا. وهذه النظرية لا تركز على الفائدة على بنفس القدر مثل سياسات مثل التشديد أو التيسير الكمي. وهذه سياسات يستخدمها الفيدرالي من أجل التحكم في المعروض النقدي سواء بتقليله أو زيادة المعروض من أجل تنشيط أو السيطرة على النمو.
تأثير البطالة والتضخم على الفائدة الأمريكية
عادة يكون هدف الفيدرالي الأمريكي من التحكم في معدل الفائدة في الولايات المتحدة هو التحكم في معدل البطالة أو التخضم. ولكن أحيانا تجبر هذه المعدلات الفيدرالي على إتخاذ قرارات إستثنائية. وأحيانًا يضطر الفيدرالي للتركيز على أحد هذه الأهداف على حساب الآخر. فمثلا في خلال عام 2022 كان تركيز الفيدرالي على معدل التضخم على حساب معدل البطالة نظرا لأن معدل البطالة كان منخفض إلى حد كبير خلال فترة حكم بايدن. ولكن مثلا في خلال أغسطس 2024 وعندما إرتفع معدل البطالة فجأة بشكل قوي إستجاب الفيدرالي على الفور وخفض الفائدة بمقدار نصف %. وهذا لأن الفيدرالي لا يريد أن يكون ثمن السيطرة على التضخم هو إرتفاع معدل البطالة.

وهذا يعني أنه دائما الفيدرالي يكون واقع ما بين نارين سواء بالتركيز على البطالة أو التضخم. ويبدو حاليا أن التضخم قد أصبح أولوية للفيدرالي مرة أخرى بعدما قرر ترامب تطبيق قرارات التعاريف الجمركية. لا يجب أن ننسى أيضا أنه حتى الآن لم تظهر نتائج مؤسسة دوج في معدلات البطالة وسوف نعرف في آخر هذا الشهر ما إذا كان هناك تأثير فعلي من هذه المؤسسة أم لا على معدل البطالة. فقد سعت المؤسسة إلى طرد وتسريح الكثير من العمالة الفيدرالي الحكومية في خلال الفترة الأخيرة من أجل توفير الأموال ولكن من غير الواضح مدى نجاحها. قد يجبر هذا الفيدرالي إلى التخفيض إذا جاء معدل البطالة مرتفع. أيضا بسبب معاناة الكثير من الصناعات الصغيرة بسبب قرارات الجمارك قد يجبر هذا الفيدرالي أيضا على الإستجابة والتخفيض بشكل عنيف للسيطرة على معدل البطالة من الإنهيار.
يجب أن تفهم العلاقة ما بين معدل البطالة ومعدل التضخم. فإنخفاض التضخم حاليا إلى 2% أمر جيد ولكن إنخفاض البطالة إلى 2% سوف يؤدي إلى رفع التضخم وبالتالي يحاول الفيدرالي السيطرة على معدل التضخم ما بين حيز 3-4% وحاليا المعدل هو 4.2% تقريبا ومن المتوقع إرتفاعه في الفترة المقبلة.
مشكلة تحديد معدل الفائدة في الولايات المتحدة

ئبعض النظريات مثل نظرية النقد الحديث modern monetary theory تدعي بأنه من المستحيل تحديد المستوى المحايد للفائدة الذي لا يكون مرتفع جدا ولا منفخض. وهذا نظرا لأن الولايات المتحدة لا تستخدم غطاء ذهبي منذ عام 1971 وبالتالي من الصعب جدا تحديد هذا المعدل. فالفيدرالي يمكنه أن يطبع ما يريد من الأموال بشكل غير مباشر طبعا عن طريق شراء سندات الخزانة الأمريكية وهذا سيؤدي إلى توسع المعروض النقدي بالمعدل الذي يريده الفيدرالي لتحديد النمو المطلوب. وبالتالي بناء على هذا فليس هناك داعي من الأساس لرفع معدلات الفائدة. وتقول هذه النظرية بأنه من الأفضل أن يتم تثبيت معدل الفائدة عند 0 نظرا لأن رفع معدل الفائدة يرفع من التضخم ولا يقضي عليه. وهنا تدعي النظرية بأن خدمة الدين والفوائد تعتبر تضخمية في طبيعتها. ولكن النظرية المضادة تقول بأن هذا يحدث فقط عندما يخرج معدل الفائدة عن السيطرة ويرتفع بقوة مثلما حدث في دول العالم الثالث مثل الأرجنتين ولبنان.
في النهاية من الصعب جدا التنبؤ بتأثير رفع أو تخفيض الفائدة على الإقتصاد ولكن من الممكن التنبؤ بما سيقوم به الفيدرالي إذا كنت تفهم العلاقة ما بين مؤسسات الإقتصاد والنظام المالي في الولايات المتحدة. ومعرفتك لهذا سيساعدك في إتخاذ قرارات مستنيرة في السوق.
لا تنسى أو تزور موقعنا و تتابع كل ما هو جديد عن العملات الرقمية!
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.
