لقد أحدثت تكنولوجيا البلوك تشين ثورة تكنولوجية في العالم المالي. وهذا بسبب سهولة إجراء التحويلات والمعاملات المالية بطريقة لامركزية وبشفافية وبتكاليف منخفضة. ولكن سرعان ما بدأت التكنولوجيا تتوغل في مختلف المجالات. والآن هناك الكثير من الحديث عالميا عن أهمية البلوك تشين في إنشاء الهويات الحديثة. فلقد أصبح هناك مصطلح جديد يتم تناوله وهو الهوية اللامركزية. فهيا بنا نتعرف على هذا النوع الجديد من الهويات وكيف يمكن أن تختلف عن الهوية المركزية التقليدية.
في هذا المقال
1.ما هي الهوية؟
2.الهوية التكنولوجية أو الرقمية
3.الهوية اللامركزية أو المشفرة.
4.الحل الذي تقدمه الهوية اللامركزية
5.التحديات أمم الهوية اللامركزية
ما هي الهوية؟
الهوية من أقدم المصطلحات التي تعرفت عليها البشرية. فمنذ القدم ونحن دائما ما نحاول إثبات هويتنا لمن حولنا. وهذا من أجل أننا نحاول دائما نيل ثقة الآخرين. والهوية هي أفضل طريقة يمكن أن تجلعنا ننال ثقة الآخرين، حيث أنها طريقة يتفق عليها الجميع من أجل التحقق من الشخصية. ولكن عادة ما تكون الهوية مركزية. فهي بنا نتعرف على الهوية المركزية أولا حتى نتمكن من فهم الهوية اللامركزية.
تخيل أنك عائد من السفر ووصلت لمطار دبي. فأول شيء يجب عليك فعله هو إثبات هويتك لضباط الجمارك. وحتى يتم التعرف عليك والسماح إليك بدخول البلد. وبناء على الهوية التي تبرزها سيتم التعامل معك بطرق مختلفة:
- إذا أبرزت هوية تثبت أنك إماراتي الأصل فأغلب الظن لن تحتاج إلى إجراءات كثيرة لدخول دبي.
إذا أبرزت هوية تثبت أنك من دولة تحتاج فيزا إلى الإمارات عند الوصول فسيكون هناك بعض الإجراءات الواجب أخذها. - إذا أبرزت هوية أثبتت أنك مجرم أو إرهابي فسيتم القبض عليك.
- أما إذا لم يكن معك هوية من الأساس فسيتم القبض عليك والتحقيق معك حتى يتم التعرف على هويتك.
إذا فالهوية حاليا هي الإثبات على وجودك. فهي التي تمكن الجميع من التحقق من أصلك وتاريخك وجميع المعلومات المتعلقة بك. فإذا قلت أن إسمك محمد ولكن هويتك تقول أن إسمك أحمد فلن يصدقك أحد. وهذا يعني أن الهوية لها أهمية كبيرة اليوم في عالمنا.
وقد أصبحت الهوية هي الوسيلة الوحيدة حول العالم التي يمكن من خلالها التحقق من الشخصية. فحتى عندما يتم تحليل دم أو تحليل DNA فهو يتم من أجل مطابقة الخلايا ما هوية ما. وطبيعة إصدار الهوية عالميا شديدة المركزية. فهناك مكان واحد فقط مسئول عن إصدار الهوية في كل دولة وهو الجهة الحكومية المختصة.
الهوية التكنولوجية أو الرقمية
بعد ظهور الكومبيوتر وإزدها الرقمنة digitization في العالم، سعى الجميع إلى رقمنة كل الأشياء. وكانت رقمنة الهوية أحد أهم أهداف القرن ال21. فقد سعت جميع الدول إلى نقل سبل التحقق من الهويات من على الدفاتر الورقية إلى الأجهزة المختلفة. وهذا من أجل الزيادة من مركزية التحقق في الهويات. وهذا سوف يزيد من الأمان والتحكم في العامة. وقد أدى هذا إلى زيادة الإعتماد على الهوية المركزية
ولكن هذه المركزية الشديدة أيضا أدت لكثير من النقض حيث أن الحكومة أصبحت تمتلك كم كبير من المعلومات والبيانات. هذه المعلومات تكشف الكثير من الحقائق الشخصية عن الكثير من الأشخاص. وحتى أن لم تستخدم الحكومة تلك المعلومات بنية سيئة، فيمكن أن تتعرض أجهزة الحكومات المختلفة للإختراق ويتم تسريب هذه الهويات. وربما يتعرض أحد الأشخاص للخطر بسبب هذا. وهذه الأسباب مهدت إلى ظهور الهوية اللامركزية.
وليس هذا فقط ولكن مع ظهور الإنترنت وإزدهار الهويات الرقمية عليه أصبح هناك تحدي جديد.
الهويات الرقمية على الإنترنت
لقد إصبح الإيميل أو البريد الإلكتروني حاليا أحدد متطلبات الحياة. فلم يعد الإيميل رفاهية، فلا يمكن فعل أي شيء حاليا بدونه. فمن خلاله تتم المعاملات الإحترافية في العمل أو التعامل مع الحكومة والجهات والمؤسسات التعليمية. ومن خلاله أيضا يتم إنشاء حسابات مختلفة على مواقع التواصل الإجتماعي.
ومن خلال إنشاء حسابات مختلفة على تلك المواقع أصبح من الممكن إنشاء هوية رقمية كاملة للشخص على الإنترنت. فيمكن أن تعرف الكثير عن شخص ما من خلال الحساب الخاص به على فيسبوك أو لينكدإن. فعلى لينكدإن مثلا يمكن تتبع تاريخ الشخص المهني كله منذ التخرج من خلال الحساب الخاص به. وهذا أدى بالطبع إلى الكثير من المميزات والعيوب.
بعض المميزات
- سهولة إجراء الصفقات مع الآخرين.
- سهولة التواصل مع الآخرين.
- إنتشار العولمة وتبادل الثقافات.
- سهولة العمل عن بعد في دولة أخرى.
- سهولة التعلم عن بعد أو تكوين صداقات في دول أخرى.
- سهولة تكوين الثروة نظرا لإمكانية إستغلال جميع ما سبق لتكوين الثروة.
وهذه المميزات بالطبع نفعت البشرية وأفادتها ولكن كان هناك الكثير من العيوب أيضا لتلك الهويات المركزية وهي التي جعلت من الهوية اللامركزية مصطلحا متداولا هذه الأيام.
بعض العيوب
- سهولة تسريب المعلومات.
- إستغلال الكثير من وسائل التواصل المركزية لتلك الهويات المركزية وبيع البيانات على الإنترنت لشركات التسويق وتجميع البيانات المختلفة.
- قلة الخصوصية للأفراد.
- تعرض حريات الأفراد لمختلف الإنتهاكات.
- الروتين وضياع الوقت.
وهذه العيوب هي التي شجعت الكثير من الأشخاص من أجل تبني مباديء ويب3 و البلوك تشين اللامركزية. فهذه المباديء هي التي أسست الهوية اللامركزية التي يدعو إليها داعمي العملات الرقمية والمشفرة. فما هي الهوية اللامركزية؟
الهوية اللامركزية أو المشفرة
الهوية اللامركزية هي الهوية المشفرة أو الهوية التي يتم إنشائها على البلوك تشين. ولكن لماذا قد نحتاج إليها؟
لقد أتت ثورة ويب3 من أجل أن تؤكد على ضرورة أهمية ملكية الأفراد لحياتهم بمختلف تفاصيلها. وهذا يشمل أيضا الهوية. فقد بدأ البعض يشعر بأنه لا يملك حتى هويته. وهذا نظرا لأن الحكومة تصدرها وتتحكم فيها. بعد ذلك يتم بيع جميع البيانات المتعلقة بهذا الشخص على الإنترنت عن طريق شركات التواصل الإجتماعي المختلفة. وهذا لأن العصر الحالي هو عصر البيانات. وتعتمد شركات التسويق في هذا العصر على إستهداف الأفراد من خليل تجميع البيانات الخاصة بهم.
أحد الأسباب التي شجعت على إشناء الهوية اللامركزية أيضا هي حرية تصفح الإنترنت بسرية وخصوصية. فحتى تستخدم محرك جوجل بفعليه عليك أن تنشيء حساب عليه بالإيميل الخاص بك. وهذا يعني أن شركة جوجل تتبع جميع تحركاتك وكل ما تفعله على الإنترنت. كما أنك يمكنك أن تعاني جدا إذا فقدت كلمة السر الخاصة بك. وهذا نظرا لأنك ستواجه صعوبة كبيرة في إسترداد حساباتك. إضافة على فمؤخرا بدأت الكثير من التطبيقات في طلب هويات التحقق من أجل إستخدام خدماتهم. وهذا يزيد من خوف المستخدمين على الإنترنت وخصوصا في مجال العملات الرقمية.
الحل الذي تقدمه الهوية اللامركزية
تسعى الهوية اللامركزية إلى الحفاظ على سرية المتصفحين على الإنترنت وإنشاء الهوية اللامركزية الخاصة بهم. ويتم هذا بدون تعريضهم لأي إنتهاك تخص حرياتهم أو خصويتهم ولكن كيف؟
عن طريق المحافظ المشفرة الساخنة يمكن تصفح الكثير من المواقع اللامركزية بسهولة وبسرية. فتلك المحافظ تسمح لك بإنشاء الهوية اللامركزية الخاصة بك على الإنترنت وتصفح الصفحات المختلفة. ولكن يتم هذا بدون الحاجة إلى تزويد تلك الصفحات بالإيميل الخاص بك أو رقم المحمول فقط المحفظة الساخنة. وكل ما يظهر على شبكة البلوك تشين هو تفاعل عنوان المحفظة العام الخاص بك مع تلك المواقع. وهذا من أجل الشفافية. فلقد نجحت البلوك تشين في توفير مزيج ممتاز ما بين الحفاظ على خصوصية المستخدم بالإضافة إلى الشفافية. وهذا من أجل محاربة الجريمة على البلوك تشين.
فعلى عكس المعتقد، البلوك تشين ليست مكان لممارسة الجريمة. وهذا لأن كل التعاملات على الشبكة موجودة ومتاحة بشفافية ويمكن الإطلاع عليها. وهذا يعني أن أي شخص يرتكب جريمة ما على البلوك تشين فهو يفضح نفسه أمام الجميع!
الهوية اللامركزية والمعرفة الصفرية Zero Knowledge
لقد تم تأسيس تكنولوجيا ثورية مؤخرا في عالم العملات الرقمية تعرف بإسم تكنولوجيا المعرفة الصفرية zero knowledge. خلاصة هذه التكنولوجيا هي أنها تستطيع إثبات الأشياء دون الحاجة إلى إظهار أي دليل على الإثبات.
تخيل مثلا أنك تريد أن تؤكد هويتك على بينانس من أجل تتداول على المنصة. ستضطر إلى أن ترسل الوثائق الخاصة بك للمنصة من أجل تثبت هويتك. ولكن في حالة المعرفة الصفرية فهي تعتبر أول خطوة نحو الهوية اللامركزية. وهذا لأنها تساعدك على إثبات هويتك للمنصة بدون حاجة المنصة إلى التعرف على الوثائق الخاصة بك. فلن تتمكن حتى المنصة من إظهار تلك الوثائق أو التعرف على أنها ملكا لك. بل لن تستطيع أنت أن تثبت بأن هذه الوثائق ملكا لك.
إذا إستعملت هذه التكنولوجيا في التصويت فلن تستطيع حتى أن تثبت أنك أعطيت صوتك لأحد الأشخاص. وميزة هذه التكنولوجيا هي أنها تحاول الموازنة ما بين سرية الهوية اللامركزية وأيضا الأمان. فلابد من التأكد والتحقق من هويات الأشخاص. ولكن من خلال هذه التكنولوجيا يمكن فعل هذا بدون تعريض الخصوصية للخطر.
وحاليا يسعى مشروع بوليجون المعروف إلى تطوير نوع من هذه التكنولوجيا يمكن إستخدامه على البلوك تشين. سيكون الهدف من وراءه هو الإحتفاظ بالوثائق المختلفة بسرية تامة وبدون تدخل من الأفراد. فستكون العقود الذكية هي المسئولة عن العملية.
التحديات أمم الهوية اللامركزية
لازال الطريق طويلا أمام الهوية اللامركزية حتى تتمكن من الوصول إلى أهدافها. فحاليا يعاني مجتمع العملات الرقمية من الكثير من المشاكل المتعلقة بالخصوصية. فقد أثبتت الكثير من المنصات المركزية عدم كفاءتها على مدار الفترة الماضية مثل FTX وغيرها. وهذا بسبب خرقها للكثير من وثائق حماية المستخدم. فما بين تسريبات لبيانات العملاء وسرقة أموالهم، بالطبع لازال هناك مجال كبير للتحسن في ويب3.
أحد التحديات التي تواجه الهوية اللامركزية أيضا هي طبيعة المحافظ المشفرة. فيمكن إنشاء العشرات من المحافظ وإستعمالها. ولن يتمكن أحد من معرفة أي محفظة هي التي تحتوي على هويتك اللامركزية. ولكن يمكن حل هذه المشكلة عن طريق تكنولوجيا المعرفة الصفرية بسهولة.
ولكن أيضا طرق إستخدام المحافظ الساخنة ليست أفضل تجربة للكثيرين. فقد إعترف الكثير من المطورين أن هذه التكنولوجيا لازالت صعبة ومعقدة في كثير من الأحيان. وهذا ما يدفع الكثير من الأشخاص إلى تفاديها لصعوبة التعامل معها. كما أنك إذا فقدت كلمة السر الخاصة بك لن تتمكن من إستعمال محفظتك مرة أخرى. وقد يؤدي هذا إلى خسارتك إلى كل ما تملكه على هذه المحفظة. وهذا تحدي كبير جدا.
بالإضافة إلى هذا فإن السرعة على تطبيقات ويب3 تحتاج إلى تحسن أكثر. وهذا من أجل رفع الكفاءة وخفض رسوم الغاز. فتلك الرسوم ستلعب دور مهم في حماية البيانات والمساعدة على تكوين ونشر الهوية اللامركزية.
تحديات الهوية اللامركزية مع DAOs و NFTs
أيضا المنظمات اللامركزية المستلقة أو DAOs لازال أمامها الكثير من الوقت والتطوير. وهذا حتى تتمكن من الإستفادة من الهوية اللامركزية وإستخدامها في إدارة الشركات وتحقيق المكاسب ونشر المنفعة. كما أنه يمكن إستخدام الرموز الغير قابلة للإستبدال NFTs من أجل توثيق الهويات المختلفة بطريقة لامركزية على البلوك تشين. ولكن سيتطلب هذا حماية تلك الهويات من الإختراقات المختلفة. فقد حدثت المئات من الإختراقات على البلوك تشين على مدار السنوات الماضية. وقد سببت الكثير من الضرر.
وهنا أيضا ستظهر أهمية تكنولوجيا المعرفة الصفرية حيث أنها ستلعب دور مهم في تطوير إستخدام DAOs وNFTs للإستفادة من الهوية اللامركزية.
بلا شك الهوية اللامركزية ستلعب دور هام جدا في عالمنا بالمستقبل. ولكن حاليا لازال أمام المطورين والمبرمجين طريق طويل مليء بالتحديات. ولكن الأسواق الهابطة دائما ما تكون مناسبة من أجل البناء والتطوير والتحسين!
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.
