اعرض المزيد

ارتفاع التضخم | لماذا تريد الحكومات الغربية دائما معدل تضخم مرتفع؟ 

6 mins
تم التحديث وفقاً لـ Khaled Omar

قد أصبح التضخم حديث الساعة في السنوات الأخيرة. وهذا بسبب ارتفع التضخم بطريقة جنونية في جميع أنحاء العالم وبالأخص في الدول الغربية. وكان السبب وراء هذا ما بين جائحة الكورونا ثم بعضها أزمة الحرب الأوكرانية. وقد ادعت جميع البنوك المركزية انها ستمارس حربا سرشة على التضخم في 2022 و2023. وهذا من أجل الحد من ارتفاع التضخم والذي قد وصل إلى مستويات قياسية في ال40 عام الماضية في 2022. ولكن يقول بعض الخبراء الاقتصاديين ان ارتفاع معدلات التضخم في الدول الغربية هو أمر ترغب فيه الحكومات. بغض النظر عن ما يظهر على شاشات التلفاز من إدعاءات بأنه أمر مضر. فما هي الحكاية؟ وكيف تستفيد الحكومات الغربية من ارتفاع مستويات التضخم؟ هيا بنا نعرف! 

في هذا المقال

ما هو التضخم؟ وماذا يعني ارتفاع التضخم؟ 

أنت عادة تتسوق كل يوم ب20 درهم في المحلات التجارية. ولكن فجأة في يوم من الأيام نفس السلع التي تشتريها أصبحت تساوي الآن 25 درهم. فماذا حدث؟ في هذه الحالة تعرضت السلع التي تشتريها إلى ارتفاع في الأسعار. وهذا نتج عنه حدوث ارتفاع التضخم. وهذا هو المقصود بالتضخم. فببساطة التضخم مسئول عن حساب الفرق في الزيادة السعرية للمنتجات. 

إذا كان هناك منتج ب10 درهم وأصبح الآن ب11 درهم فهناك تضخم 10% في هذا المنتج. وهذا يعني أن الدرهم قد ضعفت قوته الشرائية أمام هذا المنتج بنسبة 10%. وهذا عادة ما يكون بسبب أن معدل الدراهم في السوق مقابل هذه السلعة قد زاد. 

فقانون العرض والطلب يقول أنه كلما زاد عدد المعروض وقل الطلب كلما انخفض السعر. وكلما زاد عدد الطلبات وقل المعروض فسيرتفع السعر. وبناء على هذا فما حدث هو أن عدد الدراهم زادت في السوق وعدد المنتجات ظل كما هو،بالتالي ارتفع السعر. 

وفي الآونة الأخيرة أصبح التضخم يمثل مشكلة كبيرة عالمية وخاصة في الغرب والدول المعتمدة على الدولار. وهذا بسبب ارتفاع التضخم في أمريكا ووصوله إلى مستوى 9.1% العام الماضي. والمسئول عن حساب مستوى التضخم في الولايات المتحدة هو مكتب BLS والذي يصدر تقرير مؤشر CPI كل شهر. 

أسباب ارتفاع التضخم 

ارتفاع التضخم يؤدي إلى أضرار ومنافع

وتختلف أسباب ارتفاع التضخم من وقت لآخر. فأكثر مشكلة كانت مسببة لارتفاع مستويات التضخم في الفترة الأخيرة كانت سلاسل التوريد العاطلة عن العمل. فبسبب هذا أصبح هناك طلب عالي في السوق لا تستطيع معدلات الانتاج الحالية سده. وبالتالي حدث ارتفاع في معدلات التضخم. وعادة ما يكون هذا النوع من التضخم سيء جدا ومن الصعب السيطرة عليه. فنتيجة لهذا يسعى الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة بوتيرة قوية وسريعة. وهذا جعل الفائدة على الاقراض تصل إلى 5% في الولايات المتحدة. وهو مستوى مرتفع جدا لم تصل إليه منذ سنوات عديدة. وهذا ترتب عليه زيادة البطالة وهبوط التضخم ولكن ليس بالمستوى المطلوب. فلازال التضخم متعنت عند مستوى 6% حسب قراءة فبراير 2023. 

وهذا يعني أن الأسواق المالية قد تنتظر المزيد من الزيادات في الفائدة في الفترة القادمة إذا لم يهبط التضخم. 

وعادة ما يكون الحل الأمثل في مثل هذه الحالات هو أن يرتفع الإنتاج مرة أخرى لكي يعادل الطلب الشديد في السوق. وهذا يؤدي إلى خمود في الأسعار قليلا. وبهذه الطريقة تعود مستويات التضخم مرة أخرى إلى معدل 2% سنويا. وهو المعدل الذي تراه البنوك المركزية مثاليا. ولكن هذا صعب حاليا بسبب الحرب الأوكرانية والإضطرابات السياسية العالمية. علاوة على هذا لم يتعافى الإقتصاد الصيني بعد من الحظر الخاص بجائحة كورونا. 

فوائد ارتفاع التضخم وأضراره

إن الجميع يشتكي من ارتفاع التضخم والذي ترتب عليه ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء العالم حاليا. ولكن هل هناك أي فائدة وراء ارتفاع معدلات التضخم؟ أم ان التضخم دائما شيء سيء لابد من جمحة؟ 

لا احد يريد انكماش في الاقتصاد deflation. وهذا يحدث عندما تبدأ الأسعار في الانخفاض. فهذا الانخفاض في الأسعار يجعل المستهلك أقل استهلاكا. وهذا نظرا لأنه يتوقع هبوط مستمر للأسعار. فبالتالي لن يشتري الآن وسوف يحتفظ بأمواله من اجل الشراء لاحقا بسعر أفضل. ويدعي الكثير من الخبرا الاقتصاديين بأن هذا الأمر ليس جيد أبدا للنمو الاقتصادي وبالتالي يفضلون ارتفاع التضخم

في الحقيقة أنه عادة يكون ارتفاع التضخم شيء جيد إذا كانت المعدلات الإنتاجية مرتفعة. ففي حالة أن معدلات الإنتاج مرتفعة وتعمل بكفاءة شديدة فهذا يعني أن ارتفاع التضخم دليل على النمو الإقتصادي. ولكن ربما يزيد هذا النمو عن الحد بسبب الإقتراض المفرط للأموال فيؤدي إلى زيادة الأسعار بطريقة قوية. فيحتاج هذا إلى تدخل من البنوك المركزية من أجل رفع الفائدة على الإقراض. وهذا من أجل تقليل وتيرة خلق أموال جديدة في السوق. وبالتالي يهدأ النمو الإقتصادي قليلا وتعود الأمور إلى ما سبق. فأيضا زيادة التضخم يعني زيادة الدخل الأفراد والشركات. وبالتالي زيادة الضرائب التي تحصلها الحكومات وزيادة دخل الدولة. وهذا يعني إستطاعة الحكومة تمويل مشاريع جديدة تنموية تدفع الدولة إلى الأمام

الأزمات الدولية

ولكن للأسف في معظم الأحيان هذا السيناريو المثالي لا يحدث. فعادة ما تكون هناك مؤثرات خارجية تعكر صفو هذه العملية. فمثلا عام 2008 حدثت الأزمة العالمية المالية ونتيجة لها تم طبع مليارات من الدولارات. وهذا من أجل مساعدة البنوك كي تخرج من محنتها. وترتب على هذا ارتفاع التضخم عالميا. ومرة أخرى في 2020 تم طبع مليارات الدولارات من جديد في جائحة كورونا. ولكن هذه المرة خرج التضخم عن السيطرة بطريقة قوية. وتطلب هذا التدخل العنيف من البنوك الذي شاهدناه في 2022. وترتب عليه انهيار تام لسوق العملات الرقمية والبورصة الأمريكية. وقد سقطت حتى الكثير من الحكومات نتيجة لهذه الظروف الصعبة. 

وها نحن في 2023 على وشك الدخول في أزمة جديدة تخص البنوك العالمية. ونتيجة لهذا سوف يتم طبع المزيد من الأموال النقدية. وهذا يعني زيادة التضخم في العالم مرة أخرى. ولكن لازال الوضع في بدايته ومن الصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل. 

ومن ما سبق نستطيع أن نرى أن ارتفاع التضخم ليس جيدا طوال الوقت ولا سيئا. فهو يعتمد بقوة على سبب ارتفاع التضخم وليس فقط على المؤشر CPI مثلا الذي يخبرنا بمدى الارتفاع. ولكن طالما ارتفعت معدلات الانتاج مع التضخم فدائما سيكون هذا أمر جيد. 

كيف تستفيد الحكومات من ارتفاع التضخم؟ 

الحكومة الأمريكية دائما تفضل ارتفاع التضخم

نلاحظ مؤخرا دائما تأييد الحكومات لأي قرار بطبع الأموال. وخاصة في الغرب وعلى الأخص في الولايات المتحدة الأمريكية. فلماذا تؤيد الحكومة الأمريكية دائما خلق المزيد من التضخم؟ وخاصة في الظروف الحالية التي يمر بها العالم. 

هذا لأن زيادة التضخم تحت أي ظرف سواء بطريقة جيدة أو سيئة يصب دائما في مصلحة الحكومة المستدينة. ومن المعروف أن الحكومة الأمريكية مديونة بتريليونات الدولارات. وهذا لأن كل عام يكون هناك فرق سلبي في ميزانية الحكومة. فالمصروفات أكثير بكثير من الإيرادات. 

ولهذا السبب عندما يرتفع التضخم تزيد إيرادات الحكومة وتقل تكلفة خدمة الديون. 

مثال للتوضيح 

لنتخيل أن إيرادات الحكومة 900 ألف دولار ومصروفاتها مليون دولار. ولنفترض أن تكلفة خدمة الديون والمقصود بها هو الفوائد التي يتم دفعها لتسديد الديون مثلا 100 ألف من المصروفات. 

إذا كان التضخم السنوي 10% فهذا يعني الآتي: 

  • زيادة دخل الأفراض نتيحة لوجود تضخم سينتج عنه زيادة في المرتبات. 
  • زيادة المرتبات سوف ينتج عنها زيادة في أرباح الشركات. 
  • هذا سيترتب عليه بأن تحصل الحكومات ضرائب أكثر من الأفراد لأن مرتباتهم سوف تزيد. وبالتالي سوف ينتقلون إلى شرائح ضريبية أكبر. 
  • على الصعيد الآخر ستحصل الحكومة ضرائب أكثر من الشركات نظرا لارتفاع نسبة المبيعات والأرباح. 

في هذه الحالة ستزيد إيرادات الحكومة كثيرا وقد تتعدى مليون دولار وهو حجم المصروفات. وليس هذا فقط بل لأن مخزون الدولارات زاد نتيجة للتضخم فقد قلت قيمة الدولار. وإذا قلت قيمة الدولار فهذا يعني أن الحكومة ستدفع فوائد أقل لخدمة الديون. فبدلا من دفع الحكومة ل100 ألف دولار قد تدفع فقط 90 أو 80 ألف دولار. وأيضا هذه الدولارات قلنا بأن قيمتها قد قلت. وبالتالي فإن أكبر المتضضريين هنا هم المقرضين للحكومة الأمريكية. 

وبهذه الطريقة تستفيد الحكومات من التضخم المرتفع. وقد استغلت الحكومة البريطانية ارتفاع التضخم في القرن ال20 من أجل التخلص من الكثير من ديونها بالطريقة المشروحة بالأعلى.

وحاليا هذا هو ما تسعى الحكومة الأمريكية لفعله مع ديونها. ولكن السبب في فشل الحكومة الأمريكية في هذا هو أن الدولار عملة إحطياطية عالمية. فالجنية الإسترليني لم يكن إحطياطي عالمي عندما فعلت الحكومة البريطانية هذا. وهذا يعني أن قرارات الحكومة الأمريكية تؤثر على العالم كله وبالتالي من الصعب إتخاذ قرارات بسهولة. وعلاوة على هذا فإن الأزمات المالية التي مرت بها مثل 2008 وبعد هذا جائحة كورونا صعبت من هذا كثيرا. 

كيف يمكن أن تستفيد من الوضع الحالي مع ارتفاع التضخم؟ 

عليك أن تفهم جيدا الدورة المالية التي يمر بها العالم كل فترة ما بين رفع للفائدة ثم تخفيضها. فهذا سوف يساعدك على الحفاظ على ثروتك وحمايتها من أضرار التضخم. ومن أفضل النصائح التي يمكن أن تتبعها من أجل حماية الثروة هي: 

  • فكر دائما كيف يمكنك أن تستفيد إستفادة حقيقية من زيادات المرتب. فليس شرط أن يرتفع مستوى معيشتك مع كل زيادة.
  • ربما تريد استثمار زيادات مرتبك هذه في أصول استثمارية تزيد قيمتها عندما يرتفع التضخم مثل الذهب. وممكن أيضا أن تستثمرها في العقارات أو العملات الرقمية أو الأسهم. هناك الكثير من الاختيارات. 
  • لا تكون مصرف أبدا في وقت الأزمات المالية ووقت رفع الفائدة. على العكس إذا أردت الإصراف فكن مصرف وقت تخفيض الفائدة العالمي على الإقراض. 
  • حاول دائما أن تزيد من مصادر دخلك وتنوعها. 

هذه النصائح يمكنها أن تساعدك على تخفيض الأضرار التي تتعرض لها من ارتفاع التضخم. ولكن عليك أيضا أن تمحو أميتك المالية financial literacy. فمن المهم جدا أن تفهم كيف يعمل النظام المالي العالمي والاقتصاد. وهذا حتى لا تكون عضو سلبي ولكن شخص إيجابي يستطيع إتخاذ قرارات مستنيرة متعلقة بمستقبله! 

وإذا أردت أن تعرف المزيد عن الاقتصاد والاستثمار والعملات الرقمية يمكنك أن تفعل هذا من خلال موقعنا! 

أفضل منصات تداول كريبتو

Trusted

إخلاء مسؤولية

جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.

yn9xyTFX.jpeg
عبدالله آل شرقي
كاتب حر اماراتي متخصص في عالم البلوك تشين والعملات الرقمية بالخليج العربي
READ FULL BIO
برعاية
برعاية
للإعلان والمبيعات: https://ar.beincrypto.com/sales/