هل سألت نفسك من قبل من أين يأتي الدولار؟ وما هو الداعم للدولار؟ هناك رحلة تمر بها الدولارات داخل الحكومة وهذه العملية للأسف لا يعرفها الكثيرين. ولكن معرفتك لهذه العملية وتفاصيل طبع الدولار يجعلك تفهم النظام المالي الحالي الذي نعيش فيه وكيفية تأثير القرارات المختلفة التي يتخذها السياسين على حياتك. فهيا بنا نستكشف رحلة طبع الدولار منذ البداية وحتى يصل يدك كي تبيع وتشتري به البضائع المختلفة!
من أين تأتي الأموال في الولايات المتحدة؟

قبل عام 1971 كانت الولايات المتحدة تستخدم المعيار الذهبي من أجل طبع الدولار وإدارة الموازنة. وهذا يعني أن الدولار كان مدعوما من قبل الذهب وكان هناك سعر ثابت لأونصة الذهب أمام الدولار وبناء على هذا السعر يتم طباعة الأموال وإدارة السياسة المالية. وهذا يعني أن الدولار كان معدومًا من الذهب وهو ما يعرف بإسم Gold standard ولكن هذا إنتهى في عام 1971 عندما قرر نيكسون القضاء على هذا النظام. من ذلك الوقت والدولار لم يعد مدعوما بالذهب وتم تحرير سعر الذهب. وهذا يعني أن عملة الدولار حاليا تعتبر fiat currency أي عملة لا يدعمها أي أصل مالي ولكن تدعمها الحكومة الأمريكية. فحاليا عندما تشتري الدولار الأمريكي فأنت تؤمن بوعد الحكومة في الحفاظ على قيمة هذا الدولار وهذا هو الداعم الوحيد للدولار حاليا.
وبالتالي تحت هذا النظام الجديد يجب أن نفهم العملية التي تتم من خلالها صنع الأموال الجديدة. فلم تعد الحكومة الأمريكية محدودة في تحديد الموازنة على العجز. فقديما كانت تحتاج الحكومة إلى إحتياطي ذهبي من أجل زيادة الموازنة وإذا حدث عجز فكان لابد من سد العجز بطريقة ما. الآن لا تحتاج الحكومة لهذا وهي تحتاج فقط إلى زيادة حد الدين كل بضع سنوات من أجل الإستمرار في الإنفاق. وبالتالي الطريقة الوحيدة التي ستفلس بها الحكومة الأمريكية حاليا هي إذا فقد المستثمرين ثقتهم في الدولار ولكن إذا لم يحدث هذا فيمكن أن تتطبع الحكومة دولارات جديدة كما تشاء ولن تفلس أبدا وستسد العجز في الموازنة بهذه الدولارات الجديدة. هيا بنا نتعرف على عملية إنشاء الأموال في الفقرات التالية.
الخطوة الأولى: تحديد الميزانية في الكونجرس

أول خطوة من أجل طبع الدولار تبدأ في الكونجرس الأمريكي وهو مجلس الشعب الخاص بالدولة. يحدد الكونجرس الميزانية المتفق عليها سنويا ويجب أن تكون جاهزة بحلول 1 أكتوبر. يتم تحديد دخل الدولة وهو الضرائب ولنفترض انها 4 تريليون دولار. هذا ليس الرقم الحقيقي ولكن الغرض منه الشرح وليس إلا، بعد هذا يتم تحديد المصروفات وهي التعليم والصحة والدفاع والتأمين الإجتماعي وغيرهم ولنفترض أنها 5 تريليون دولار. هذا يعني أن الميزانية بها عجز 1 تريليون دولار. قديما كانت الحكومة ستحتاج إلى تخفيض النفقات من أجل سد العجز أما اليوم فلا تحتاج الحكومة لفعل هذا ولكنها تحتاج إلى الإستلاف أو الإستدانة. وبما أن الحكومة الأمريكية هي المسئولة عن طبع الدولار فبالتالي تستدين من نفسها. وعندما يتم تمرير قرار بالموزانة وإعتماده من قبل الكونجرس يمر هذا القرار إلى الخزانة الأمريكية us treasury. الخزانة هي المسئولة عن عملية الاستدانة وتذكر أن الرقم كان تريليون دولار وبالتالي ستستدين الخزانة 1 تريليون دولار.
الخطوة الثانية: تمرير الموازنة للخزانة

ستقوم الخزانة بإصدار سندات مالية أو أذون خزانة لفترات مختلفة سواء أقل من سنة أو أكثر من سنة أو حتى 5 أو 10 أو 20 سنة. كل منها لها الفائدة الخاصة بها وتعتبر هذه إستثمارات في الدين الأمريكي ويبدأ المستثمرين في شراء هذه السندات. وتحدد الفائدة على أساس معدل الفائدة الحالي في السوق والذي يحدده الفيدرالي الأمريكي. الفيدرالي يكون هو المسئول عن عملية بيع السندات ولكن الخزانة هي التي تصدرهم تذكر هذا جيدا. وتذكر أيضا أنه حتى الآن لم تتم صناعة أي أموال جديدة فحتى الآن ما يحدث هو إستدانة ثم إستثمار في هذا الدين من قبل المستثمرين. كل ما حدث هنا هو أن القطاع الخاص قد قام بإستثمار تريليون دولار في السندات الأمريكية.
الخطوة الثالثة: الخزانة تبدأ في صرف الأموال
بعد هذا تبدأ الخزانة في صرف الأموال فتقوم بإيداع المعاشات مثلا الخاصة بالتأمين الإجتماعي للأفراد. تقوم أيضا بإعطاء وزارة الصحة الميزانية الخاصة بها أو وزارة التعليم أو مرتبات الموظفين في الحكومة وهكذا. لاحظ أن عملية طبع الدولار تبدأ بمجرد أن تصرف الخزانة جميع الأموال التي إستدانتها. ولكن الآراء هنا تختلف على حسب النظرية الإقتصادية التي تؤمن بها. فبعض النظريات تؤمن بأن عملية طبع الدولار لم تحدث بعد ولكنها تحدث عندما تبدأ البنوك في الإقراض.
تذكر أيضا أن الأموال الجديدة لا تكون في هيئة أموال نقدية كاش ولا يتم حفظها في خزائن كبيرة ولكن معظمها إلكترونية. فحاليا يعتبر حوالي أكثر من 90% من مخزون الدولار في هيئة أموال إلكترونية. فمثلا الخزانة عندما تقوم بتحويل الأموال يتم هذا بشكل إلكتروني من حساب الخزانة الموجود في الفيدرالي.
لحظة صناعة الأموال

بمجرد دخول الأموال إلى النظام البنكي بعدما يتم تحويلها إلى حسابات الأفراد فهنا يمكن أن نعتبر هذه اللحظة التي يتفق الكل على أنها لحظة طبع الدولار الجديد. فبمجرد أن تستلم البنوك هذه الأموال يزيد الإحتياطي الخاص بالبنوك وطالما هذا الإحتياطي زائد عن الحاجة وفوق الحد الذي يفرضه الفيدرالي على البنوك من أجل أن تكون لديها سيولة طوال الوقت فمن الممكن أن تقرض البنوك كل ما هو زائد. تقوم البنوك بشراء سندات من الخزانة من أجل دعم الدين بسندات حكومية وبالتالي تزيد من ثقة المستثمرين وبعد هذا تبدأ في الإقراض. تذكر أن النظام البنكي في أمريكا قائم على fractional reserves أو الإحتياطي الجزئي. فلا تبقي البنوك على كل الإحتياطي بالبنك بل تقرضه وتترك جزء فقط منه كإحتياطي. وعن طريق عملية الإقراض تتم صناعة الأموال الجديدة التي تدخل السوق الأمريكي وتدفع الإقتصاد إلى الأمام.
يقوم الفيدرالي الأمريكي أيضا بمراقبة مخزون الأموال كي يتأكد أن كل شيء سلس. فمثلا إذا تم ملاحظة أن عملية الإقراض في السوق عنيفة وسريعة وتؤدي إلى زيادة التضخم يتم رفع الفائدة على الإقراض من أجل التقليل من عمليات الإقراض وبالتالي المحافظة على التضخم منخفض. أما إذا حدث العكس وكان الإقراض مكلف جدا نظرا لإرتفاع الفائدة فيتم تخفيض الفائدة من أجل تشجيع المستثمرين على الإقتراض بسعر أرخص وبالتالي دفع الإقتصاد وتحقيق إنتعاشة إقتصادية.
الخلاصة
في النهاية من المهم أن تفهم العلاقة ما بين الخزانة والفيدرالي الأمريكي لأن الإثنين مختلفين. فدائما ما يتم طبع الدولار وإنشاء الأموال عن طريق الخزانة ولكن الفيدرالي هو من يتحكم في في السياسة النقدية الخاصة بالفائدة. وأحيانا قد يقوم الفيدرالي بشراء السندات او الدين الأمريكي مباشرة من الخزانة من أجل ضخ السيولة في السوق. وبما أن الفيدرالي هو أكبر بنك في أمريكا فلديه سيولة غير منتهية وأحيانا تسمى هذه العملية بعملية طبع الأموال. وما يحدث في الواقع هو أن الفيدرالي يشتري الدين الأمريكي كلما يتم إصداره بعد هذا يضخ هذا الدين في النظام البنكي مما يزيد من احتياطي البنوك ويشجعهم على الإقراض. وهذا يؤدي إلى زيادة النشاط الإقتصادي. وحدث هذا مثلا مرتين في خلال العشرين سنة الماضية مرة في عام 2008 بعد أزمة 2008 المالية ومرة أخرى في في 2020 وقت كوفيد.
سنتحدث لاحقا أيضا عن السندات بالتفصيل فلا تنسى أن تتابعنا حتى تعرف أكثر. وزر موقعنا أيضا كي تعرف أكثر عن العملات الرقمية!
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.
