منذ عام 2021 وبيتكوين والكريبتو يتم أخذهما على محمل الجد عالميا. وبالتالي أصبح من المهم أن نعرف ما إذا كان هناك تأثير على العملات الرقمية من قبل الأحداث الجيوسياسية العالمية. وفي الواقع التاثير موجود ولكنه دائما ما يتسم بالتخبط بسبب حداثة سوق الكريبتو وعدم قدرة المستثمرين على التعامل معه بشكل جيد. هيا بنا نفهم العلاقة أكثر ما بين الجيوسياسة والكريبتو.
ما هي الجيوسياسة وما علاقتها بالكريبتو؟
الجيوسياسة هي مصطلح حديث ظهر بعد إنتهاء الحرب الباردة. وهو مصطلح يصف علاقة الجغرافيا بالسياسة وبالتالي فهناك بعد الأحداث السياسية التي تحدث بسبب العوامل الجغرافية. فمثلا الصراع العربي مع الكيان الصهيوني يعتبر صراع جيوسياسي نظرا لأن للجغرافيا دور كبير فيه وهذا لأن هناك نزاع على قطعة أرض.
ومع تطور التكنولوجيا والإنترنت وسيطرة العولمة على الإقتصاد العالمي، أصبح هناك تأثير قوي للجيوسياسة فأصبحت الأزمات الجيوسياسية لها تأثير على العالم أجمع. وأفضل مثال لهذا هو التضخم الذي حدث في أسعار الغذاء عالميا بعدما بدأت حرب روسيا مع أوكرانيا.
وبما أن عالم الكريبتو والعملات الرقمية بدأ بالنمو بعنف منذ عام 2020 فقد بدأ الكثير من الإقتصاديين في التعامل مع البلوك تشين على أنها تكنولوجيا مستمرة في عالمنا لفترة طويلة. فمن الواضح أن بيتكوين لن تنتهي في أي وقت قريب ومن الواضح أن العملات الرقمية ستنمو بشدة في السنوات المقبلة فهناك طلب كبير عليها.
وبما أن سوق الكريبتو هو تمثيل للعولمة في أزهى صورها نظرا لأنه لا يتم تداول الكريبتو داخل دولة أو قارة معينة، فبالتالي أصبحت هناك علاقة حتمية ما بين الجيوسياسة والعملات المشفرة.
أزمة روسيا وأوكرانيا
تعتبر أول مرة نشهد فيها تأثير الجيوسياسة على الكريتبو في عام 2022 عندما حدث الغزو الروسي لأوكرانيا. وكان التأثير غريب على بيتكوين والعملات البديلة فقد كانت هذه أول مرة يشهد سوق الكريبتو أزمة عالمية. كان رد الفعل الأولي هو الهبوط العنيف على مدار السوق كله وخاصة العملات البديلة. وهذا نتيجة للهلع العالمي بخصوص نشوء حرب عالمية جديدة إثر تأثير هذا الغزو. وبالتالي كان الحل المثالي هو التخلص من أي أصول عالية المخاطر وخاصة بيتكوين والعملات الرقمية.
ولكن المفاجأة كانت أنه بعد عدة أيام بدأت بيتكوين والعملات البديلة في الصعود بقوة والإرتداد لأعلى. وهذا كان بسبب بسيط وهو أن سكان روسيا وأوكرانيا بدأو يلجأون للكريبتو من أجل التعامل مع الوضع الصعب في البلاد. فخاصة في روسيا بدأ إستعمال العملات الرقمية بكثرة من أجل تفادي الحظر الإقتصادي المفروض على روسيا.
بالإضافة إلى هذا بدأ الناس يستوعبون أن بيتكوين هي الذهب الرقمي للعصر المعاصر. وفي وقت الأزمات دائما ما يكون الذهب هو الملاذ الآمن للكل من أجل حفظ المدخرات من الضياع وليس الدولار. فقد أعلنت أمريكا عن دعمها المطلق لأوكرانيا وهذا كان يعني حينها وضع المزيد من الضغط على الخزانة الأمريكية من أجل تقديم معونات عسكرية ضخمة لأوكرانيا. وهذا يعني زيادة التضخم وقلة القوة الشرائية للدولار وهو ماحدث بالفعل.
سرعان ما إستوعب المستثمرون أن بيتكوين أيضا ملاذ آمن للهروب من تضم الدولار المرتفع وبالتالي بدأ سعرها في الإرتفاع وبقوة. ولم يهبط سعر بيتكوين بعد هذا حتى مع إشتداد الحرب إلا فقط بعدما حدث كارثة سقوط عملة لونا وبدأ الفيدرالي في الرفع العنيف للفائدة.
نتيجة أزمة روسيا وأوكرانيا في عالم الكريبتو
تعتبر أزمة روسيا وأوكرانيا هي أهم أزمة جيوسياسية على الإطلاق بالنسبة للكريبتو. وهذا لأنها أثبتت لأول مرة أن سوق الكريبتو سوق عالمي وله تأثير قوي وأيضا يتأثر بما يحدث في العالم. فقد إستفاد سوق الكريبتو كثيرا من هذه الحرب نظرا لهروب الكثير من المستثمرين إلى العملات المشفرة للهروب من الحظر المفروض على روسيا.
علاوة على هذا فإن مصادرة إحتياطي روسيا الدولاري كان سببا وراء فقدان الثقة عالميا في الدولار في العام الماضي. وجزء كبير جدا من هذه الثقة قد ذهب إلى بيتكوين وخاصة بعد إطلاق صناديق بيتكوين الإستثمارية بالولايات المتحدة.
أزمة فلسطين والكيان الصهيوني
الأزمة الثانية التي حدثت وتأثر بها سوق الكريبتو نوعا ما هي أزمة حرب الكيان مع فلسطين منذ أكتوبر الماضي. فمن ناحية يدعي الإسرائيليين والأمريكيين أن حماس تستخدم الكريبتو من أجل التهرب من الحظر الدولي المفروض عليها.
أما من ناحية أخرى فالكيان معروف بأنه مكة التكنولوجيا عالميا وبالتالي هناك الكثير من الشركات الناشئة في عالم الكريبتو الموجودة داخل الكيان. وقد أثر هذا كثيرا على نشاط الكثير من هذه الشركات وأيضا المشاريع المختلفة.
وعندما بدأت اليمن في حظر مرور السفن من مضيق باب المندب أثر هذا بطريقة غير مباشرة على الكريبتو أيضا. فقد توقع الكثير من الخبراء إرتفاع التضخم العالمي نتيجة لما يحدث في باب المندب. فهذا بلا شك سيضع عبيء جديد على سفن الشحن وتحدي جديد سيزيد من تكاليف الشحن وسيتحمل المستهلك هذه التكاليف. وبالتالي أدى هذا إلى تأخير قرار تخفيض الفائدة في الولايات المتحدة من قبل الفيدرالي الأمريكي. فقد إرتفع التضخم قليلا عن المتوقع في خلال شهر مارس وهذا جعل الفيدرالي يعدل عن نيته لتخفيض الفائدة هذا العام أكثر من مرة.
ونتيجة لهذا لم تستطع بيتكوين كسر حاجز 73 ألف وهبطت بعده ولازالت لا تستطيع إختراق هذا الحاجز حتى الآن.
تداعيات الأزمة بين إيران والكيان الصهيوني
أخيرا وبسبب ما حدث في بداية إبريل بين إيران والكيان فقد شاهدنا رد فعل سلبي جدا من سوق الكريبتو بسبب هذا. فقد هبطت العملات الرقمية بعنف في الأسبوع الثاني من شهر إبريل نتيجة لخوف المستثمرين من توقعات نشوء حرب في الشرق الأوسط بين الكيان وإيران. فقد إنتشر الهلع بناء على هذه التوقعات وحدث هبوط عنيف جدا خاصة في العملات البديلة وإيثيريوم.
وهنا نلاحظ تأثير الأحداث الجيوسياسية في الكريبتو بإستمرار. فإذا لم تحدث مناوشات عنيفة في الفترة المقبلة بين الكيان وإيران فمن المتوقع أن يرتد السوق كله لأعلى مرة أخرى نظرا لشعور المستثمرين بالآمان.
الملخص
نسنتنج من ما سبق أن هناك تأثير واضح جدا للأحداث الجيوسياسية على سوق الكريبتو حتى و إن لم تكن متعلقة به بشكل مباشر. فمن المفهوم صعود العملات الرقمية عندما تعلن السلفادور عن تبني بيتكوين كعملة رسمية للدوله. ومن المفهوم أيضا سقوط السوق عندما تعلن الصين منع تعدين بيتكوين في البلاد.
ولكن مؤخرا بدأت بعض الأحداث السياسية الغير متعلقة بالكريبتو تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في آداء العملات كما شاهدنا. ونحن ننظر دائما لبيتكوين على أنها ملاذ آمن من التضخم. وبالتالي حتى وإن حدث هبوط عنيف في بداية الأزمة فسرعان ما سيرتد السعر لأعلى مع مرور الوقت وإستيعاب المستثمرين للأزمة. وهذا نظرا لأن أي صراع جديد مثلا بين الكيان وإيران سيضع عبيء جديد على الخزانة الأمريكية. وبالتالي سيجبر هذا الفيدرالي على تخفيض الفائدة وهذا سيعود بالنفع المباشر على سوق الكريبتو.
من الضروري جدا فهم كل هذه النقاط إذا أدرت الإستثمار في العملات الرقمية في السنوات المقبلة حتى تفهم كيف تتعامل مع هذا السوق الجديد سريع النمو والتطور.
ولا تنسي زيارة موقعنا من أجل التعرف على المزيد عن العملات الرقمية!
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات. في موقع Learn غايتنا الأولى هي توفير معلومات رفيعة المستوى. فنوف المحتوى التعليمي حقه من التحديد والبحث والابتكار لنضمن تقديم كل ما هو مفيد وممتع لقرائنا. وللحفاظ على هذا المستوى والاستمرار في صنع محتوى رائع وممتع ومفيد، قد يكافئنا شركاؤنا بعمولة لذكرهم في مقالاتنا. إلا أننا نود أن نؤكد أن هذه العمولات لا تؤثر بأي شكل على نزاهتنا في صنع محتوى محايد أمين ومفيد لقرائنا الأعزاء دون تحيز أو تفضيل على الإطلاق.
