موثوق به

هل تتراجع الصين عن حظر تعدين البيتكوين تحت ضغط الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب؟

5 دقائق
بواسطة Camila Grigera Naón
تم التحديث بواسطة Elhadi Bouazizi

باختصار

  • الولايات المتحدة تسيطر الآن على 75.4% من تعدين البيتكوين العالمي، متجاوزة هيمنة الصين السابقة.
  • على الرغم من حظر العملات المشفرة، تفيد المصادر بأن الصين لا تزال تحتفظ بنسبة 15% من معدل تجزئة البيتكوين العالمي، مع بقاء بنيتها التحتية سليمة.
  • قد تعدل الصين سياساتها المتعلقة بالعملات المشفرة، موازنة بين جهود التخلص من الدولار وموقفها المناهض للعملات المشفرة منذ فترة طويلة.
  • برومو

أكد تقرير حديث صادر عن جامعة كامبريدج أنّ الولايات المتحدة باتت تتصدر مشهد تعدين البيتكوين عالميًا، متجاوزة الهيمنة السابقة للصين. وبرغم الحظر الرسمي المفروض على العملات المشفرة، تفيد مصادر مطّلعة بأن الصين ما تزال تحتفظ بنسبة 15% من القدرة العالمية على تعدين البيتكوين، مستفيدة من بنيتها التحتية التي لم تُهدم بالكامل.

في هذا السياق، يلوح في الأفق احتمال أن تُعيد بكين النظر في سياستها تجاه العملات المشفرة، سعيًا لتحقيق توازن بين جهودها الرامية إلى فك الارتباط بالدولار، وموقفها المتشدد إزاء الأصول الرقمية.

وفي هذا الإطار، أجرت منصة BeInCrypto مقابلات مع ممثلين عن Coin Bureau وWanchain، لاستطلاع آرائهم بشأن العوامل التي قد تدفع الصين إلى إعادة النظر في موقفها تجاه الأصول الرقمية.

الولايات المتحدة تنتزع الصدارة في تعدين البيتكوين

ثبّتت الولايات المتحدة مكانتها كأكبر مركز لتعدين البيتكوين في العالم، إذ أفاد مركز كامبريدج للتمويل البديل (CCAF) بأن حصة الولايات المتحدة من معدل التجزئة العالمي بلغت 75.4%.

التوزيع العالمي لنشاط تعدين بيتكوين.
التوزيع العالمي لنشاط تعدين بيتكوين. المصدر: CCAF.

ويعكس هذا الرقم تحوّلًا جذريًا في خريطة النفوذ التي طالما احتكرتها الصين، حيث كانت في عام 2017 مسؤولة عن أكثر من 75% من معدل التجزئة العالمي، بفضل شبكاتها القوية وتكاليف الكهرباء المنخفضة.

حملة الصين على العملات الرقمية

في عام 2019، أشارت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين (NDRC) إلى نيتها حظر تعدين العملات الرقمية من خلال إصدار مسودة قانون تصنفه كصناعة "غير مرغوب فيها".

بعد عامين، بدأت أربع مقاطعات صينية على الأقل في إغلاق عمليات التعدين. تصاعدت هذه الحملات وسط مخاوف بشأن الاستهلاك المفرط للطاقة.

وفي أواخر عام 2021، حظرت بكين رسميًا جميع المعاملات المتعلقة بالعملات الرقمية، ومنعت البورصات الخارجية من التعامل مع المواطنين الصينيين.

ومع ذلك، تمتلك الصين قدرة مثبتة على التكيف مع التحولات الجيوسياسية التي قد تهدد هيمنتها الاقتصادية، وقد يمثل الوضع الحالي مثل هذا التحدي.

هل توقفت عمليات تعدين البيتكوين في الصين حقًا؟

رغم الموقف الرسمي، لا يبدو أنّ عمليات التعدين قد توقفت تمامًا داخل الصين. ففي يوليو 2024، أشار المحلل البيئي دانيال باتن إلى أن الصين ما تزال تساهم بنحو 15% من إجمالي معدل التجزئة العالمي. ويُعزى هذا إلى استمرار وجود البنية التحتية، من التعدين البحري إلى شبكات التداول العابرة للحدود.


نيك بوكين، الشريك المؤسس لمنصة Coin Bureau، قال لـ BeInCrypto إنّ:

"الصين تملك ما يكفي من المقومات للعودة إلى المنافسة، سواء عبر وسائل رسمية أو بطرق غير معلنة، خاصةً في ظل تصاعد دور الأصول الرقمية عالميًا". كما أن قربها الجغرافي من مصانع معدات التعدين (ASIC) يمنحها تفوقًا تكنولوجيًا واضحًا."

كما أن للصين ميزة جغرافية على الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالتقدم التكنولوجي. 

يعتمد تعدين العملات الرقمية، وبخاصة تلك التي ترتكز على آلية إثبات العمل مثل بيتكوين، على أجهزة متطورة تُعرف بـ الدوائر المتكاملة الخاصة بالتطبيق (ASIC)، وهي المسؤولة عن تنفيذ العمليات الحسابية المعقدة المرتبطة بعمليات التحقق والتعدين.

موقع الصين كـ أكبر مصدر لمعدات تعدين العملات المشفرة، خاصة إلى الولايات المتحدة، يمنحها ميزة محتملة إذا قررت إحياء قطاع التعدين الخاص بها.

النزاع الجمركي المتفاقم بين البلدين يضفي حالة من الغموض والشكّ بشأن الجدوى الاقتصادية طويلة الأمد لصناعة التعدين داخل الولايات المتحدة.

ويرى بوكين أن تزايد التوترات الجمركية، إلى جانب سعي الولايات المتحدة لفرض هيمنتها على سوق العملات المشفرة، قد يُشكّل دافعًا كافيًا للصين لإعادة تقييم موقفها من هذه الأصول.

"من المستبعد أن تُقدم الصين في القريب العاجل على تغيير صريح في سياساتها المتعلقة بحظر التعدين والتداول في العملات الرقمية، غير أن ارتفاع نسبة نشاط المعدّنين في الولايات المتحدة يدفع الصين بلا شك إلى مراقبة الوضع عن كثب، وربما تُراجع موقفها بهدوء"، وفق ما أفاد به بوكين لـ BeInCrypto.

ومع ذلك، تمتلك الصين من الأدوات والسياسات ما يتجاوز مجرد إعادة تنشيط قطاع تعدين البيتكوين، إذ يمكنها انتهاج مسارات أخرى للحدّ من النفوذ الأمريكي المتزايد في هذا المجال.

النهج الدقيق للصين خارج نطاق النفوذ الأمريكي

على الرغم من أن الصين تعارض الاستخدام الواسع للعملات المشفرة محليًا، إلا أنها قد ترى قيمة في الأصول الرقمية لموازنة هيمنة الدولار الأمريكي كعملة عالمية.

وقد شرعت عدة دول حول العالم في تبنّي العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) أو تدرس هذه الخطوة دعمًا لعملاتها المحلية، وتأتي الصين في مقدمة هذه المبادرات.
قال تيموجين لوي، الرئيس التنفيذي لشركة Wanchain، لموقع BeInCrypto:

"على الرغم من الحظر المفروض على تعدين بيتكوين، فقد انخرطت الصين بنشاط في مجال الأصول الرقمية، من خلال مبادرات مثل أبحاث العملات الرقمية للبنوك المركزية (CDBC) وتطوير اليوان الرقمي أو ما يُعرف بـ e-CNY."

وفي الحقيقة، فإن جهود الصين الرامية إلى إصدار اليوان الرقمي تعود جزئيًا إلى رغبتها في تقليص اعتمادها على الدولار الأمريكي داخل اقتصادها.

وأشار لوي إلى أن قرارات الصين في هذا المجال لا تُبنى على ردود أفعال تجاه السياسات الأمريكية، بل تستند إلى أولوياتها واستراتيجيتها الخاصة.
وأضاف:

"كما هو معتاد في السياسة الصينية، فإن النهج الدقيق هو الأقرب إليها. وأي تغيير في السياسات لن يكون نتيجة مباشرة للتعريفات الجمركية الأمريكية، بل سيتحدد وفقًا لاتجاهات الأسواق العالمية ومصالح الصين الداخلية."

مع ذلك، فإن أي توجه تتخذه بكين فيما يخص العملة الرقمية سينعكس حتمًا على موقفها العام من العملات المشفرة.

واختتم حديثه قائلًا:

"قد يسهم تراجع هيمنة الدولار الأمريكي، سواء نتيجة للسياسات الأمريكية أو لتوجهات ترامب بشأن الرسوم الجمركية، في دفع الصين إلى تبنّي موقف أكثر جرأة في سعيها نحو تدويل اليوان، بما في ذلك النسخة الرقمية منه. وأي تحوّل في استراتيجيتها الكبرى سيؤثّر بشكل مباشر في موقفها من العملات المشفرة."

وتؤكد أنشطة الصين في مجالات التجارة الدولية مدى دقة تحركاتها السياسية، حتى عندما تبدو تلك التغييرات بطيئة أو غير معلنة.

هل يمكن أن تشير سياسات الصين المتضاربة بشأن العملات المشفرة إلى تغيير؟

رغم اهتمام الصين بالعملات الرقمية الرسمية مثل اليوان الرقمي (e-CNY)، إلا أن موقفها من العملات المشفرة يظل متأرجحًا، وقد أثبتت الوقائع أنه يحمل في طياته كثيرًا من التناقض.
وقد تُغذّي هذه التناقضات فرضية استعداد بكين لتخفيف – أو حتى مراجعة – حظرها الصارم على تعدين العملات الرقمية.

وفي الشهر الماضي، كشفت شركة الاستثمار VanEck أن كلًا من الصين وروسيا – وهما من أبرز الدول المتأثرة بالعقوبات الأمريكية – بدأتا تسوية بعض مبادلات الطاقة باستخدام البيتكوين.

قال المحلل بوكارين في تصريح لموقع BeInCrypto:

"مع تزايد استخدام الدولار الأمريكي كأداة ضغط سياسي، لاسيما في الدول التي تخضع لرسوم جمركية وعقوبات اقتصادية، باتت العديد من البلدان تبحث عن بدائل حقيقية. وفي الواقع، فإن الصين وروسيا تستخدمان بالفعل البيتكوين في تجارة الطاقة والسلع، وهو اتجاه مرشّح للتسارع مع تزايد حضور الأصول الرقمية في الاقتصاد العالمي".

وبحسب تحليله، يُتوقّع أن يشهد ما يُعرف بـ"اقتصاد التشفير الظل" في الصين توسعًا ملحوظًا خلال هذا العام، كجزء من سعيها للابتعاد عن الاعتماد على الدولار، لا كرد فعل مباشر على تقدم الولايات المتحدة في قطاع التعدين.
وأضاف أن هذا النشاط مرشّح للتزايد في المستقبل القريب، خاصة مع توسّع استخدام العملات المشفرة في عدد من الدول كوسيلة للتحايل على الهيمنة المالية التي يفرضها الدولار الأمريكي.

ويخلص بوكارين إلى القول: "لفهم نوايا الصين، لا يكفي الاكتفاء ببياناتها الرسمية، بل ينبغي تتبّع خطواتها العملية ومراقبة تحرّكاتها الفعلية في الأسواق".

أفضل منصة كريبتو في الإمارات
أفضل منصة كريبتو في الإمارات
أفضل منصة كريبتو في الإمارات

إخلاء مسؤولية

جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.

برعاية
برعاية
للإعلان والمبيعات: https://ar.beincrypto.com/sales/