يرى مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية والخبير الاقتصادي الدكتور عبدالمنعم السيد، أن العملات المشفرة اكتسبت شهرة واسعة إثر تفشي وباء كورونا، بشكل لم تشهده سوقها منذ أن انطلقت في 2008 على يد ساتوشي ناكاموتو.
وأرجع السيد ذلك إلى أسباب عدة، أبرزها تراجع جاذبية محافظ الاستثمار التقليدية مثل الأسهم، إلى جانب انهيار البورصات العالمية، إلى جانب ارتفاع مدخرات الأفراد خلال فترات الحجر الصحي والإغلاق، إضافة إلى تراجع الصرف على الخدمات المختلفة وبرامج الدعم الحكومية في مختلف دول العالم للأفراد.
رفع أسعار الفائدة
كما أسهم في ذلك خفض البنوك المركزية لأسعار الفائدة، ما أدى بالضرورة إلى رفع قيمة العملات الرقمية وتخطي حاجز 60 ألف دولار لعملة بت كوين مثلا.
وقال السيد إن سوق العملات المشفرة تلقت الضربة الأولى بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وانتهاء انتشار الجائحة، وما تبعها من إجراءات القطاع المالي.
إذ اتجهت البنوك المركزية العالمية لإعادة رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم العالي، ما أعاد الكثير من المضاربين في سوق العملات المشفرة إلى الاستثمار التقليدي المتمثل بالسندات الحكومية.
وأدى هذا الأمر بالتالي إلى الهبوط بأسعار العملات المشفرة إلى حد قياسي انهارت معه إلى ما دون 20 ألف دولار، إلى جانب انهيار عملات كليا، وسقوط بعض منصات التداول.
عوامل هبوط أسعار العملات المشفرة
وفصّل الخبير الاقتصادي العوامل التي أدّت إلى هبوط أسعار العملات المشفرة، مرجعاً ذلك إلى توجه البنوك المركزية في العالم إلى إصدار عملات رقمية بديلة للنقد التقليدي، بالاعتماد على تقنية بلوك تشين، كما فعلت كل من الصين، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والعديد من دول العالم.
يذكر أن أسعار العملات الرقمية المشفرة شهدت انتعاشا في الأيام الأخيرة في محاولة لاسترداد جانب من الخسائر التي لحقت بها إثر الهبوط الأخير.
واستشهد السيد باعتماد السلفادور على عملة بيتكوين كعملة قانونية، ما ألحق بالدولة خسائر ناهزت نحو 56 مليون دولار، وذلك بواسطة المراهنة على الأصول الرقمية.
وكانت السلفادور أول دولة تعتمد العملات المشفرة بديلاً قانونياً لعملتها، الأمر الذي فاقم الديون عليها، وهي أكثر دول العالم صداقة مع العملات المشفرة، بسبب الهبوط الحاد الذي التهم نحو ثلثي قيمة عملة بت كوين.
الغموض واللامركزية
وذكر مدير مكتب القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن غموض طبيعة العملات المشفرة وعدم خضوعها للرقابة المركزية ومتابعة أسعارها، وتتبع مصادر الأموال المستثمرة فيها، يضعها في سياق الشبهات، وتمويل العمليات غير الشرعية مثل غسيل الأموال، أو الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة على بعض الدول.
وكانت المؤسسات المالية الفاعلة في النظام الاقتصادي العالمي شنت هجوما كبيراً على العملات المشفرة، أبرزها هجوم رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، ومديرة صندوق النقد الدولي كريستيان جورجيفا، إضافة إلى رجل الأعمال والاقتصادي البارز وران بافيت، إلى جانب شن بعض الدول حملات على عمليات تعدين العملات المشفرة، وأبرزها الصين.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن قانون سوق الأصول الرقمية في أوروبا منح سوق الكريبتو ما أسماه بـ "قبلة الحياة" بعدما هجرة المستثمرين منه، وذلك بسبب معدل المخاطر المرتفع، في الوقت الذي تقوم فيه نحو 87 دولة حول العالم، بالبحث في هذا القطاع أو تسعى إلى إصدار عملات رقمية في البنوك المركزية بما يعادل قيمة عملاتهم الورقية الرسمية، على اختلاف أهداف كل من هذه الدول، إذ يسعى البعض إلى المحافظة على العملة الرسمية وجعلها أولوية على حساب العملات المشفرة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
