خلال السنوات الماضية، تطور مفهوم الذكاء الاصطناعي (AI) كثيرًا وتوسع إلى مختلف قطاعات الاقتصاد. كما أصبح يتطلب، بشكل متزايد، نماذج عصبية معقدة مدربة على مختلف أنواع البيانات. ومنذ ترقية إيثيريوم لآلية إثبات الحصة، كثر الحديث عن التداخل بينه وبين تعدين العملات الرقمية. فكيف يساهم AI في التعدين؟
لم يعد الذكاء الاصطناعي (AI) يقتصر على كتابة النصوص وتعديل الصور وروبوتات الدردشة. بل تحول إلى عامل يقوم بالكثير من الوظائف الروتينية في العديد من الصناعات. حتى أن تداخله في الصناعات تطور بشكل سريع وصعب الاستيعاب. واليوم يبدو أن AI قد استولى على بعض مهام تعدين العملات الرقمية أيضًا أو يساهم في إنجازها.
من جانب آخر، تعدين العملات المشفرة هو عملية استخراج كتل جديدة من المعلومات على شبكة بلوك تشين. هذه العملية شائعة في سوق العملات المشفرة اليوم وغالبًا ما تكون مكلفة، سواء من حيث الموارد المالية أو من حيث المعدات التكنولوجية.
في السنوات الأخيرة، شهدت صناعة تعدين العملات الرقمية ارتفاعًا هائلاً في شعبيتها. مع تزايد الطلب على العملات المشفرة، بدأ المزيد من الناس في الاستثمار في أجهزة وبرامج تعدين العملات.
ومع ذلك، فإن عملية التعدين لا تخلو من التحديات. يتطلب التعدين قدرًا كبيرًا من الطاقة الحسابية، والتي يمكن أن تكون باهظة الثمن وتستهلك الكثير من الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون عملية التعدين بطيئة وغير فعالة. مما يجعل من الصعب على المعدنين استخراج العملات المشفرة بمعدل معقول. ولكن مع ظهور الذكاء الاصطناعي، تشهد صناعة التعدين موجة جديدة من الابتكار والتحول.
الذكاء الاصطناعي بين النظرية والتطبيق في مجال تعدين العملات المشفرة
بينما لا يزال تعدين بيتكوين (BTC) مشروعًا مربحًا. أصبحت ربحية تعدين العملات المشفرة الأخرى غير مؤكدة بشكل متزايد، بسبب الوتيرة السريعة للتغيير في الصناعة. على سبيل المثال، تعرض عمال المناجم في إيثيريوم (ETH) لخسائر كبيرة عندما انتقلت شبكة إيثيريوم من إثبات العمل إلى إثبات الحصة في أواخر عام 2021.
دفعت هذه الظروف العديد من مؤسسات تعدين العملات المشفرة إلى التحقيق في إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي. من أجل تحسين إيرادات التعدين والتقدم في هذا المجال.
خلال العام الجاري، اكتسب الذكاء الاصطناعي زخمًا كبيرًا خاصةً بعد إطلاق برنامج روبوت الدردشة تشات جي بي تي. أيضًا، نظرًا لأن السوق يدرك الآن إمكانات برامج AI اللامركزية. فقد كان أداء العملات البديلة المرتبطة بالمجال الجديد جيدًا في الجزء الأول من عام 2023.
مع استمرار سيطرة الذكاء الاصطناعي على العديد من القطاعات. سيكون تطبيق اللامركزية في الأجهزة والبرامج التي يقوم عليها جزءًا مهمًا من تحقيق اللامركزية في الاقتصاد العالمي. كما سيتضمن ذلك إعادة استخدام جزء من معدات التعدين المشفرة لمعالجته.
لكن سيتمحور الجدل حول تكاليف إدراج AI في مختلف الصناعات. خاصةً أن تشغيل الاصدار التجريبي المبكر من ChatGPT كلَّف شركة أوبن ايه آي (OpenAI) حوالي 100 ألف دولار يوميا.
أما التحدي الفعلي لإدراج الذكاء الاصطناعي في تعدين العملات المشفرة فهو إنشاء البنية التحتية الضرورية. مثلًا تكلف وحدات معالجة الرسومات المناسبة للتعدين الكثير من الطاقة الكهربائية والتدريب. كما تحتاج إلى إدخال قاعدة واسعة جدًا من البيانات التي تستغرق جهدًا عظيمًا وتكاليف كبيرة.
لكن أيضًا، مع استمرار تطور الظروف الاقتصادية والتقنية في مجال العملات المشفرة. يفكر المزيد من معدِّني العملات المشفرة في كيفية استخدام البنى التحتية الحاسوبية الخاصة بهم لتطوير مجال الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه في مجال عملهم.
كيف يساهم AI في عمليات تعدين العملات المشفرة؟
يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانية إحداث ثورة في صناعة تعدين العملات المشفرة بعدة طرق. أولاً وقبل كل شيء، يمكن أن يساعد المعدنين على تحسين عملية التعدين، مما يجعلها أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة.
حيث وبطبيعة الحال، يمكن لخوارزميات AI تحليل عوامل مختلفة. مثل استهلاك الطاقة ودرجة الحرارة ومعدل التجزئة، لتحديد أكثر طرق التعدين كفاءة. على سبيل المثال، يمكن استخدامه للتنبؤ بصعوبة حل كتلة معينة. مما يسمح للمعدنين بتعديل استراتيجية التعدين وفقًا لذلك.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المعدنين على تحسين تكوينات وإعدادات أجهزتهم. مما يضمن أنهم يستخرجون أكبر قدر من العملات المعدنية بأقل قدر من الطاقة.
يعني، يمكن استخدام AI لتحسين أنظمة التبريد المستخدمة في عمليات التعدين. مما يقلل من كمية الطاقة اللازمة للحفاظ على درجات الحرارة المثلى.
بالإضافة لكل ذلك، فإن استخدامه في التعدين يمكن أن يساعد في تقليل استهلاك الطاقة. على سبيل المثال، يمكن استخدامه لتحديد الأوقات المثلى لتشغيل عمليات التعدين عندما تكون أسعار الكهرباء منخفضة.
بعد أن أصبحت الهجمات الإلكترونية مصدر قلق كبير في صناعة التشفير، حيث يستهدف المتسللون عمليات التعدين لسرقة العملات المعدنية القيمة. يمكن أن يعزز الذكاء الاصطناعي الأمن في صناعة التعدين.
حيث، يمكن إدراج AI لتحسين الأمان من خلال اكتشاف الهجمات الإلكترونية ومنعها. إذ، يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمراقبة حركة مرور الشبكة بحثًا عن نشاط مشبوه، وتحديد التهديدات المحتملة، وتنبيه عمال المناجم في الوقت الفعلي. أيضًا، يمكن برمجته لتحديد الأنماط في نشاط التعدين التي يمكن أن تشير إلى خرق أمني. مثل الانخفاض المفاجئ في معدل التجزئة أو محاولات تسجيل الدخول غير العادية.
مخاطر الذكاء الاصطناعي على صناعة التعدين
للذكاء الاصطناعي أيضًا سلبياته في صناعة التعدين. نظرًا لأن المزيد من المعدنين يستخدمون هذه التقنية، فقد يؤدي ذلك إلى سوق أكثر تنافسية. مما يجعل من الصعب على المعدنين الأصغر البقاء في الصناعة.
ذلك لأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد عمليات التعدين الكبيرة على تحسين عملياتها. مما يجعلها أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة. إذ، يمكنه أن يساعد عمليات التعدين الكبيرة في استخراج المزيد من العملات بمعدل أسرع. مما يجعل المنافسة أكثر صعوبة على المعدنين ذوي الإمكانيات المحدودة.
وعلى الرغم من أنه يمكن استخدام خوارزميات التعلم الآلي للتعلم والتكيف تلقائيًا مع ظروف واستراتيجيات السوق المختلفة. إلا أن أسواق العملات المشفرة شديدة التقلب، والتنبؤ بحركاتها بدقة يمكن أن يمثل تحديًا حتى بالنسبة للذكاء الاصطناعي. لذلك لا تكون نتائجه المتعلقة بتحسين الأمان صحيحة دائمًا.
سيقلل استخدام الذكاء الاصطناعي من استهلاك موارد عناصر الفيديو في عملية تعدين الكتل. بالإضافة إلى زيادة سرعة التعدين بشكل كبير من خلال تحسين النماذج والخوارزميات الحسابية في نظام كود البرنامج المستخدم في التعدين. لكن سيكون الأمر مكلفًا جدًا في البداية.
أيضًا، على الرغم من مزايا تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن الموقف العام الحالي تجاه مسألة استخدامها على نطاق واسع هو مسألة عدم ثقة وشك المستخدم.
في الختام ، يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانية تحقيق فوائد كبيرة لصناعة تعدين العملات الرقمية. بما في ذلك تحسين الكفاءة وتقليل استهلاك الطاقة وزيادة الأمان. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى زيادة المنافسة والاندماج داخل الصناعة. لكن، سيكون الأمر متروكًا لعمال المناجم لتحديد أفضل طريقة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لاستخراج أقصى قيمة من أنشطة التعدين الخاصة بهم.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
