منذ عام فقط، كان الدولار الأمريكي ملك القطاع المصرفي العالمي وسيد العملات. إذ كان يعتبر العملة الاحتياطية العالمية والملاذ الآمن للقيمة. حتى أنه غلب منافسيه مثل الذهب والفرنك السويسري والين الياباني وبيتكوين. لكن اليوم تعيش هيمنة الدولار "خطر مجهول" بسبب تحالفات جديدة.
من البديهي أن ليس الجميع يحب اللعب وفقًا لقواعد الولايات المتحدة. إذ لطالما سعت روسيا والصين إلى وقف هيمنة الدولار، وهما ليستا الوحيدتين. ففي عام 2019، اقترح رئيس الوزراء الماليزي، آنذاك، مهاتير محمد فكرة عملة تجارية مشتركة لشرق آسيا تكون مرتبطة بالذهب.
واليوم يبدو أن نطاق الرافضين للعملة الأمريكية قد توسع بشكل كبير. بعدما تمكنت الصين وروسيا من حشد حلفاء أكثر خاصة مجموعة البريكس. بالإضافة إلى ظهور دعوات إلى إقامة عملات إقليمية في أمريكا الجنوبية وشرق آسيا. كل هذا يجعل الحفرة التي وقع فيها الدولار أعمق!
- اقرأ أيضًا حول أزمات الدولار الأمريكي |
هل ستنتهي هيمنة الدولار قريبًا| رئيس الاحتياطي الفيدرالي يناقش ويحذر!
خلال شهادته أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، يوم 21 يونيو، ناقش رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، مخاوف إزالة الدولار من الأنظمة المصرفية العالمية وخطر فقدان الدولار الأمريكي مكانته كعملة احتياطية في العالم. حيث يرى باول أن الدولار الأمريكي يستمد قوته من هيمنة الاقتصاد الأمريكي.
برزت مخاوف انتهاء هيمنة الدولار الأمريكي، بعد القيام العديد من الدول بابرام اتفاقيات بين بعضها البعض تلغي فيها استخدام الدولار الأمريكي. على سبيل المثال، البرازيل والصين تتداولان الآن مع بعضهما البعض باليوان، مما يساعد على ترسيخ اقتصاد الصين كمنافس أساسي لأمريكا، وخاصة في السلع الأساسية.
وجاء طرح باول لمخاوفه، بعدما تلقى سؤال من الديمقراطي ريتشي توريس، وهو عضو في الكونجرس حول مدى الجدية التي يجب أن يؤخذ بها خطر تجاهل الدولار من طرف خصوم الولايات المتحدة مثل الصين!
وفي إجابته على السؤال أشار باول إلى الأهمية التي يوليها الاحتياطي الفيدرالي "لمكانة الولايات المتحدة، والدولار كعملة احتياطية للعالم". كما أضاف أنه يعتقد أن "سبب هيمنة الدولار يرجع إلى حد كبير إلى مؤسسات الولايات المتحدة الديمقراطية العظيمة، وسيادة القانون، ومستويات قوية من استقرار الأسعار". وأيضًا، كشف رئيس الاحتياطي الأمريكي أنه يؤمن بأن "الدولار سيبقى العملة الاحتياطية طالما أن هذه الأشياء في مكانها".
ودعم باول اعتقاداته بقولة: "هناك أيضًا ميل إلى أن يكون هناك توازن حيث تصبح عملة واحدة هي المعيار العالمي المقبول وكان هذا هو الدولار لبعض الوقت، وأتوقع أن يستمر، لبعض الوقت".
لماذا تجاهل باول إنذار انتهاء عهد سيطرة الدولار
في بداية الألفية، كان ما يقرب من ثلاثة أرباع احتياطيات العملات العالمية محتفظًا بالدولار. اليوم، انخفض ذلك إلى 59 في المائة، وفقًا لصندوق النقد الدولي، ويبدو أن الانزلاق على وشك الاستمرار.
لكن، يبدو أن إجابات باول قد جانبت أو تجنبت التطرق إلى الأزمات الحقيقية التي يواجهها الدولار الأمريكي. خاصة أن العملة بدأت في فقدان حلفائها الاستراتيجيين مثل البرازيل، جنوب افريقيا، الهند. كما أن الدولار مهدد في السعودية أيضًا، التي تسعى للانفتاح أكثر على شركائها غير الأمريكيين.
إضافة إلى ذلك، اختلف بعض المحللين مع وجهة نظر جيروم باول. مثلًا، يرى بيتر شيف Peter Schiff، عالم الاقتصاد، أن باول قد جانب الصواب. حيث غرد شيف مؤكدًا أن الدولار في الأصل هو نتيجة للهيمنة الاقتصادية الأمريكية. لكنه "أصبح بعد ذلك الدعامة الرئيسية التي تقوم عليها هذه الهيمنة الاقتصادية. وإذا فقد الدول هيمنته دوليًا، فسينهار الاقتصاد الأمريكي".
ويبدو أن ضعف الدولار سيكون موضع ترحيب من قبل الكثيرين بعد هيمنة الأعوام الماضية. بما في ذلك في الولايات المتحدة نفسها. حيث أنه في حال تراجعت سيطرة الدولار، فإن صادرات الولايات المتحدة ستكون أرخص للمشترين الأجانب، مما سيفتح بابًا أوسع للربحية.
كما أن انتهاء هيمنة الدولار سيؤدي إلى زيادة الطلب على النفط والذهب والسلع الأخرى، والتي يتم تسعيرها بالدولار وستكون أرخص للمشترين بعملات أخرى إذا تلاشى الدولار. وبالتالي من المحتمل أن يعزز هذا اقتصادات دول الأسواق الناشئة مثل البرازيل والمكسيك.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
