البيتكوين هو أحد الأمثلة المثالية على التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها. لقد أحدث ثورة في مفهوم العملات للعالم بأسره. لكن في الواقع، ستكون قصة البيتكوين و العملات المشفرة غير مكتملة بدون ذكر هال فيني Hal Finney ومساهمته الهائلة في تطويرها والاعتراف بها وقبولها في جميع أنحاء العالم.
أول معاملة إرسال البيتكوين في التاريخ تمت في عام 2009. حينما أرسل حساب ساتوشي ناكاموتو 10 قطع بيتكوين إلى حساب هال فيني. وبذلك كانت تلك أول معاملة بالعملات المشفرة.
لا تزال تلك المعاملة تشكل لغزًا بسبب هوية مبتكر البيتكوين الذي لا يعرف له احد طريقا. لكن الطرف الثاني في تلك المعاملة هارولد فيني سيكون موضوع هذا المقال، فمن هو أول من تلقى البيتكوين؟ وكيف تعرف على البيتكوين؟
دعونا نلقي نظرة على حياته ومشاركته في إنشاء و تطوير العملات المشفرة في هذه المقالة.
هارولد فيني، كيف صُنِع أشهر مطور لعملة البيتكوين
ولد هارولد توماس فيني الثاني ( الملقب بهال فيني) في كاليفورنيا الأمريكية في 4 مايو 1956 لعائلة تنحدر من مدينة فرجينيا و كان والده مهندس بترول. بعد اجتيازه المرحلة الثانوية، التحق هال بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا حيث تخرج منها بدرجة البكالوريوس في الهندسة عام 1979.
قبل عام من تخرجه، تم تعيين هال من قبل مكتب “APh Technology Consultants”. في البداية تم تكليفه بالعمل على برنامج تسجيل النقد الخاص بهم. ثم عمل هال على المؤثرات الصوتية لألعاب الفيديو التي طورتها الشركة.
حيث نجح في ذلك وتمكن حتى من ابتكار بعض التأثيرات الجديدة. بعد فترة وجيزة، كان يطور ألعاب الفيديو بشكل مستقل. بصرف النظر عن الألعاب، قام بتصميم و تطوير مطياف bausch & lomb. كما طور بعض برامج التحكم في الكاميرا المبتكرة. حيث واصل هال العمل في APh حتى عام 1986.
ثم ذهب للعمل في تصميم و برمجة ألعاب الكمبيوتر لشركات تطوير ألعاب فيديو مثل Adventures of Tron و Space Attack. كل ذلك، قبل أن ينظم إلى فيل زيمرمان Phil Zimmermann لتطوير شركة PGP التي أنشأ فيل في عام 1996. وهناك صقل فيني مهاراته في تشفير البرامج وتجريب الأفكار المبتكرة. كما استمر مع PGP حتى تقاعد في عام 2011.
كانت هذه هي الطريقة التي تعرف بها على مجموعة Cypherpunks وطور اثنين من أجهزة “إعادة الإرسال المجهول” (جهاز إعادة إرسال قائم على التشفير). كما أنشأ دليلًا قابلاً لإعادة الاستخدام للعمل RPOW في عام 2004. و تضمن نشاط التشفير الإضافي الذي قام به إجراء مسابقة لكسر التشفير المستخدم في Netscape.
في عام 2004 ، طور فيني أول دليل إثبات عمل قابل لإعادة الاستخدام RPOW، وقد استند إلى مفهوم إثبات العمل من خلال إدخال قابلية إعادة الاستخدام. كانت هذه إحدى نقاط انطلاق بيتكوين.
لكن ساتوشي أهمل إسناد الدليل إلى مطوره في الورقة البيضاء. ثم في يناير 2009، كان هال فيني أول متلقٍ لمعاملات العملات المشفرة على شبكة بيتكوين.
هال فيني، رائد ومطورعملة البيتكوين الأشهر
أصبح فيني أول شخص يحصل على أول إصدار على الإطلاق لبرمجيات العملة المشفرة. كما أصبح أول متلقي لعملة البيتكوين في 12 يناير 2009. منذ ذلك الحين، أصبح منخرطًا في تطوير وانتشار عملات البيتكوين لدرجة أن الكثير من الناس ما زالوا يعتقدون أنه هو نفسه ، وليس ساتوشي ناكاموتو هو الذي كان وراءها بالفعل طوال الوقت.
يُعتقد على نطاق واسع أن هارولد فيني، هو نفسه، ساتوشي ناكاموتو الذي ابتكر البيتكوين و معاملاتها، التي تتم بين شخصين، دون وسيط مركزي. كما يعتقد البعض أنه اختبأ وراء الاسم المستعار الأشهر في القطاع. حيث يرى أولئك أن فيني أخفى حقيقة كونه ساتوشي، بسبب خوفه من رد الفعل العنيف المتحمل للبنوك المركزية. خاصة أن ابتكاره شكل تحديًا للدولار الأمريكي.
كما عاش فيني في تمبل سيتي بكاليفورنيا لمدة 10 سنوات. وهي المدينة التي كان يعيش فيها شخص يدعى دوريان ساتوشي ناكاموتو. مما زاد من التكهنات بأنه ربما كان مبتكر البيتكوين. لكن فيني نفسه نفى الشائعات.
عندما طرح ساتوشي مفهوم العملة المشفرة في عام 2008. أصبح فيني مهتمًا على الفور. وعلى مدى السنوات التالية، بمجرد التأكد من أن تطوير البيتكوين وانتشاره قد استفحل، ركز فيني بشكل أكبر على ترقية برامجه التي كانت بحاجة إلى مواكبة احتياجات توسع السوق. حيث قام بتحسين برنامج بيتكوين بشكل كبير. وعمل أيضًا كواحد من أوائل عمال المناجم في شبكة العملة الأولى.
كان فيني من أوائل الداعمين لعملة بيتكوين BTC، ومن أوائل الأشخاص الذين استجابوا لمنشور ساتوشي ناكاموتو الأولي المتعلق بطلب خبير التشفير. في الأيام الأولى لبيتكوين، كان هو الوحيد الذي يفهم تمامًا إمكانيات التكنولوجيا، واستوعب بوعي أهداف البيتكوين.
ثم في عام 2010 ، عندما أصبحت عملات البيتكوين بالفعل كلمة رنانة في الصحافة ووسائل الإعلام، قام بتطوير نظام محفظة “خارج الخط” لتخزين عملات البيتكوين. اكتسب هذا المفهوم أيضًا إشادة فورية.
عندما خانت الصحة هال فيني، استخدم البيتكوين للعلاج!
قبل مرضه، كان عداءًا نشطًا. وحتى أوائل الخمسينيات من عمره، ظل هال فيني يتمتع بلياقة بدنية فائقة. حتى أنه شارك في سباقات الماراثون وكان ينوي القيام بجولات أطول بشكل تدريجي.
في مارس 2013، نشر فيني في منتدى BitcoinTalk، أنه مصاب بالشلل بشكل أساسي. ثم في أكتوبر 2009، أعلن فيني في مقال على مدونة Less Wrong أنه قد تم تشخيصه بالتصلب الجانبي الضموري (متلازمة ALS) في أغسطس 2009. منذ ذلك الحين، تراجعت قوته تدريجياً.
في تلك اللحظة الحاسمة، قرر هال مواجهة كل شيء بجرأة والتكيف مع قيوده الجسدية المتدهورة. حيث جمع الأموال لأبحاث ALS مع ماراثون سانتا باربرا الدولي. كما استمر في البرمجة وحافظ على تركيزه كمطور للبيتكوين و برامجه، حتى وفاته. حيث عمل على برنامج تجريبي يسمى bcflick، والذي يستخدم الحوسبة الموثوقة لتقوية محافظ البيتكوين. كما استمر في البرمجة وكتابة الرموز وتحقيق أهدافه المخصصة.
على الرغم من كونه على كرسي متحرك كهربائي ويتغذى ويتنفس من خلال الأنابيب، واصل هال العمل بلا انقطاع. حتى أنه طور وسيلة لضبط كرسيه المتحرك فقط باستخدام حركات عينه من خلال التفاعل مع الجهاز. وبالمثل، استخدم نظامًا تجاريًا لتعقب العين لتشغيل جهاز الكمبيوتر الخاص به. كما صرف فيني معظم عملات البيتكوين التي امتلكها لتغطية النفقات الطبية في عام 2013.
قبل عام من وفاته، كتب سيرته الذاتية بعنوان “أنا وبيتكوين”. حيث ركز فيها أكثر على عمله وتحدث فيها عن مراحل تطور البيتكوين في فترة إشرافه على مهام التطوير و تحدث فيها عن شغفه بعمله و بالتصميم التكنولوجي.
توفي هال فيني في فينيكس، أريزونا، في 28 أغسطس 2014، نتيجة مضاعفات مرض التصلب الجانبي الضموري. ووفقا لرغبته وخططه، تم تجميد وحفظ جسده بالتبريد وحفظه في منشأة ذات أغراض خاصة تديرها Alcor Life Extension Foundation.
رائد التشفير والبيتكوين، مسيرة حافلة
كان هدف فيني من تطوير التشفير واضحا منذ بداياته المهنية و لخصها في قول ينسب له:
"نحن هنا نواجه مشكلات فقدان الخصوصية، والحوسبة الخانقة، وقواعد البيانات الضخمة، والمزيد من المركزية. لقد قدم ديفيد تشوم David Chaum اتجاهًا مختلفًا تمامًا للذهاب إليه، وهو أن توضع السلطة في متناول اليد للأفراد بدلاً من الحكومات والشركات. كمطور يمكنني استخدام الكمبيوتر كأداة لتحرير الناس وحمايتهم بدلاً من السيطرة عليهم ".
بشكل أو بآخر يرتبط مفهوم “بيتكوين” مع أحد أبرز مطوريها هال فيني. في الواقع، عندما تقرأ عن إخلاص فيني للعملة المشفرة الأولى و تكريسها أصعب أيامها لتطويرها، فقد تشعر أنه غامض بقد ساتوشي ناكاموتو.
حتى لو لم يكن هو المنشئ الحقيقي للبيتكوين (لطالما أنكر أنه استخدم اسم ساتوشي المستعار)، إلا أنه كان له الفضل الكبير في تحول البيتكوين إلى واقع عملي بفضل برامجه، أبحاثه، ترميزه وأفكاره الثورية التي كان لها صدى في العالم وفتحت آفاقا للقطاع الحديث.
حين قام هال فيني أيضا بأول معاملة بيتكوين في التاريخ، عكس بذلك اقتناعه بالاستخدام العملي والقيمة الحقيقية لهذه العملة المشفرة. وهكذا حرص على تحويلها إلى حقيقة. كما عمل على برمجياتها وأنظمة تشغيلها للتأكد من صحتها وقبولها.
مع العلم أن حساب هال فيني على تويتر قد قامت زوجته بتفعيله في دسيمبر 2022، حيث يتابعها 85 ألف شخص، ينتظر الكثير منهم أن تكشف عن أسرار بدايات البيتكوين. فهل حقًا تعرف زوجة هال فيني هوية ساتوشي الحقيقية؟
في الختام، عندما تخرج فيني من جامعته، تحول إلى بناء مسيرة مهنية حافلة بالإنجازات. و لم يكن هناك عودة إلى الوراء في حياة الرجل. فقد كان شغوفا بالعمل الذي يقدمه و متعطشًا للتطوير والتخصيص والابتكار. كما امتلك القدرة على التكيف والنهج الموجه نحو النتائج. لكنه أيضًا كان متواضعًا يعترف بالفشل إلى جانب النجاحات.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
