تتحرّك شبكة إيثيريوم بخطى ثابتة نحو تحسين قدراتها الاستيعابية، مع تصاعد دعم آلاف المحققين (Validators) لخطوة قد تكون فارقة: رفع الحد الأقصى للغاز في كل بلوك من 36 مليون إلى 60 مليون وحدة. هذا التعديل، الذي لا يتطلب تحديثًا جذريًا للبروتوكول، من شأنه أن يُتيح للشبكة تنفيذ المزيد من المعاملات دون أن تُرهق نفسها بالتعديلات المعقدة أو ما يُعرف بالـ hard forks.
خطوة تقنية كبيرة بقرار لا مركزي
حتى الآن، أبدى أكثر من 150 ألف محقق – ما يعادل نحو 15% من شبكة إيثيريوم – دعمهم لهذه المبادرة، بحسب لوحة متابعة "gaslimit.pics" التي طورها الباحث "توني فارشتاتر"، المتخصص في البروتوكولات الداخلية لإيثيريوم.
الغاز في شبكة إيثيريوم هو شريان الحياة لأي معاملة، سواء كانت تحويلًا بسيطًا أو تنفيذ عقد ذكي. كل معاملة تستهلك قدرًا من الغاز يُدفع كمكافأة للمحققين. ويُحدد ما يُعرف بـ"حد الغاز" gas limit مقدار الغاز الذي يمكن أن يحتويه البلوك الواحد. وبالتالي، كلما زاد الحد، زادت كمية المعاملات والبيانات التي يمكن تنفيذها في كل دورة.
👈 اقرأ المزيد: أفضل طرق شراء عملة إيثيريوم في 2025 & هل تكسر توقعات سعر إيثيريوم 10 ألاف دولار في 2025؟
الميزة في هذه المبادرة أنها لا تحتاج إلى إجماع جماعي بين المطورين، إذ يكفي أن يبدأ المحققون بشكل فردي في تعديل إعداداتهم لقبول البلوكات ذات السقف الجديد، وعند تخطي نسبة 50% من الداعمين، يبدأ البروتوكول تلقائيًا في اعتماد القيمة الجديدة دون الحاجة لقرارات مركزية أو تصويت معقد.
بين الأمل بالتحسين… ومخاوف من المركزية
في حين أن رفع سقف الغاز قد يساهم في تقليل ازدحام الشبكة وتخفيف تكاليف المعاملات – خاصةً في ظل الضغط المتزايد على شبكة Layer 1 – إلا أن الأمر لا يخلو من التحديات. فزيادة سعة المعالجة في كل بلوك تعني أيضًا تحميل العقد (nodes) بمزيد من البيانات، الأمر الذي قد يُقصي المشغلين الصغار الذين لا يملكون الإمكانيات لتخزين ومعالجة هذا الكم المتزايد.
في ظل تصاعد الاعتماد على حلول الطبقة الثانية مثل Arbitrum وBase، لا تزال الطبقة الأولى لإيثيريوم تحتفظ بدور مركزي في المنظومة. وبالتالي، فإن مثل هذا التغيير قد يعيد رسم حدود القوة والمعالجة بين مكونات النظام.
👈 اقرأ المزيد: هل يتسبب الهارد فورك Hard Fork في انهيار إيثيريوم؟
وقد أشار البعض إلى أن هذا النوع من التعديلات قد يُفضي إلى مزيد من المركزية، إذ يصبح تشغيل عقدة كاملة أمرًا مكلفًا ويصعب على المستخدمين العاديين، مما يفتح المجال أمام هيمنة شركات كبيرة أو مزوّدي خدمات سحابية على الشبكة.
إلى أين تتجه الأمور؟
مع أن نسبة الداعمين لم تبلغ بعد 50%، إلا أن المؤشرات تميل نحو تبنّي هذه الزيادة في المدى القريب. إيثيريوم تسعى لتحقيق توازن بين تحسين الأداء والحفاظ على روح اللامركزية… لكن هل تنجح؟
ربما يبقى السؤال المفتوح: "هل يمكن إصلاح الزحام دون دفع ثمن المركزية؟" وفي كل الأحوال، يظل مشهد البلوكتشين ميدانًا للتجريب المستمر، حيث لا شيء يُعدّ نهائيًا… إلا التغيير ذاته.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
