في مشهد يعكس التحولات الكبرى التي يشهدها النظام المالي العالمي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي أن حجم التبادلات التجارية بين دول مجموعة بريكس+ قد تجاوز حاجز ألف مليار دولار، في إشارة واضحة إلى تنامي قوة هذا التحالف الاقتصادي وتقدمه بثبات في مسار التخلص من الاعتماد على الدولار الأمريكي.
من بديل لمجموعة السبع إلى محور اقتصادي عالمي
تتألف مجموعة بريكس+ حاليًا من عشر دول: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، إيران، مصر، الإمارات العربية المتحدة، إندونيسيا، وإثيوبيا. وقد تم تأسيس هذا التكتل بهدف إيجاد توازن في مواجهة الهيمنة الغربية الاقتصادية التي تمثلها مجموعة السبع.
وخلال تصريحاته، أشار بوتين إلى أن حجم التبادل المتزايد لا يتوقف عند هذا الرقم الرمزي، بل يستمر في النمو، مضيفًا أن آخر قمة جمعت ممثلين عن 35 دولة تمثل ما يقرب من ثلثي سكان العالم، مما يعكس جاذبية هذا التكتل للاقتصادات الناشئة والدول الباحثة عن استقلالية أكبر في علاقاتها التجارية والمالية.
👈 اقرأ المزيد: دليل شامل لفهم ترميز أصول العالم الحقيقي (RWA) وتأثيرها على الاقتصاد
بداية نهاية الدولار؟ تبنٍ متزايد للعملات المحلية
من أبرز أولويات دول بريكس+ حاليًا بناء نظام دفع مشترك يسمح بتنفيذ المعاملات التجارية دون الحاجة إلى المرور بالدولار الأمريكي أو أنظمة التسوية الغربية مثل SWIFT. هذه الخطوة تُعد مركزية في مسار "إزالة الدولرة"، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن نسبة كبيرة من التبادلات باتت تتم بالفعل باستخدام العملات المحلية.
وفي حين أن فكرة إنشاء عملة موحدة - وربما رقمية - بين دول التكتل ما زالت مطروحة، إلا أنها تواجه تحديات سياسية وتقنية، كما أن بعض الدول مثل إيران تدفع بقوة نحو تسريع هذا المسار، في حين تبدي دول أخرى تحفظًا أو حذرًا.
اللافت أن هذا الحراك يأتي في وقت يشهد فيه الدولار الأمريكي تراجعًا نسبيًا في قوته الشرائية الدولية، ما يمنح مجموعة بريكس+ فرصة استراتيجية لتوسيع نفوذها المالي والسياسي، خاصة في ظل تنامي الأصوات المطالبة بعالم متعدد الأقطاب.
👈 اقرأ المزيد: كل الأساسيات الواجب معرفتها حول الذكاء الاصطناعي واستثماراته
بين الطموح والسيادة: هل يكون للدول العربية موقع في هذه المعادلة؟
من الملفت للانتباه أن مصر والإمارات العربية المتحدة، وهما دولتان عربيتان، تلعبان دورًا متقدمًا في هذا التكتل، مما يفتح الباب أمام نقاش عربي أوسع حول إعادة النظر في مسارات الشراكة الاقتصادية، بعيدًا عن الاعتماد المطلق على المؤسسات الغربية والدولار الأمريكي.
المرحلة المقبلة ستحدد ما إذا كانت بريكس+ ستنجح في تحويل هذا الزخم إلى بنية مالية واقتصادية متكاملة، أم أن التناقضات الجيوسياسية بين أعضائها ستعرقل مسارها. ما هو واضح حتى الآن، هو أن العالم يشهد تغيرًا حقيقيًا في خريطة القوى الاقتصادية.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
