في نهاية أسبوع مشحون بالأحداث الجيوسياسية، تفاعلت أسواق العملات الرقمية مع التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، حيث سجلت تذبذبات حادّة. لكن، كما لو أن الأسواق قررت أن تعيد ترتيب أوراقها سريعاً، عاد الزخم منتصف الأسبوع مع بوادر تهدئة، مما ساعد على تعويض الخسائر بل وتحقيق مكاسب.
بيتكوين، كما جرت العادة، أظهر قدرة أكبر على الصمود مقارنة بإيثيريوم. ورغم التراجع اللحظي في هيمنته على السوق، فإن موقعه كمخزن للقيمة ظلّ ثابتًا، ما يشير إلى استمرار المستثمرين في النظر إليه كأصل تحوطي، خاصة في لحظات الغموض الجيوسياسي.
في غضون ذلك، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات، متأثراً بتصريحات الرئيس ترامب، الذي لم يُخفِ انتقاده لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على خلفية تأجيله المتواصل لتخفيض أسعار الفائدة، وهو ما أثار نقاشاً واسعاً حول استقلالية السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
👈 اقرأ المزيد: الفساد الرقمي؟ داخل شبكة ترامب السرية في سوق الكريبتو
بيتكوين يرتد بعد الانهيار... وإيثيريوم يتعثّر
شهدت الأسبوع الماضي هبوطاً سريعاً لبيتكوين بنسبة 8.5% تقريباً، حيث تراجع من 106,000 دولار إلى 98,000 دولار خلال 48 ساعة فقط. إلا أن العملة عادت لتقفز مجدداً، متجاوزة حاجز 109,000 دولار، مما أعاد الثقة للسوق وأثبت مرونتها مجددًا.
أما إيثيريوم، فرغم أنه اتبع مسارًا مشابهًا، فقد كانت تقلباته أكثر عنفًا، إذ خسر ما يقارب 17% من قيمته ليصل إلى 2,130 دولار، قبل أن يعود اليوم عند 2,600 دولار، دون أن ينجح في استعادة مستواه الافتتاحي.
تقرير حديث من بلاكروك يشير إلى أن بيتكوين تاريخيًا يحقق متوسط عائد 37% خلال 60 يومًا بعد الأزمات الجيوسياسية، ما قد يدفع البعض للتفاؤل بدورة صعود جديدة.
👈 اقرأ المزيد: سوق سوداء بقيمة 27 مليار دولار تزدهر تحت أعين تليغرام وتيثر
متى يبدأ موسم العملات البديلة؟
رغم الارتفاعات التي سجلتها بيتكوين، لا تزال "موسمية العملات البديلة" أو ما يُعرف بـ Altseason بعيدة المنال. تاريخيًا، يتبع موسم البدائل موجة ارتفاع قوية لبيتكوين، إذ يبدأ المستثمرون حينها بتحويل أرباحهم إلى عملات أصغر بحثاً عن مكاسب أكبر.
لكن هذا النمط يبدو معقّدًا في الدورة الحالية، لسببين رئيسيين: أولاً، العدد الهائل من العملات الرمزية الجديدة التي ظهرت خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وثانيًا، غياب "رؤية كبرى" تقود السوق، على غرار ما فعلته عروض الطرح الأولي (ICOs) في 2017، أو بروتوكولات التمويل اللامركزي (DeFi) في 2020.
المفاهيم الجديدة مثل عملات الميم، BitcoinFi، وتقنيات DePIN قد تثير الاهتمام، لكن تأثيرها لم يرتقِ بعد إلى مستوى قيادة موجة استثمارية متكاملة. حتى الذكاء الاصطناعي، ورغم الضجة الإعلامية، لا يزال دوره محدودًا في القطاع.
👈 اقرأ المزيد: البنك المركزي للبنوك يُحذّر: الدولار الأميركي يواجه "مخاطر نظامية" غير مسبوقة
الأسواق العالمية أكثر تفاؤلاً رغم التوترات
في الوقت الذي تأثرت فيه العملات الرقمية فورًا بالتطورات السياسية، بدت الأسواق التقليدية أكثر تماسُكًا. مؤشر S&P 500 سجل ارتفاعًا بنسبة 2.56%، مستفيدًا من توقعات بتخفيف الفيدرالي لأسعار الفائدة واستقرار أسعار النفط بعد هدوء الجبهة الإيرانية-الإسرائيلية.
مؤشر الدولار الأمريكي انخفض بنسبة 1.42%، إثر تجدد دعوات ترامب لاستبدال باول، بينما شهدت سندات الخزانة الأمريكية تراجعًا في العائدات، ما يدل على مزيد من التوجهات التيسيرية.
كما انخفض مؤشر التذبذب VIX بنسبة 20%، في إشارة إلى تراجع مخاوف المستثمرين، رغم هشاشة الوضع السياسي.
👈 اقرأ المزيد: سيركل تتقدم خطوة نحو الشرعية: بنك رقمي أمريكي في الطريق!
الرؤية الكلية: عاصفة سياسية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي
ترامب لم يكتفِ بانتقاد باول علنًا، بل لوّح بإمكانية تعيين رئيس جديد قبل انتهاء ولايته. وقد تسربت أسماء عديدة من بينها سكوت بيسنت وكريستوفر والر، كمرشحين محتملين لخلافته.
وفيما واصل باول تبنّي موقف حذر في شهادته أمام الكونغرس، بدا أن بعض أعضاء الفيدرالي المعيّنين من طرف ترامب أصبحوا أكثر ليونة، إذ لمّحوا إلى تخفيض محتمل للفائدة في يوليو إذا استمرت الضغوط التضخمية بالتراجع.
👈 اقرأ المزيد: كازاخستان تخطط لبناء أول احتياطي حكومي من العملات الرقمية
نظرة للأسبوع المقبل: هل يحين دور العملات البديلة؟
التعافي القوي الذي شهده السوق بعد صدمة نهاية الأسبوع يعكس حالة من التفاؤل السائدة. ورغم حذر الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن السياسة النقدية العالمية تتجه بوضوح نحو المزيد من التيسير.
السؤال الأبرز الآن: متى تنتقل عدوى الصعود إلى العملات البديلة؟ الجواب قد يرتبط ليس فقط بأداء بيتكوين، بل أيضًا بظهور محفز حقيقي يحفّز تدفق رأس المال نحو المشاريع الأصغر. وإلى حينها، تظل بيتكوين هي العنوان الأبرز للمستثمرين الباحثين عن استقرار في عالم لا يعرف الهدوء.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
