في خطوة لافتة قد تعيد رسم خريطة التجارة العالمية، اقترحت البرازيل، بصفتها الرئيس الحالي لمجموعة BRICS+ خلال عام 2025، الاعتماد على تكنولوجيا البلوكشين لتيسير المعاملات المالية بين الدول الأعضاء، بدلًا من إنشاء عملة موحدة كما كان مقترحًا في السابق.
الهدف هو تقليل الاعتماد على الدولار في المدفوعات عبر الحدود، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وذلك في ظل تحذيرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من فرض رسوم جمركية على الدول التي تتخلى عن الدولار.
البلوكشين بديل عملي للعملة الموحدة
تضم مجموعة BRICS+ حاليًا دولًا مثل السعودية، مصر، إندونيسيا إلى جانب الأعضاء المؤسسين وهم البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب أفريقيا. وتعتقد البرازيل أن البلوكشين يوفر منصة مرنة، آمنة ومنخفضة التكلفة للمدفوعات الدولية، دون الحاجة إلى عملة بديلة أو مخاطر سياسية غير محسوبة.
بحسب السلطات البرازيلية، المشروع لا يستهدف تحدي الدولار، بل يسعى لإيجاد وسيلة دفع فعالة ومستقلة تخدم المصالح الاقتصادية لدول الجنوب العالمي وتقلل من التكاليف والبيروقراطية المرتبطة بالأنظمة المالية التقليدية.
وفي هذا الإطار، يجري أيضًا تطوير مشروع "Drex"، وهو نسخة رقمية من العملة البرازيلية (الريال البرازيلي)، يهدف لتسهيل المدفوعات الدولية وربما دمجه في نظام BRICS+ المستقبلي. من المتوقع أن تُعرض المبادرة رسميًا خلال قمة BRICS المقررة في يوليو 2025 بمدينة ريو دي جانيرو.
البرازيل تمضي نحو رواتب بالبيتكوين: تشريع جريء بمضامين اقتصادية جديدة
بالتوازي مع مشروعها الإقليمي، تواصل البرازيل اتخاذ خطوات متقدمة في مجال العملات الرقمية محليًا. حيث قدّمت الحكومة مشروع قانون جديد (PL 957/2025) بتاريخ 12 مارس، يسمح بدفع جزء من الرواتب بالبيتكوين والعملات الرقمية الأخرى.
ويهدف هذا التشريع إلى مواكبة التحول الرقمي في الاقتصاد العالمي، مع وضع ضوابط تحول دون إساءة الاستخدام أو التلاعب بأسعار الصرف.
- سيسمح القانون بدفع حد أقصى 50٪ من الراتب بالعملات الرقمية، بينما تظل الـ50٪ الأخرى بالريال البرازيلي.
- ستُستخدم أسعار صرف رسمية تُحددها جهة معتمدة من البنك المركزي البرازيلي لضمان الشفافية وتفادي التقلبات المفرطة.
- الرواتب بالعملات الرقمية ستكون اختيارية وتقتصر بشكل كامل على الوافدين الأجانب أو المستقلين بشرط توضيح ذلك صراحة في العقد.
ويُعد هذا التحرك جزءًا من رؤية اقتصادية تهدف إلى احتواء التضخم المحلي وجذب المستثمرين الأجانب، لكنه في الوقت ذاته يطرح تحديات تتعلق بالعدالة الاجتماعية وحماية الأجور في حال ساء تطبيقه.
هل يفتح الجنوب العالمي صفحة جديدة من الاستقلال المالي؟
ما بين مبادرة البلوكتشين الجماعية ومشروع الرواتب الرقمية، يبدو أن البرازيل تريد أن تلعب دورًا محوريًا في صياغة نظام مالي جديد متعدد الأقطاب. فبدلًا من الصدام المباشر مع القوى الغربية، تتجه نحو بناء أدوات بديلة داخل النظام الحالي، تراعي المصالح المحلية وتفتح آفاقًا للتعاون جنوب-جنوب.
لكن في الوقت نفسه، تبقى ردود الفعل الدولية – خاصة الأمريكية – عنصرًا حاسمًا في تقييم ما إذا كانت هذه المبادرات ستحقق نتائج ملموسة أم ستُواجه بضغوط اقتصادية.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
