قررت المملكة العربية السعودية، التي كانت ذات يوم حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، وضع سياسة للطاقة على خلاف مصالح الولايات المتحدة، وسيؤدي قرار المملكة الأخير بخفض إنتاج النفط إلى رفع أسعار النفط. وربما يؤدي إلى تأزم حالة الدولار الأمريكي.
فاجأت المملكة العربية السعودية وأعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) العالم، بإعلان تخفيضات في إنتاج النفط. وفقًا لتقارير إخبارية أمريكية، فهذا القرار يعبر عن عدم اهتمام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بإرضاء واشنطن.
من جهتها عبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للرئيس الأمريكي جو بايدن، عن عدم استحسان واشنطن لقرار خفض الإنتاج هذا. لكن وفقًا لتقرير وول ستريت جورنال (WSJ)، أخبر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مساعديه أن الرياض لم تعد مهتمة بإرضاء الولايات المتحدة!
تجاهل السعودية لمصالح واشنطن قد ينهي هيمنة الدولار الأمريكي في التجارة العالمية
اتفق أبرز منتجي النفط في العالم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وروسيا والإمارات العربية المتحدة والعراق والكويت وعمان والجزائر، يوم الأحد 2 أبريل عن خطط لخفض إنتاج النفط في عام 2023. ومن المقرر أن تبدأ التخفيضات في مايو المقبل، وتشير التقديرات إلى أن الإنتاج سينخفض بمقدار 1.15 مليون برميل نفط يومياً.
بعد القرار، رد البيت الأبيض بالقول إن خفض إنتاج النفط غير مستحسن في ظل ظروف التجارة العالمية الحالية. وعلى الرغم من تذكير إدارة بايدن والديمقراطيين بالعواقب التي نتجت عن آخر مرة خفض فيها كبار منتجي النفط الإنتاج في أكتوبر 2022. إلا أن ولي العهد السعودي غير مهتم بتحذيرات الأمريكيين.
سياسة "السعودية أولاً" التي ينفذها الأمير محمد بن سلمان برزت في مضي السعوديين في فعل ما يلزم، لإبقاء أسعار النفط في مستويات، تسمح بتغطية تكاليف المشاريع التنموية الضخمة في الداخل. بينما يريد الأمير السعودي "شيئاً مقابل أي شيء يقدمه لواشنطن".
مؤخرًا، تعاملت السعودية مع روسيا والصين فى بعض من الاتفاقيات التجارية بغير الدولار الأمريكي. حيث يتضح أن السعودية لديها بالفعل خطط لانهاء التعامل بالدولار الأمريكي في التعاملات المالية والتجارية الرئيسية.
لا شك أن المملكة العربية السعودية ستستمر في التداول بالعملة الأمريكية في المستقبل المنظور. لكنها قررت الانفتاح العملات الأخرى. حتى لو كان ذلك على حساب واضح لهيمنة الدولار الأمريكي على مبادلات البترول.
لعقود من الزمان، كانت العملة الأميركية هي السائدة كعملة احتياطية في العالم وتستخدم على نطاق واسع في التجارة عبر الحدود، خاصة بالنسبة للسلع مثل النفط. لكن تواجه هيمنة الدولار على التجارة العالمية وتدفقات الاستثمار عددًا كبيرًا من التهديدات الجديدة، حيث تدفع العديد من الدول مثل السعودية خططًا لتعزيز استخدام العملات البديلة.
تهديدات لهيمنة العملة الأمريكية على التجارة العالمية
شدد العديد من المحللين والاقتصاديين على أن الدولار الأمريكي قد تم دعمه من خلال مخطط البترودولار منذ عام 1944. وتشير الأحداث الأخيرة في عام 2023 إلى أن هيمنة الدولار الأمريكي تتراجع. حيث يبدو أن العديد من الدول لم تعد تهتم بما تريده الولايات المتحدة.
هنالك في الواقع تحول متزايد بعيدًا عن هيمنة الدولار الأمريكي في التجارة والتمويل العالميين. على سبيل المثال، خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي الأخير، وبعد علاقة استمرت 48 عامًا مع الدولار الأمريكي فقط، قال محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، إن المملكة "منفتحة على التداول بعملات أخرى" غير الدولار الأمريكي.
خفض إنتاج النفط ستكون له "تداعيات سياسية كبيرة ويمكن أن يضيف إلى توترات الرياض الكبيرة بالفعل مع واشنطن". في يوليو الماضي، سافر بايدن إلى السعودية للقاء ولي العهد وضغط على السعوديين لزيادة إنتاج النفط. لكن، رفضت السعودية طلباته.
لكن، ليست السعودية فقط من تهدد هيمنة الدولار. على سبيل المثال، تضغط الدول من الصين وروسيا إلى الهند والبرازيل من أجل تسوية المزيد من التجارة بعملات غير الدولار. مع خطط لاستخدام العملات المحلية والعملات المشفرة المستقرة مدعومة بالذهب وعملة احتياطية جديدة في البريكس.
كما تستعد البرازيل والأرجنتين لإطلاق عملة مشتركة، تسمى Sur، والتي تعتبر محاكاة لمشروع اليورو. بينما ستساعد العملة الموحدة في تعزيز التجارة في أميركا الجنوبية، ربما ستؤدي إلى تراجع هيمنة الدولار في المنطقة، بالنظر إلى أن الدولار يمثل ما يصل إلى 96% من التجارة بين أميركا الشمالية والجنوبية.
من جهة أخرى، تعمل روسيا وإيران معًا على تطوير عملة مشفرة مستقرة مدعومة بالذهب لتحل محل الدولار في المدفوعات عبر الحدود. حيث تهدف الدولتان إلى الحد من الدولرة في الأشهر الأخيرة.
كما تسعى الصين إلى إضعاف الدولار عن طريق استخدام عملتها المحلية في صفقات النفط. حيث اشترت بكين بالفعل خام موسكو بتخفيضات كبيرة، وباليوان بدلاً من الدولار. يبدو أن هذه الخطوة ستقضي على نظام البترودولار المعمول به منذ السبعينيات.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.