شهد البيت الأبيض حدثًا غير مسبوق في عالم العملات الرقمية، حيث أقيمت أول قمة للعملات المشفرة بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أظهر دعمه الواضح للقطاع، لكنه لم ينجح في تلبية جميع توقعات المستثمرين.
وبينما حملت القمة أخبارًا مشجعة، مثل إنهاء سياسة "Operation Chokepoint" ودعم رسمي للعملات المستقرة، إلا أن غياب خطة لشراء البيتكوين كجزء من الاحتياطي الاستراتيجي للحكومة الأمريكية ترك المستثمرين في حالة من الإحباط.
قمة العملات الرقمية: هل بدأ صناع القرار بالاستماع للقطاع؟
احتضن البيت الأبيض ليلة أمس كبار الشخصيات في عالم العملات الرقمية في الولايات المتحدة ضمن أول "Crypto Summit"، وهو حدث تاريخي جمع صناع القرار والمسؤولين عن قطاع البلوكتشين لمناقشة مستقبل الأصول الرقمية ووضع إطار تنظيمي واضح لها.
وكانت قضية "الاحتياطي الاستراتيجي" للولايات المتحدة من العملات الرقمية على رأس المواضيع المطروحة، حيث شارك في النقاش سكوت بيسنت، وزير الخزانة، وهوارد لوتنيك، وزير التجارة، إلى جانب شخصيات بارزة في الصناعة مثل مايكل سايلور (من مايكروستراتيجي)، براين أرمسترونغ (من كوين بيس)، كريس مارشاليك (Crypto.com)، أرجون سيتي (من كراكن)، وفريد ثيل من شركة التعدين MARA.
في مستهل اللقاء، قال ترامب:
"كثير منكم ناضل لسنوات... إنه لشرف لي أن أكون معكم هنا في البيت الأبيض. هناك العديد من العقول اللامعة حول هذه الطاولة."
هذا النهج الودي كان على النقيض تمامًا من تعامل إدارة بايدن مع القطاع، حيث شهدت الشركات الأمريكية الكبرى في المجال ضغوطًا متزايدة من هيئة الأوراق المالية والبورصات تحت قيادة غاري غينسلر. وأكد جي بي ريتشاردسون، الرئيس التنفيذي لشركة Exodus، خلال القمة:
"أخيرًا، بات قطاعنا يؤخذ على محمل الجد."
ترامب يلغي "Chokepoint 2.0" ويشيد بالبيتكوين
لم يقتصر الحدث على المناقشات، بل شهد إعلانات بارزة من ترامب، الذي أكد إلغاء عملية "Chokepoint 2.0"، وهي سياسة وُضعت خلال إدارة بايدن لتقييد وصول الشركات المشفرة إلى الخدمات المصرفية، مما شكل عقبة رئيسية أمام تطور القطاع.
وبأسلوبه المعروف، قال ترامب:
"لا تبيعوا أبدًا عملات البيتكوين الخاصة بكم."
وأضاف، مبتسمًا:
"إنها عبارة شائعة، لا أعرف مدى صحتها، من يدري؟"،
وهو تصريح يذكر بتعليقاته السابقة في مؤتمر Bitcoin 2024 حين قال:
"استمتعوا ببيتكوينكم، وعملاتكم الرقمية، وكل ما تلعبون به."
خيبة أمل للمستثمرين رغم التفاؤل في القطاع
في الأيام التي سبقت القمة، كان المستثمرون يأملون أن تعلن الإدارة الأمريكية عن اعتماد رسمي لعملة البيتكوين أو تنفيذ خطة لشراء أصول رقمية كجزء من الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد. وتسببت التوقعات في ارتفاع كبير في سعر البيتكوين بعد فوز ترامب بالرئاسة، خاصة بعد تصريحه بأن احتياطي الدولة سيشمل البيتكوين، الإيثيريوم، وعملات أخرى مثل الريبل XRP وسولانا SOL وكاردانو ADA.
لكن النتائج الفعلية جاءت مخيبة للآمال، حيث أكد ترامب:
"لن يكون هناك أي تكلفة على دافعي الضرائب."
مما يعني أن الحكومة لن تشتري أي عملات رقمية جديدة، بل ستعتمد فقط على الأصول الرقمية المصادرة والتي تبلغ قيمتها نحو 17.5 مليار دولار حاليًا.
من ناحية أخرى، أبدت إدارة ترامب التزامًا واضحًا بتطوير إطار قانوني للعملات المستقرة، باعتبارها وسيلة لتعزيز هيمنة الدولار الأمريكي عالميًا. وأكد وزير الخزانة:
"سنحافظ على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية مهيمنة، وسنستخدم العملات المستقرة لتحقيق ذلك."
كما كشف ترامب عن رغبته في تمرير تشريع لتنظيم العملات المستقرة بحلول أغسطس المقبل.
ماذا بعد؟
رغم خيبة أمل المستثمرين فيما يتعلق بشراء البيتكوين أو الإعفاءات الضريبية، فإن قطاع العملات الرقمية في الولايات المتحدة شهد لحظة فارقة. براين أرمسترونغ، الرئيس التنفيذي لكوين بيس، وصف القمة بأنها "يوم تاريخي"، وأعلن عن خطط لتوظيف 1000 شخص جديد خلال العام المقبل.
أما ترامب، فقد اختتم القمة بتصريح طموح:
"لقد وعدت بجعل أمريكا القوة العظمى في عالم البيتكوين، والعاصمة العالمية للعملات الرقمية. وها نحن نتخذ خطوات تاريخية لتحقيق هذا الوعد."
لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتحول هذه الوعود إلى سياسات فعلية تدفع الصناعة إلى الأمام، أم أنها مجرد تصريحات انتخابية؟
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
