ما بين الإعجاب والدهشة، يواصل مايكل سايلور، الرئيس التنفيذي لشركة ستراتيجي (الاسم الجديد لـ مايكروستراتيجي)، السير في مسار استثماري غير تقليدي، حيث تراهن شركته منذ سنوات على أصل واحد فقط: البيتكوين. ومع كل أسبوع يمر، يزداد حجم المخاطرة، ويزداد أيضًا حجم البيتكوين في محفظة الشركة، حتى أصبح يتجاوز احتياطيات دول بأكملها.
شراء أسبوعي منتظم.. وبدون حساب للتقلبات
منذ ثمانية أسابيع متتالية، ينشر سايلور كل يوم أحد تلميحًا ضمنيًا على منصة X (تويتر سابقًا) يوحي بعملية شراء جديدة، يليها تأكيد رسمي في بداية الأسبوع. هذه الطقوس باتت أشبه بعادة، تجعل من شركة ستراتيجي واحدة من أولى الشركات في العالم التي تطبق استراتيجية الشراء الدوري المستمر (DCA) على نطاق مؤسسي ضخم.
👈 اقرأ المزيد: مايكل سايلور الذي وضع كل رهاناته على البيتكوين.. من يكون؟
لكن المختلف هنا أن الشركة لا تحاول "توزيع المخاطر" أو "اغتنام القيعان"، بل تقوم بالشراء حتى عندما يكون السعر عند قممه. الهدف واضح: تراكم البيتكوين بأي ثمن، لأن سايلور يرى أن السعر الحالي – مهما ارتفع – لا يزال أقل بكثير من القيمة الحقيقية.
وبحسب آخر بيان بتاريخ 8 يونيو 2025، بلغ رصيد ستراتيجي من البيتكوين نحو 580,955 BTC، أي ما يعادل 61.4 مليار دولار تقريبًا، بسعر شراء متوسط قدره 70,046 دولارًا للبيتكوين الواحد.
رفع رأس المال بمليار دولار.. بهدف واحد فقط
في اليوم نفسه، أعلنت ستراتيجي عن إصدار 11.76 مليون سهم ممتاز بسعر 85 دولارًا للسهم، مع عائد 10% غير تراكمي. ورغم أن هذا النوع من الأدوات المالية نادر في قطاع التكنولوجيا، إلا أنه مُصمم بعناية لاستقطاب المؤسسات الباحثة عن دخل ثابت دون التورط في مخاطر الأسهم العادية أو الديون.
تسعى الشركة من خلال هذه العملية إلى جمع قرابة مليار دولار جديدة، والهدف المعلن دون مواربة: شراء المزيد من البيتكوين.
👈 اقرأ المزيد: هل أصبحت إثباتات الاحتياطي خطرة؟ مايكل سايلور يجيب
الهيكل المالي ذكي: لا يوجد ضغط لتوزيع أرباح متراكمة، ولا مواعيد سداد، ولا تخفيض في حصص المساهمين الأساسيين. سايلور يعيد هندسة تمويل الشركات بشكل يخدم هدفًا واحدًا: تعظيم تعرض الشركة للبيتكوين.
مع أكثر من نصف مليون بيتكوين، تملك ستراتيجي الآن ما يفوق احتياطيات دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين. بل إنها تتفوق بأضعاف على أقرب منافسيها من الشركات مثل Marathon أو Fidelity.
وأصبحت أسهم الشركة، التي يتم تداولها تحت رمز MSTR، بمثابة بديل غير مباشر لصناديق ETF للبيتكوين، بل وأكثر تقلبًا منها. وقد تفوقت هذا العام في أدائها على شركات عملاقة مثل آبل وتسلا.
كل تغريدة ينشرها سايلور تترك أثرًا فوريًا على السوق، وتدخل في خوارزميات التداول الآلي، مما يضاعف تأثيره كمؤثر مؤسسي يتجاوز الأطر التقليدية.
👈 اقرأ المزيد: هل انتهت عاصفة ماسك وترامب؟ البيتكوين ينهض مجددًا… بدعم غير متوقع
نموذج محفوف بالمخاطر.. وخطر الكم لا يزال في الأفق
لكن، هل هناك حدود لهذا النموذج؟
الرهان على أصل واحد فقط – مهما بدا واعدًا – يبقى مخاطرة كبرى. فإذا ما انهار البيتكوين أو تعرض لأزمة غير متوقعة، فإن الشركة لا تملك بديلًا أو خطة ب. والأسوأ، أن التهديدات المستقبلية مثل الحوسبة الكمية (Quantum Computing) قد تُحدث شرخًا في أساسيات الأمان الخاصة بشبكة البيتكوين.
ورغم أن سايلور يستهين بهذه المخاوف ويعتبرها مبالغًا فيها، إلا أن بعض الباحثين يؤكدون أن الخطر أقرب مما يُظن، خاصة إذا ما تم كسر خوارزميات التشفير التي تحمي المحافظ الرقمية.
الانتقال إلى خوارزميات مقاومة للحوسبة الكمية سيكون ممكنًا، لكن يتطلب تنسيقًا عالميًا وتحديثًا تقنيًا بالغ التعقيد.
👈 اقرأ المزيد: ضربة حظ نادرة: مُعَدِّن بيتكوين منفرد يحصد أكثر من 328 ألف دولار
في الوقت الراهن، لا يبدو أن مايكل سايلور يعتزم التراجع، بل العكس تمامًا. هو يضاعف من رهانه، ويخلق نموذجًا ماليًا جديدًا يُبنى بالكامل على البيتكوين. قد تكون هذه الاستراتيجية الانطلاقة نحو قمة لا تُضاهى... أو طريقًا نحو هاوية لا رجعة منها إن حدث ما لا يُتوقع.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
