من المعروف أن الأسواق التقليدية وأسواق العملات الرقمية تزدهر و تنمو عندما تتوفر السيولة المالية الرخيصة. و أقرب مثال على ذلك هو الارتفاعات القياسية التي شهدتها هذه الأسواق إبان فترة تفشي وباء كورونا. أين توجهت البنوك المركزية العالمية نحو سياسية نقدية متساهلة و خفض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية. و هو ما أدى بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم أيضا إلى مستويات عالية جدا.
مرة أخرى، دفع هذا البنوك المركزية إلى إدارة عجلة القيادة والتوجه نحو تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم. ونتيجته كانت انهيار الأسعار في أسواق المال. أما سوق الكريبتو فقد دخل في شتاء قارس ومؤلم.
ولكن يبدو أننا قد وصلنا إلى نهاية دورة التشديد وسوف ندخل إلى دورة جديد، من التيسير النقدي. وكالعادة من المحتمل يكون الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في طليعة هذا الاتجاه في العام المقبل.
توقعات دورة جديدة من تخفيض أسعار الفائدة
يُشير تقرير بحثي من دويتشه بنك (Deutsche Bank Research) إلى أنه من المتوقع أن يكون الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تيسيرًا بين بنوك الدول المتقدمة في عام 2024.
حيث يتوقع المتداولون خفض الأسعار بما لا يقل عن 100 نقطة أساس – أو 1 نقطة مئوية – من النطاق الحالي الذي يتراوح بين 5.25% إلى 5.5%. مما سيقلل من جاذبية الدولار الأمريكي كأصل ذو عائد مرتفع نسبيًا.
وحسب تقرير من بنك آخر هو ING، من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي ومعدل التضخم في العام القادم، مما يسمح للفيدرالي بمتابعة سياسة نقدية أكثر مرونة.
كما ذكر بنك أمريكا (Bank of America) في تقريره "World at Glance" المؤرخ في 19 نوفمبر، إن المد الجديد ينقلب ضد الدولار الأمريكي وأنه "يمكن أن يبدأ في التعديل بشكل عام نحو التوازن" في العام القادم.
وأشار المحللون في بنك أمريكا: " رغم أننا نتوقع أن الاقتصاد الأمريكي سيكون أداؤه جيدا في العام المقبل مقارنةً بالاقتصادات الكبرى الأخرى. فإن التوقعات بحدوث بعض التراجع واتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو التيسير النقدي. وحتى مع وجود التيسير أيضا في أماكن أخرى، يجب أن يعطي ذلك بعض القوة للعملات (مقابل الدولار) في جميع أنحاء العالم."
في إشارة إلى تراجع قوة الدولار الأمريكي مقابل العملات (التقليدية) العالمية الأخرى.
غالبًا ما يكون الدولار الأمريكي الضعيف دافعا لإقبال المستثمرين على الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك البيتكوين. كما حدث في النصف الثاني من عام 2020 وأوائل عام 2021.
الدولار هو عملة احتياط عالمية، يلعب دورًا كبيرًا في التجارة العالمية والاقتراض غير المصرفي. عندما يتقوى الدولار، يتسبب ذلك في تشديد مالي على مستوى العالم، مما يثبط من المخاطرة. والعكس صحيح عندما يضعف.
مخاطر فشل السيناريو
يظهر الرسم البياني أن معظم بنوك الدول المتقدمة، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي، من المتوقع أن تخفض الأسعار الفائدة في العام المقبل، بعد أن رفعتها بسرعة في الأشهر ـ18-20 الماضية لكبح التضخم.
هذا التوجه المتوقع من أغلب البنوك المركزية للاقتصادات الكبرى نحو التيسير النقدي. من المرجح أن يعوّض عن أي زيادات محتملة في أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان. الذي يراه المحللون كمصدر كبير للشكوك في أسواق العملات الرقمية والأسواق التقليدية على حدّ سواء.
لقد بدأ البنك المركزي الياباني يتحرك ببطء بعيدًا عن سياسته النقدية الميسرة جدا هذا العام، على الرغم من أن سعر الفائدة القياسي لديه لا يزال دون الصفر (الفائدة سلبية، بمعنى عندما يضع شخص أموال في البنك، فإن عليه دفع فائدة للبنك وليس العكس).
من المهم الإشارة أن هذه مجرد تحليلات وتوقعات. ما يعني أنها قد لا تتحقق، ونشهد ارتفاع حاد في الدولار إذا عاود التضخم الارتفاع. وبالتالي قد يؤثر ذلك سلبا على أسعار العملات الرقمية.
هناك عدة سيناريوهات "المعلومة غير المعروفة" التي تعني في مجملها مخاطر ملحوظة على السيناريو الأساسي لضعف الدولار الأمريكي"، حسب قول المحللين في بنك أمريكا.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
