بعد أسابيع من الغموض، بدأت تفاصيل الاختطاف الذي استهدف ديفيد بالاند، المؤسس الشريك لمنصة محافظ العملات الرقمية ليدجر Ledger، تتكشّف، لتكشف معها الجريمة المنظمة في فرنسا، حيث بات من الممكن استئجار “أفراد على الإنترنت” مقابل مبالغ زهيدة لتنفيذ عمليات إجرامية
اليوم، وبعد أن نجا بالاند وزوجته أماندين من هذه التجربة وتم توقيف الجناة، بدأت الاعترافات تتوالى، كاشفة عن عصابة غريبة التركيب، لا تضم كبار المجرمين بل شبانًا عاديين دفعهم الدين أو الطمع للانخراط في الجريمة.
“مهمة مؤقتة” مقابل 10,000 يورو: الجريمة كخدمة سريعة
صحيفة فرنسية نشرت شهادات حصرية من المتهمين، الذين تم تجنيدهم عبر تطبيقات مشفرة مثل Signal. لم يكن لأعضاء العصابة السبعة — ستة رجال وامرأة — أي علاقة سابقة ببعضهم البعض. بعضهم التحق فقط لتسديد ديون بسيطة لا تتجاوز 900 يورو، وآخرون لإغراء مكافآت تصل إلى 10 آلاف يورو.
لكن العملية التي خُيّلت لهم كـ"مهمة قصيرة مدفوعة الأجر" تحوّلت إلى جريمة اختطاف.
أحدهم يبلغ من العمر 21 عامًا، وصف بأنه “تاجر صغير” للمخدرات في أحياء مرسيليا. سافر ببساطة من مرسيليا إلى باريس لينضم إلى الفريق. وقد سرد جزءًا من ما حدث قائلًا:
“دخلنا المنزل. تم فصل الزوجين. فريق تولى ديفيد، أما أنا وزميلي فتولينا أماندين. ربطناها بشريط لاصق وطمأنّاها بأننا لا نريد إيذاءها”.
هذا الموقف يكشف كيف أصبحت الجريمة منتجًا "خدميًا" قابلاً للطلب عبر الإنترنت.
جرائم كبرى بأدوات صغار
البقية لم يختلفوا كثيرًا عن الأول، أحدهم في الأربعين من عمره، قال إنه ظن أن مهمته كانت مراقبة شحنة مخدرات، لا أكثر. ومع ذلك، شارك بوضوح في التهديدات المصوّرة الموجهة لعائلة بالاند:
“طلب منا المخطط أن تكون الفيديوهات مقنعة. وضعت المسدس الوهمي على رأسه، قرب أذنه، وطلبنا منه أن يبدو مقنعًا حتى يدفع أصدقاؤه الفدية”.
حتى جندي سابق في الجيش، شارك فقط لتغطية دين بسيط بقيمة 900 يورو، مما يكشف المدى الصادم الذي يمكن أن يدفع فيه الضغط المالي الأشخاص نحو قرارات كارثية.
المُتّهم الوحيد الذي يبدو أنه كان على اتصال مباشر بالمُخطّط هو شخص معروف بـ"المرسيلي". بحسب شهادة زوجة بالاند، كان هو المسيطر داخل المجموعة:
“هو من كان يدير المكالمات ويقوم بتصويري... كان المسيطر بوضوح”.
ورغم ذلك، تبين أن المتهم الرئيسي لم يكن من شبكات الجريمة التقليدية، بل شاب معزول اجتماعيًا، عرّفه شخص على تيليغرام بفرصة "لحفظ غرض مقابل 500 يورو".
دراما غريبة... وسؤال مفتوح حول انهيار تفشي جرائم الاختطاف في قطاع التشفير
ما يُثير القلق الحقيقي هو أن هذه الجريمة لم تُنفذ من قِبل مجرمين محترفين، بل من قبل أفراد عاديين، أغلبهم في العشرينات، مستعدون لفعل أي شيء مقابل بضع المال.
كما علّق محامو أحد المتهمين:
“كيف لشاب بلا سوابق تقريبًا أن يجد نفسه متهمًا في قضية من هذا النوع؟ علينا أن نتساءل جماعيًا عن واقع شبابنا اليوم”.
في النهاية، ما بدأ كـ"فرصة عمل مؤقتة" تحوّل إلى جريمة يمكن أن تقود إلى السجن المؤبد. وبين اختفاء الحدود الأخلاقية وتوفر أدوات الجريمة عبر الإنترنت، تبرز الحاجة إلى نقاش مجتمعي واسع حول البيئة الرقمية، واليأس الاقتصادي، وانهيار المسؤولية الجماعية.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
