منذ إقرار قانون GENIUS في يوليو 2025، أصبح المشهد التنظيمي للعملات المستقرة أكثر وضوحًا… لكنه في الوقت ذاته أكثر ضيقًا.
القانون يمنع صراحةً تقديم أي "فوائد" على الودائع بالعملات المستقرة، حفاظًا على وظيفتها كوسيلة دفع فقط، لا كأداة استثمارية. لكن وكما عوّدتنا وول ستريت، حيث توجد ثغرة قانونية، هناك من يعرف كيف يستغلها.
مناورة لغوية بارعة: الفرق بين "الفائدة" و"المكافأة"
المفارقة أن القانون لا يمنع تقديم "عوائد" بشكل مطلق، بل يضع حظره فقط على الجهات التي تصدر العملات المستقرة. وهذا ما استغلّته شركتا كوين بيس وبايبال بدقة متناهية.
- عملة USDC التي تروّج لها كوين بيس تُصدرها شركة سيركل.
- عملة PYUSD التابعة لـ بايبال تصدرها شركة باكسوس.
بالتالي، لا تُعتبر أيٌّ من الشركتين "جهة إصدار" من الناحية القانونية. ومن هنا تنبع حيلتهما: لا يتم تقديم "فائدة" بل "مكافآت" تُمنح للمستخدمين دون ارتباط مباشر بمنتجات ادخارية تقليدية.
الرئيس التنفيذي لـ كوين بيس، براين أرمسترونغ، صرّح بوضوح خلال آخر اتصال مع المستثمرين:
"نحن لا ندفع فوائد. نحن نقدّم مكافآت. وسنواصل ذلك."
أما بايبال، فهي تعرض عائدًا يبلغ 3.7% على أرصدة عملتها PYUSD، وتعتبر هذه الآلية حجرًا أساسيًا في استراتيجيتها لاستقطاب مستخدمين جدد.
👈 اقرأ المزيد: عملات الذكاء الاصطناعي تتفوق على البيتكوين في الأداء اليومي
ثغرة قانونية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر؟
ما تقوم به الشركتان يندرج تحت ما يُعرف بالـ "تحكيم التنظيمي"، أي الاستفادة من الفراغات أو الغموض القانوني للحفاظ على ميزات تنافسية.
القانون الأمريكي GENIUS ينص على تنظيم جهات الإصدار فقط، أما المنصات التي تتعامل مع العملات المستقرة في السوق الثانوي فلا تزال خارج دائرة الضبط الصريح. أحد مستشاري مجلس الشيوخ صرّح:
"القانون لا يطال المنصات الوسيطة، ولم يكن هذا مجاله."
هذا يعني أن كوين بيس وبايبال تستطيعان قانونيًا تقديم مكافآت للمستخدمين ما دامت لا تأتي مباشرة من الجهة المصدرة.
لكن هذه الوضعية ليست محصنة. فبمجرّد أن تتحرك الهيئات التنظيمية لتحديث القانون أو تضييق تعريفاته، قد تنهار هذه المعادلة بالكامل، خصوصًا أن برامج المكافآت الحالية جذبت بالفعل قاعدة كبيرة من المستخدمين الباحثين عن عوائد ثابتة وآمنة.
👈 اقرأ المزيد: بينانس وجامعة الشارقة يرسمان خريطة تعليم جديدة لمواهب الويب 3 في الإمارات
الآفاق المستقبلية: هل تصمد "المكافآت" أم تُقمع مثل "الفوائد"؟
رغم جاذبية ما تعرضه كوين بيس وبايبال، فإن المستثمرين الجدد قد يشعرون بالقلق، خاصةً إذا قررت واشنطن سدّ هذه الثغرة. فالمكافآت التي تتجاوز 4% تبدو مغرية الآن، لكنها قد تصبح ممنوعة غدًا.
الرسالة واضحة: القوانين قد تتغيّر بسرعة، وما يُعد قانونيًا اليوم قد يُمنع غدًا، خصوصًا في قطاع يتغير بوتيرة مذهلة مثل العملات الرقمية. لذا، من الأفضل التعامل مع هذه "المكافآت" كفرصة مؤقتة، لا كمكسب طويل الأمد.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
