شهدت عملة OM، الرمز الأصلي لمنصة مانترا MANTRA المتخصصة في دمج الأصول الواقعية (RWA) في عالم التمويل اللامركزي، واحدة من أكبر الانهيارات المفاجئة في سوق العملات الرقمية خلال العام الجاري، بعد أن هوت قيمتها بأكثر من 94% في غضون ساعات فقط، ما أثار موجة ذعر وتساؤلات واسعة النطاق بين المتداولين والمحللين على حد سواء.
في صباح يوم الأحد 14 أبريل، تراجع سعر عملة OM من مستوى تجاوز 6.30 دولار إلى أقل من 0.50 دولار خلال دقائق معدودة، وهو ما يُترجم إلى خسارة تفوق 5.5 مليار دولار من إجمالي القيمة السوقية.
وأثار هذا التراجع المفاجئ موجة من الذهول في أوساط المتداولين، حيث كتب أحدهم على منصة تويتر: "لم أشهد انهيارًا بهذه السرعة والحجم منذ كارثة عملة لونا".
الأسباب المحتملة وراء الانهيار: تصفية قسرية أم انفجار فقاعة داخلية؟
في بيان أولي، ألقى جون باتون، المدير التنفيذي لمشروع مانترا MANTRA، باللوم على ما وصفه بـ"التصفية القسرية غير المتوقعة" على إحدى منصات التداول المركزية، مؤكّدًا أن الفريق لم يكن طرفًا في عمليات البيع المكثفة، بل فوجئ بها مثل بقية المجتمع.
رغم التصريحات الرسمية التي ألقت باللوم على التصفية القسرية في إحدى منصات التداول المركزية، إلا أن المتابعين لسوق العملات الرقمية يرون أن ما حدث لعملة OM قد يكون نتيجة تفاعل معقّد بين عدة عوامل مترابطة، بعضها فني وآخر يرتبط بهيكلة المشروع نفسه.
تصفية قسرية عملة OM على منصة مركزية
بحسب ما أفاد به فريق MANTRA، فإن الانهيار بدأ بعد تنفيذ سلسلة من أوامر البيع القسرية (Forced Liquidations) على إحدى البورصات، يُعتقد أنها منصة بينانس، إثر انخفاض مفاجئ في سعر العملة تسبب في تفعيل مستويات وقف الخسارة (stop-loss) أو تصفيات تلقائية لمراكز رافعة مالية.
وقد أشار بيان داخلي إلى أن أحد كبار المتداولين (ربما يكون جهة مؤسسية أو ما يُعرف بـ "حوت") تعرّض لتصفية تلقائية لمركز كبير، مما فتح الباب أمام موجة بيع تلقائي أطلقت سلسلة من ردود الفعل الهبوطية.
إعادة هيكلة التوكنوميكس بطريقة أربكت السوق
في الأسابيع الماضية، أعلن مشروع MANTRA عن تعديلات في هيكل العملة شملت:
- زيادة العرض الكلي من OM دون جدول واضح للتوزيع.
- توسيع نطاق مكافآت التخزين والتحفيز بشكل مبالغ فيه.
- تأخير إطلاق بعض وحدات الحوكمة الموعودة.
هذه التغييرات، التي طُرحت دون استشارة المجتمع، فُسّرت من قبل المستثمرين كمؤشر سلبي على نوايا الفريق، مما زعزع الثقة، خاصة في ظل غياب الشفافية الكاملة.
تحرّكات مثيرة للريبة وتداولات خلف الكواليس
كشفت بيانات البلوكتشين أن محفظة شخصية قامت بتحويل حوالي 3.9 مليون عملة OM إلى منصة OKX قبل الانهيار مباشرة، ما دفع البعض إلى الاشتباه في كون المحفظة تابعة لأحد أعضاء الفريق الداخلي للمشروع.
من جهة أخرى، أشارت تقرير سابق لموقع BeInCrypto إلى أن فريق Mantra قام بإجراء معاملات خارج السوق (OTC) دون الإفصاح عنها، حيث تم بيع كميات كبيرة من العملة بخصومات وصلت إلى 50% عن سعر السوق، ما يثير تساؤلات حول شفافية المشروع.
هيكل ملكية مركّز يُثير المخاوف
أفاد حساب Lookonchain التحليلي أن أكثر من 85% من إجمالي المعروض من عملة OM لا يزال بيد الفريق المؤسس والمستثمرين الاستراتيجيين، وهو ما يجعل المشروع عرضة لانهيار سريع في حال حدوث عمليات بيع من الداخل، وفق تعبيره: "البيع الداخلي قد يُحدث تأثير الدومينو بسهولة".
خلفيات مثيرة للجدل تطارد الفريق
تصاعد الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث بدأ مستخدمون بالبحث في خلفيات الفريق المطوّر للمشروع، مشيرين إلى تحذيرات سابقة من WuBlockchain أفادت بأن بعض الأعضاء الرئيسيين في Mantra لهم صلات بمنصة المقامرة الإلكترونية المثيرة للجدل 21Pink.
كما جرى تداول ادعاءات بأن المشروع سبق له أن أعلن حصوله على استثمار من منصة FTX المنهارة، قبل أن يتم نفي هذه المزاعم علنًا من طرف FTX نفسها.
تعليقات وتحليلات من السوق: "حدث متوقع في بيئة غير ناضجة"
آدم روسو، مدير الأبحاث في منصة Messari، قال في تصريح خاص:
"ما نشهده ليس مجرد انهيار مفاجئ، بل نتيجة طبيعية لسوق لا يزال يعاني من سوء الهيكلة وضعف الحوكمة في مشاريع عديدة."
وأضاف:
"عملة OM كانت ترتفع بوتيرة غير منطقية خلال الأسابيع الماضية بعد إعلان شراكتها مع مجموعة DAMAC العقارية، وهو ما جذب موجة مضاربات قصيرة الأجل دون أساس مالي مستقر."
ليزا هوونغ، محللة سلوك المستثمرين في Kaiko Analytics، أوضحت أن البيانات تُظهر نمطًا مكرّرًا من المضاربة الفوضوية:
"لاحظنا تدفقات دخول ضخمة قبل الانهيار بساعات، ثم حركة بيع سريعة من عناوين مرتبطة بصناديق خاصة. ما يُشير إلى تنسيق معين بين بعض اللاعبين، أو على الأقل استغلال حدث مخطط مسبقًا."
صرّح جيمس نيلسون، محلل الأسواق الرقمية لدى FXStreet، قائلاً:
"ما حدث مع OM يُعد مثالًا صارخًا على هشاشة مشاريع التمويل اللامركزي أمام الصدمات السيولة. غياب الشفافية في هيكلة التوكنوميكس، وتداخل صلاحيات الفريق المطوّر مع السوق، كلها عوامل تمهد لانهيارات مماثلة."
في السياق ذاته، رجّح آرون تانغ، خبير التوكنات في CoinGecko، أن السبب الأبرز قد يكون مزيجًا من قرارات استراتيجية غير مدروسة وبيع مفاجئ من كبار الحائزين (حيتان OM)، الذين قد يكونون تصرّفوا بناءً على معلومات داخلية.
في ظل تعدد الروايات، يبقى غياب الإيضاح الرسمي التفصيلي من فريق MANTRA هو العامل الأكثر تأثيرًا في تعميق الأزمة، ويدفع الكثيرين لطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين المشروع والمستثمرين الكبار، ودور منصات التداول في الوقاية من انهيارات متسلسلة ناتجة عن التصفية التلقائية أو المضاربات المركزة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
