في مشهد مألوف يتكرر كلما حاولت دولة نامية استغلال العملات الرقمية، اصطدمت طموحات باكستان في دمج البيتكوين ضمن استراتيجيتها الاقتصادية، بجدار من التحفظات من قبل صندوق النقد الدولي، الجهة التي ما زالت تلوّح بشروطها كلما اقتربت دول الجنوب من تحقيق استقلال مالي خارج الأطر التقليدية.
تعدين البيتكوين يصطدم بمطالب صندوق النقد
في الوقت الذي كانت فيه إسلام آباد تستعد لإطلاق مرحلة جديدة من الاستفادة من فائض إنتاجها الكهربائي عبر توجيهه نحو تعدين العملات الرقمية، وتحديدًا البيتكوين، جاءت ردة فعل صندوق النقد سريعة وحاسمة.
حسب ما كشفته صحيفة Profit الباكستانية، دخلت خطط باكستان في مجال تعدين الكريبتو في دوامة من الاعتراضات، قادها صندوق النقد بحجة أن هذه الخطط قد تُخلّ بالتوازن الاقتصادي العام.
Sponsored👈 اخترنا لك من أحدث مقالاتنا التعليمية: هل البيتكوين استثمار جيد في عام 2025؟ دليل شامل
المشهد يعيد إلى الأذهان ما حصل في السلفادور، حين اضطرت الحكومة إلى تقليص طموحاتها بشأن البيتكوين مقابل الحصول على قرض بقيمة 1.4 مليار دولار. ويبدو أن السيناريو نفسه يعاد عرضه اليوم، لكن بنكهة آسيوية.
فائض الطاقة لا يُغتفر؟
النقطة المحورية في الخلاف تتمحور حول مقترح تقدمت به وزارة الطاقة الباكستانية في سبتمبر 2024، يقضي بمنح تخفيضات على فواتير الكهرباء لمدة ستة أشهر للصناعات التي تستهلك طاقة بكثافة، كالتعدين والمعادن. لكن صندوق النقد تدخّل سريعًا، مطالبًا بتقليص مدة هذه التخفيضات إلى ثلاثة أشهر فقط.
وفي محاولة للمناورة، أعادت الوزارة طرح فكرة بديلة في نوفمبر 2024، تركز على استخدام الكهرباء الفائضة فقط – وهي طاقة غالبًا ما تُهدر دون الاستفادة منها. ورغم منطقية المقترح، إلا أن صندوق النقد رفضه مجددًا، معتبراً إياه "إعفاءً ضريبيًا قطاعيًا قد يؤدي إلى تشوهات اقتصادية."
👈 اقرأ المزيد: احتياطي البيتكوين الباكستاني… طموح مالي أم مخاطرة جيوسياسية؟
المحادثات لم تنتهِ... لكن هل يُقصى البيتكوين؟
خلال جلسة للجنة الدائمة لمجلس الشيوخ الباكستاني، أوضح كل من السيناتور محسن عزيز ووزير الطاقة فخر علي إرفان أن الحوار لا يزال قائمًا مع صندوق النقد بشأن التفاصيل. وأشاروا إلى أن الموقف ليس رفضًا قاطعًا بقدر ما هو دعوة لإعادة هيكلة الخطة.
ومع أن الخيارات لم تُغلق تمامًا، إلا أن احتمالية تنازل باكستان عن خطتها لاستخدام البيتكوين ضمن نموذجها الاقتصادي تظل قائمة إذا أصر صندوق النقد على شروطه. فهل يكون هذا مجددًا دليلاً على أن السيادة الاقتصادية من خلال الكريبتو تصطدم دومًا بالمؤسسات المالية العالمية؟