كان من المفترض أن يحمل شهر مارس بشائر جديدة لسوق العملات الرقمية، خصوصًا مع عودة دونالد ترامب إلى واجهة المشهد السياسي، وتزايد التوقعات بسياسات داعمة للابتكار. لكن الواقع كان أكثر قسوة، إذ تحوّل التفاؤل إلى خيبة أمل واسعة وسط تقلبات سياسية واقتصادية شديدة. التضخم، النزعة الانعزالية، والتوترات التجارية كلها ساهمت في زعزعة ثقة المستثمرين ودفع السوق نحو موجة من التصحيحات القاسية.
في قلب هذه الأزمة، تراجعت قيمة معظم العملات البديلة بشكل حاد، في حين أظهر البيتكوين قدرة لافتة على الصمود. ومع تسجيله لانخفاض محدود نسبته 3.7٪ خلال الشهر، عزز هيمنته على السوق التي وصلت إلى 62.4٪ من إجمالي القيمة السوقية للعملات الرقمية.
ومع أن البيتكوين لا يزال يقود القافلة، إلا أن العديد من العملات البديلة عانت من انهيارات مدوية، فخسرت بعضها أكثر من نصف قيمتها في ظرف أيام. نستعرض هنا أبرز العملات التي تضررت في مارس، وأسباب انهيارها:
المرتبة الخامسة: لايتكوين (LTC)
رغم تاريخه العريق منذ 2011، تراجع سعر لايتكوين بنسبة 34٪ هذا الشهر. فبعد حماسة أولية عقب فوز ترامب، سرعان ما خفتت الآمال، خاصة مع فقدان المشروع لمكانته التنافسية. في عصر تتجه فيه المدفوعات نحو الشبكات السريعة مثل Lightning على بيتكوين، أو نحو العملات الرقمية المستقرة، يبدو أن دور LTC بدأ يتلاشى.
المرتبة الرابعة: Injective (INJ)
منصة INJ المبنية على Cosmos SDK، والمصممة لدعم مشاريع DeFi، شهدت بدورها تراجعًا حادًا بنسبة 34.6٪. وعلى الرغم من تحقيقها تدفقات مالية إيجابية بلغت 52 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة، إلا أن قيمتها السوقية وعدد المستخدمين في تناقص ملحوظ، ما يثير تساؤلات حول استمراريتها.
المرتبة الثالثة: Jupiter (JUP)
بُنيت آمال كبيرة على JUP باعتبارها منصة تجميع تداولات DeFi ضمن نظام Solana، لكنها تهاوت بنسبة 36٪ في مارس. جاءت الخسائر على خلفية فقدان الثقة في البيئة العامة لبلوكشين سولانا، خاصة بعد ظهور موجة memecoins دعمتها شخصيات سياسية مثيرة للجدل، وأدت إلى تشويه سمعة المشاريع الجادة.
المرتبة الثانية: Hyperliquid (HYPE)
رغم الشعبية التي حققتها Hyperliquid بعد تنظيمها لأحد أضخم عمليات الإيردروب، فإن الشفافية المهتزة والانقسامات بين مكونات المشروع، أضعفت الثقة به. تراجعت قيمة HYPE بنسبة 37.6٪ خلال الشهر، مما زاد من حدة قلق المستثمرين، رغم استمرار بعض المحاولات التقنية لتوسيع البنية التحتية للمشروع.
المرتبة الأولى: Pi Network (PI)
الانهيار الأكبر جاء من نصيب PI، العملة التي طالما أثارت الجدل بسبب تأخر إطلاق شبكتها الرئيسية، ونموذج الإحالة المعتمد فيها. خسرت العملة أكثر من 68٪ خلال مارس، في وقت ما زال فيه المستخدمون يواجهون مشاكل حادة في تخطي مراحل التحقق وإرسال أصولهم. وقد بدت هذه الخسائر وكأنها النهاية المتوقعة لمشروع وُصف مرارًا بأنه «مبني على آمال أكثر من الأسس الواقعية».
عملات أخرى تحت الضغط
خارج قائمة الخمسة الأوائل، شهدت عملات ناشئة مثل PENGU وWIF تراجعًا فاق 30٪، بينما سجلت AI16Z (المبنية على الذكاء الاصطناعي) انخفاضًا مذهلًا بنسبة 58.7٪. ولم تسلم EIGEN وMORPHO وKAITO من النزيف الحاد، لتتراوح خسائرها بين 40٪ و52٪.
وفي ظل هذه الأجواء المتقلبة، تبدو الأسواق غير قادرة على استيعاب كل هذا التوتر السياسي والاقتصادي، ما يعزز احتمالية استمرار حالة «الشتاء» للعملات البديلة في الفترة المقبلة، حتى إشعار آخر.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
