في تحوّل لافت يُسلّط الضوء على واقع عملة إيثريوم ETH اليوم، بدأت بعض الجهات المؤسسية بإعادة تقييم جدوى الاستثمار في ثاني أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية، وسط مؤشرات على تراجع جاذبيتها كأصل طويل الأجل.
التحليلات الحديثة تشير إلى تشابه متزايد في سلوك إيثريوم مع عملات الميم من حيث التقلبات الحادة وضعف الطلب المؤسسي. هذا التراجع يطرح تساؤلات جدية حول مستقبلها الاستثماري، مقارنةً بالبيتكوين التي ما زالت تحافظ على مكانتها كأصل موثوق للمؤسسات.
انسحاب مؤسسي من إيثريوم: تراجع في السلوك السعري وفقدان لمعايير الثقة الاستثمارية
أعلنت شركة Two Prime، المتخصصة في التداول الآلي بالخوارزميات في سوق العملات الرقمية، عن إنهاء تعاملها مع عملة إيثريوم ETH، معتبرةً إياها أقرب إلى عملة ميم منها إلى أصل مالي يمكن التنبؤ بسلوكه.
وصرّح المدير التنفيذي للشركة، ألكسندر بلوم Alexander Blume، بأن التركيز سينتقل كليًا نحو بيتكوين BTC، باعتبارها الأصل الرقمي الوحيد الذي يستوفي معايير المؤسسات الكبرى من حيث السيولة، والوضوح في الحركة السعرية، وقابلية الاستثمار على المدى البعيد.
قرار الشركة جاء بعد مراقبة دقيقة استمرّت أكثر من عام، أظهرت فيها البيانات تفوّقًا مستمرًّا لأداء بيتكوين مقارنة بإيثريوم، حيث منحت Two Prime خلال هذه الفترة قروضًا تتجاوز قيمتها 1.5 مليار دولار مدعومة بالعملتين. غير أنّ تقلبات سعر عملة ETH الأخيرة، وما رافقها من ضعف في العائدات المعدّلة للمخاطر، دفعت الشركة إلى إعادة النظر في ملاءمتها لمحافظ الاستثمار المؤسسية.
وأشار بلوم إلى أنّ السلوك السعري لعملة ETH، ومقوّمات القيمة، وثقافة مجتمعها الرقمي، قد تراجعت جميعها إلى مستوى لا يستحق التفاعل الجاد.
تقلبات إيثريوم تماثل عملات الميم
تُظهر التحليلات الكمية التي استندت إليها الشركة أنّ إيثريوم فقدت ترابطها التقليدي مع بيتكوين منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024. ففي حين أبدت بيتكوين خصائص ارتداد نحو المتوسط—دلالةً على ثقة المستثمرين ونشاط الشراء عند الانخفاض—استمرت إيثريوم في الانحدار دون مؤشرات على تعافٍ مستقر.
ووفق المقارنات الإحصائية، فقد بدأت تقلبات إيثريوم تشبه ما تشهده عملات الميم مثل دوجكوين DOGE، إذ انحرفت عن نمطها التاريخي المعتدل، وسجلت حركات سعرية مفاجئة لا تنسجم مع طبيعة الأصول المعتمدة في الأوساط المؤسسية.
طلب مؤسسي ضعيف
تسلّط Two Prime الضوء أيضًا على فجوة ملحوظة في الإقبال المؤسسي على عملة ETH. إذ تُظهر الأرقام أن صناديق ETF بيتكوين الفوري تدير أصولًا تتجاوز 113 مليار دولار، بما يعادل 5.76% من إجمالي المعروض من بيتكوين، بينما لا تتجاوز صناديق إيثريوم حاجز 4.71 مليار دولار، تمثل 2.22% فقط من المعروض المتداول.
وتُضيف الشركة أنّ هذه الأرقام مضلّلة جزئيًا، لأن الكثير من التدفقات نحو صناديق إيثريوم يقابلها صفقات بيع قصيرة الآجل ضمن ما يُعرف بـ "تداول الفارق"، ما يضعف الطلب الحقيقي.
هذه الفجوة، حسب تعبير Blume، تُنتج بيئة انعكاسية، إذ تؤدي النتائج الضعيفة لمنتجات عملة ETH إلى تراجع اهتمام المديرين بالترويج لها، ما يفاقم ضعفها في السوق.
نموذج اقتصادي مهدّد ومنافسة محتدمة
تتجاوز انتقادات الشركة الجوانب الفنية والسلوكية، لتطال النموذج الاقتصادي والتقني لإيثريوم. ففي ظل صعود مشاريع جديدة مثل سولانا SOL، باتت شبكة إيثريوم تجد صعوبة في الحفاظ على دورها كمنصة حوسبة لامركزية.
وتتميز هذه البدائل بسرعات تنفيذ أعلى، وتكاليف أقل، وتجربة استخدام أفضل في التطبيقات الحساسة للزمن، كالألعاب والمدفوعات.
كما انتقدت الشركة ما سمّته بـ "الافتراس الداخلي"، حيث سلبت شبكات الطبقة الثانية من إيثريوم كثيرًا من القيمة التي كانت ترتبط بشبكتها الأساسية، دون وجود نموذج ربح واضح يدعم سعرها السوقي أو فائدتها العملية.
أزمة حوكمة وضعف التركيز
تختتم Two Prime تبريراتها بالحديث عن تراجع أداء الحوكمة داخل مجتمع إيثريوم، ووصفت هيكليته بـ "البيروقراطية"، وعقليته بـ "الجمود الإيديولوجي"، مع افتقار واضح إلى القدرة على التكيّف مع متطلبات السوق.
ويرى بلوم أن إيثريوم فضّلت الشعارات المثالية على تطوير المنتج ومواكبة المنافسة، بعكس بيتكوين التي تركّز على دور واحد واضح كـ "مخزن للقيمة"، مما يمنحها ثباتًا ووضوحًا.
وختم بقوله:
"المشكلة الحقيقية في إيثريوم وقيادتها، أنّ الجميع باتوا مدركين للحقيقة... باستثنائهم هم."
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
