مع تسارع تطور الذكاء الاصطناعي، يتغير مشهد سوق العمل بوتيرة غير مسبوقة. فهل هو مساعد ذكي يعزز الإنتاجية ويوفر وظائف جديدة، أم منافس خطير يهدد الوظائف التقليدية؟ بين الفرص والتحديات، يبقى السؤال الأهم: كيف نواكب هذا التحول دون أن نفقد دور الإنسان في سوق العمل؟
الذكاء الاصطناعي يدخل الحلبة: من يواكب ومن يتخلف؟
لم يعد خفيًا أن الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في سوق العمل، حاملاً معه فرصًا مذهلة وتحديات معقدة. فمن جهة، يعزز الذكاء الاصطناعي كفاءة القوى العاملة وجودتها، ويفتح الأبواب أمام وظائف جديدة مثل مهندسي بيانات الذكاء الاصطناعي، ومصممي التفاعل بين الإنسان والآلة، ومسؤولي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. لكن في الجهة المقابلة، يثير هذا التطور مخاوف بشأن الأمان الوظيفي، وتسريح العمالة، وتزايد فجوة الأجور.
أطلقت شركة وايتشيلد بالتعاون مع جوجل كلاود النسخة التاسعة من مؤشر مرونة العمل العالمي، وذلك خلال حدث حصري على هامش منتدى دافوس الاقتصادي. التقرير، الذي يستند إلى 10 سنوات من البيانات و70 مؤشرًا مختلفًا، يكشف كيف تتأقلم 118 دولة مع الصدمات الاقتصادية والتكنولوجية – وعلى رأسها المد الهائل للذكاء الاصطناعي. والنتيجة؟ بعض الدول مستعدة لركوب الموجة، بينما تجد أخرى نفسها عالقة على الشاطئ!
حدث الإطلاق حمل عنوان "التأثير التحويلي للذكاء الاصطناعي على الاقتصادات العالمية وأسواق العمل"، وأداره الفائز بجائزة نوبل السير كريستوفر بيساريدس إلى جانب آنا كويفونييمي من جوجل ديب مايند، بحضور 50 من كبار صناع القرار والرؤساء التنفيذيين والخبراء.
أما النتائج؟ الولايات المتحدة وسنغافورة في القمة، بفضل منظوماتهما القوية في ريادة الأعمال والابتكار. السويد ليست بعيدة، إذ عززت مرونتها بالاستثمار في التعليم والبحث والتطوير. أما المفاجأة؟ دول في جنوب آسيا والشرق الأوسط، مثل الهند والإمارات والسعودية، حققت قفزات كبيرة بفضل استثماراتها الذكية في الذكاء الاصطناعي.
👈 اقرأ المزيد: كل الأساسيات الواجب معرفتها حول الذكاء الاصطناعي واستثماراته
أمريكا في القمة.. والبقية تحاول اللحاق بالركب!
أكد مؤشر مرونة العمل العالمي (GLRI) أن الولايات المتحدة تتصدر عالم الذكاء الاصطناعي، حيث استحوذت على 60% من الاستثمارات في هذا المجال خلال العقد الماضي، وهي موطن لربع الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي عالميًا. السر؟ مزيج من الابتكار، الديناميكية الاقتصادية، والمرونة في خلق فرص العمل، مع تفوق ولايات مثل كاليفورنيا، ماساتشوستس، وواشنطن. لكن بينما تركض أمريكا بسرعة، هناك دول تتعثر، وأخرى تحاول اللحاق بها!
أيضا، يكشف التقرير عن ثلاثة نماذج للدول التي تتعامل مع تحديات الذكاء الاصطناعي بطرق مختلفة:
- المسار التقليدي – نموذج السويد، النرويج، وهولندا، حيث تعتمد الدول على شبكات أمان اجتماعي قوية، واستثمار كبير في التعليم والسياسات الاقتصادية المستقرة.
- المسار القائم على الذكاء الاصطناعي – تقوده الولايات المتحدة، ويركّز على ريادة الأعمال، البحث والتطوير، والمرونة التقنية.
- المسار المختلط – مثال سنغافورة، التي تجمع بين حوكمة قوية واستثمارات استراتيجية في الذكاء الاصطناعي.
هذا يعني أنه لم يعد هناك نموذج واحد يناسب الجميع، بل يجب أن تكون السياسات مرنة، مخصصة، ومدعومة بالبيانات!
الإمارات والسعودية تتقدمان بفضل التركيز على التكنولوجيا والانفتاح على الابتكار
- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: المنطقة تشهد نموًا قويًا في استثمارات الذكاء الاصطناعي، لكن لا تزال هناك فجوة كبيرة بين دول الخليج وباقي الدول. الإمارات والسعودية تتقدمان بفضل التركيز على التكنولوجيا، لكن التحديات لا تزال قائمة في التنظيم وريادة الأعمال.
- أوروبا: تحتل 6 دول أوروبية قائمة أكثر 10 اقتصادات مرونة عالميًا، لكن الفجوة بين الغرب والشرق واضحة. ألمانيا تتقدم بقوة، بينما تتراجع الدنمارك والنمسا عن المراكز العشرة الأولى.
- آسيا والمحيط الهادئ: مزيج من العمالقة مثل الصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية، التي تتصدر الابتكار، بينما تحاول اليابان وأستراليا اللحاق بالركب.
- أفريقيا جنوب الصحراء: رغم التحديات الهائلة، تمتلك المنطقة إمكانات ديموغرافية ضخمة بفضل نسبة الشباب العالية، لكن السياسات الاقتصادية لم تستطع حتى الآن الاستفادة منها بالشكل المطلوب.
دعوة للتحرك قبل فوات الأوان!
يؤكد التقرير أن التكنولوجيا لن تنتظر أحدًا، وأن الدول التي لا تستثمر في البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي ستواجه مخاطر التخلف عن الركب. والرسالة واضحة: إما أن تواكب الذكاء الاصطناعي... أو أن تراقب من بعيد بينما يتقدم الآخرون! 🚀
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
