تشهد سوق العملات الرقمية ضغوطًا متزايدة، وسط مخاوف من تراجع سعر البيتكوين BTC إلى ما دون القمة السابقة البالغة 73,800 دولار. ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع حاد في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، ما يعكس حالة من القلق في الأسواق المالية ويزيد من عزوف المستثمرين عن الأصول عالية المخاطر مثل العملات الرقمية.
هذا الارتفاع في العوائد يهدد بتفعيل موجات تصفية قسرية لصفقات الشراء البيتكوين، لا سيما في سوق العقود الدائمة ذات الرافعة المالية.
وتشير بيانات منصات التداول إلى أن مستويات 73,800–74,400 دولار تُعد مفصلية، إذ قد يؤدي كسرها إلى تصفية تلقائية للصفقات، ما يُفاقم الضغط السعري ويهدد باستمرار موجة الهبوط في الأمد القصير.
ارتفاع مقلق لعوائد سندات الخزانة الأمريكية
وقفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنحو 70 نقطة أساس ليصل إلى 4.5%، وسجّلت السندات لأجل 30 عامًا ارتفاعًا مماثلًا.
وبحسب بيانات منصة TradingView، فقد قفز مؤشر MOVE، الذي يقيس تقلبات أسعار سندات الخزانة خلال 30 يومًا، إلى 140 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2023.

مؤشر MOVE يقيس مدى تقلب الأسعار المتوقعة في سوق السندات الأمريكية خلال 30 يومًا (بناءً على خيارات العقود). ارتفاع هذا المؤشر يعني أن السوق تتوقع تقلبات كبيرة ومخاطر متزايدة في السندات، وهو ما يخلق "حالة قلق عام" بين المستثمرين.
ويُذكر أن العوائد تتحرك عكسيًا مع أسعار السندات، وغالبًا ما تنخفض في أوقات العزوف عن المخاطرة، حين يلجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة.
ويُرجّح محللون أن هذه الضغوط تأتي نتيجة تفكيك عمليات التحكيم في سوق السندات الأمريكية، وهو سيناريو شبيه بما حدث خلال انهيار الأسواق في عام 2020.
وتتمثل هذه العمليات، المعروفة باسم "صفقات الكاري"، في استغلال صناديق التحوط لفروقات طفيفة بين أسعار العقود الآجلة للسندات وأسعار الأوراق المالية الحكومية الفعلية.
تفكيك عمليات التحكيم يعني توقف استراتيجية استثمارية كانت تحقق أرباحًا من فروقات صغيرة في الأسعار بين أدوات مالية متشابهة.
في الأسواق، تستخدم صناديق التحوط ما يُعرف بـ"صفقات الكاري"، وهي طريقة تعتمد على شراء السندات الحكومية الفعلية وبيع العقود الآجلة المرتبطة بها، أو العكس، من أجل الاستفادة من فرق السعر بينهما.
لكن عندما ترتفع العوائد أو تصبح الأسواق شديدة التقلب، تتعرض هذه الاستراتيجية للخطر، ما يضطر المستثمرين إلى إغلاق تلك الصفقات بسرعة، وهو ما يُعرف بعملية "تفكيك التحكيم".
اقرأ أيضا : ارتفاع عوائد السندات الأمريكية... ما دلالاتها لمتداولي العملات الرقمية؟
مستويات تصفية القسرية لعقود البيتكوين BTC
وفي ظل هذه الأجواء، ارتفعت احتمالات تراجع البيتكوين إلى منطقة تتراوح بين 73,800 و74,400 دولار، وهي مستويات تعتبر حساسة للغاية بالنسبة للمتداولين الذين يحتفظون بصفقات شراء طويلة الأجل في سوق العقود الدائمة، إذ يواجهون خطر التصفية القسرية من قبل البورصات بسبب انخفاض الهامش.
بحسب بيانات شركة Hyblock Capital ، فإن موجات التصفية المحتملة قد تنطلق عند المستويات التالية: 73,800–74,400، ثم 69,800–70,000، وأخيرًا 66,100–67,700.
وفي حال كسر البيتكوين حاجز 70 ألف دولار، فقد يتراجع السعر بنحو 200 دولار إضافية، ما قد يدفع البورصات إلى تصفية المزيد من الصفقات ويُفَعّل أوامر وقف الخسارة للمستثمرين الأفراد.
أما من جهة الاتجاه الصاعد، فقد حددت الشركة مناطق تصفية محتملة لصفقات البيع القصيرة عند مستويات: 80,900–81,000، و85,500–86,700، و89,500–92,600.
النظرة المستقبلية: فرصة على المدى البعيد
رغم موجة الهبوط، يرى بعض المتداولين أن هذه التراجعات تخلق فرصًا استراتيجية على المدى الطويل.
المحلل رايان لي (Ryan Lee)، كبير المحللين في Bitget Research، اعتبر أن "الاستثمار المنتظم في بيتكوين بأسلوب متوسط التكلفة يمثل خيارًا حكيمًا في الوقت الراهن، مع إمكانية التوجه لاحقًا نحو العملات الرقمية البديلة مثل سولانا لتحقيق مكاسب أكبر لمن يتحمّلون مخاطر أعلى".
وفي هذا السياق، قال رايان لي: "رغم النظرة الحذرة في المدى القصير، فإن تراجع البيتكوين إلى نطاق 70,000–75,000 قد يشكّل فرصة للشراء على المدى الطويل".
وأضاف لي أن استقرار الأوضاع الاقتصادية أو صدور سياسات داعمة للعملات الرقمية قد يدفع سعر بيتكوين إلى بلوغ مستويات تتراوح بين 95,000 و100,000 دولار بحلول نهاية 2025، ما من شأنه أن يعيد القيمة السوقية إلى ما فوق 3 تريليونات دولار.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
